توقيت القاهرة المحلي 21:08:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أي دور لـ'المؤتمر' في اليمن!

  مصر اليوم -

أي دور لـالمؤتمر في اليمن

بقلم : خيرالله خيرالله

ينظّم حزب “المؤتمر الشعبي العام” الذي يتزعّمه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح تظاهرة كبيرة في صنعاء يوم الرابع والعشرين من الشهر الجاري بمناسبة مرور خمسة وثلاثين عاما على تأسيس الحزب.

كان التأسيس في العام 1982، أي بعد أربع سنوات من تولي علي عبدالله صالح الرئاسة في ظروف في غاية التعقيد تلت اغتيال إبراهيم الحمدي في خريف 1977 ثم تفجير خليفته أحمد حسين الغشمي في حزيران-يونيو1978. مع الوقت زادت الأمور تعقيدا. هناك حزب عليه أن يثبت الآن أنّه قادر على مواجهة تحديات من نوع جديد فرضها خروج علي عبدالله صالح من السلطة في الشهر الثاني من العام 2012 وهيمنة “أنصار الله” على صنعاء منذ أيلول-سبتمبر 2014.

كان الحزب الذي أسّسه علي عبدالله صالح، وهو في السلطة، وسيلة لاختزال كلّ الأحزاب في حزب واحد. جمع بين التعددية ونظام الحزب الواحد، إذ كان”المؤتمر” يضمّ في مرحلة التأسيس يساريين ويمينيين وليبراليين وقبليين وبعثيين وإسلاميين…

لا يزال “المؤتمر”، على الرغم من كلّ التغييرات التي شهدها اليمن، موجودا بقوة وجزءا لا يتجزّأ من المعادلة الداخلية. هذا يدلّ على أنّه حزب حقيقي يمتلك قاعدة شعبية وليس مرتبطا فقط بوجود علي عبدالله صالح في السلطة.

المهمّ الآن أن التظاهرة المتوقعة في صنعاء ستكون ضخمة وإن في أجواء يسودها التوتّر. ستجري التظاهرة في مدينة يتنافس عليها “المؤتمر” و”أنصار الله”، علما أن لا مصلحة لأي من الجانبين، إلى إشعار آخر، في مواجهة مع الآخر ما دام الوضع اليمني على حاله. لن يذهب “أنصار الله” (الحوثيون) بعيدا جدا في إظهار تضايقهم من الشعبية الكبيرة التي لا يزال علي عبدالله صالح يتمتّع بها. ستكون هناك تحرّشات بـ”المؤتمر” وقيادييه وتهديدات لبعضهم، لكنّه من المستبعد أن تكون هناك مواجهة واسعة في الوقت الحاضر نظرا إلى أن الحوثيين أذكى مما يعتقد بكثير ولديهم من يوجّههم من خارج اليمن، أي من طهران تحديدا.

المفارقة أنّه بعد خمسة وثلاثين عاما على تأسيس “المؤتمر الشعبي”، يتبيّن أن ما كان حزبا يضمّ أشخاصا لا يجمع بينهم شيء يذكر، ما زال متماسكا إلى حدّ ما وإن في دائرة جغرافية يمنية معيّنة هي الوسط والشمال. صحيح أن شخصيات عدّة تركت “المؤتمر” واختارت إمّا البقاء خارج اليمن أو الانضمام إلى “الشرعية” التي يمثّلها رئيس انتقالي اسمه عبدربّه منصور هادي، الذي أقصى ما يستطيعه هو القيام بزيارة قصيرة لعدن، لكن الصحيح أيضا أنّه لا تزال هناك قيادات “مؤتمرية” لها وزنها. هذه القيادات قادرة على أن تلعب دورا في وقت تغيّر فيه اليمن على نحو جذري. لم يتغيّر بسبب خروج علي عبدالله صالح من السلطة فحسب، بل لأنّ صنعاء لم تعد المركز الذي تدار منه اليمن بعد انتقال الصراع إلى داخل أسوارها في اليوم الذي انقلب فيه الإخوان المسلمون على الرئيس السابق ثمّ حاولوا اغتياله في الثالث من حزيزان-يونيو 2011 في مسجد يقع ضمن حرم دار الرئاسة في صنعاء.

هل يغير صالح اتجاه اللعبة
من حزب يطمح إلى الانتشار في اليمن كلّه، خصوصا في مرحلة ما بعد الوحدة التي شهدت الإعلان عن دستور يحترم التعددية الحزبية، إلى حزب عليه أن يثبت وجوده في صنعاء والمناطق المحيطة بها. هذه حال “المؤتمر الشعبي العام” في هذه الأيّام.

كانت محاولة الاغتيال التي استهدفت النائب بسّام علي حسن الشاطر قبل أيّام في مغربة في مديرية مناخة التابعة لمحافظة صنعاء دليلا على نوع التحديات التي تواجه “المؤتمر”. فبسّام الشاطر عضو اللجنة الدائمة فيه، إضافة إلى أنه عضو في مجلس النواب عن “المؤتمر”.

لن تحول جرائم من هذا النوع دون التظاهرة التي سينظمّها ما كان يعرف في الماضي بـ”الحزب الحاكم” في اليمن. يمكن الجزم بأنّه ستكون هناك تظاهرة ضخمة وإن في ظلّ توتر. ثمّ ماذا؟ كيف توظّف هذه التظاهرة في خدمة مشروع وطني لليمن في وقت ليس لدى الحوثيين (أنصار الله) ما يقدمّونه لا سياسيا ولا اقتصاديا ولا حضاريا. ليس لديهم أيّ حلّ لأيّ مشكلة مطروحة. كيف يمكن البحث عن حلّ سياسي ما داموا يرفضون تسليم السلاح، حتّى في حال توفير ضمانات لهم.

من الطبيعي أن يطرح علي عبدالله صالح في الخطاب الذي سيلقيه في الرابع والعشرين من الشهر الجاري حلولا واقعية وليس شعارات. ليس أسهل من الشعارات التي تلهب الجماهير. ولكن ما العمل في اليوم التالي؟

ليس سرّا أن “عاصفة الحزم” كسرت المشروع الإيراني في اليمن. انكفأ “أنصار الله” إلى شمال الشمال. ليسوا في قسم من تعز إلّا بفضل التسهيلات التي قدّمها لهم الحلف القائم مع علي عبدالله صالح الذي عليه بدوره رفض السقوط في الفخّ الحوثي. والفخّ الحوثي يعني أوّل ما يعني الرهان على أن لا حلّ عسكريا في اليمن وعلى أنّ لا أحد يستطيع دخول صنعاء في ظل موازين القوى القائمة.

ما الذي يمكن طرحه لمستقبل اليمن؟ يبدو أن على “المؤتمر الشعبي” الإجابة عن هذا السؤال عاجلا أم آجلا. هل يمكن مساعدته في ذلك؟ الجواب أن عليه مساعدة نفسه أوّلا واعتماد خطاب سياسي بعيد عن أيّ تشنّج من أيّ نوع. كذلك، يفترض في “المؤتمر” تمييز نفسه عن “أنصار الله” من دون أن يعني ذلك الدخول في مواجهة معهم. مثل هذه المواجهة لا تقدّم ولا تؤخّر، إضافة إلى أنها قرار غير واقعي وغير شعبي، وهي أيضا قرار مكلف. كيف يميّز نفسه؟ يكون ذلك باعتماد خطاب واقعي يستند إلى برنامج سياسي يأخذ في الاعتبار أن اليمن الذي عرفناه صار من الماضي.

هناك إفلاس سياسي لدى الحوثيين الذين ليس لديهم ما يطرحونه سوى الشعارات الفارغة التي لا تطعم اليمنيين خبزا في بلد تنتشر فيه كلّ أنواع الأوبئة فيما قسم من المواطنين يبحث عمّا يأكله في أكوام الزبالة. على الرغم من ذلك كلّه، لا مفرّ من الاعتراف بأنّ الحوثيين جزء من التركيبة اليمنية وأن ليس في الإمكان شطبهم منها على أنهّم لم يقدّموا منذ سيطرتهم على صنعاء شيئا للمدينة وأهلها باستثناء البؤس والجوع والاعتداء على أملاك الناس وقطع أرزاقهم. ليست “الشرعية” التي لا تمتلك أيّ مشروع من أيّ نوع في وضع أفضل من الحوثيين بوجود عبدربّه منصور هادي الذي لا همّ له سوى ارتداء بذلة علي عبدالله صالح وتقليده في تصرّفاته وقت لم تعد من بذلة ولا من ظروف تسمح له بذلك.

لن يكون ما يطرحه “المؤتمر” قابلا للتحقيق سريعا في ظل المعارضة الحوثية وغياب أيّ شرعية حقيقية لـ”الشرعية”. لكن عليه خوض التحدي والتعاطي مع الواقع وطرح حلول معقولة انطلاقا من وضع ميناء الحديدة تحت إشراف دولي أو إعادة تشغيل مطار صنعاء في ظلّ ضمانات معيّنة. قد يكون تشكيل حكومة وحدة وطنية الطريق الأقرب إلى ذلك.

من المفترض طرح حلول ومخارج حتّى لو كان الحوثيون الرافضون لرمي السلاح ضدّها. لا بدّ من المجازفة بعدما تجاوز اليمن مرحلة الصوملة التي كان يخشى أهله في الماضي بلوغها. هل من دور لـ”المؤتمر” في هذا الإطار وفي هذا السياق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أي دور لـالمؤتمر في اليمن أي دور لـالمؤتمر في اليمن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon