توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان يتنفّس... هل يمكن إعادة تركيبه؟

  مصر اليوم -

لبنان يتنفّس هل يمكن إعادة تركيبه

بقلم: خير الله خير الله

لا يزال لبنان يتنفّس. الدليل على ذلك الزحمة التي تشهدها بيروت والمناطق اللبنانيّة هذه الأيام. يتنفّس لبنان بالكاد... لكنّه يتنفّس، على الرغم من كلّ ما مرّ به في السنوات الأخيرة وانتقاله من احتلال إلى آخر.

يبقى السؤال: هل يمكن إعادة تركيب لبنان وهل ذلك مسموح به ؟

لا مفرّ من الإقرار بأن تعرّض بلد مثل لبنان لما تعرّض له منذ العام 1969، تاريخ توقيع «اتفاق القاهرة» المشؤوم وبقاءه على قيد الحياة في السنة 2023، يدخل في باب المعجزات. الأمر معجزة، خصوصاً أن الجهة التي تتحكّم بلبنان غير مهتمّة لا بمصيره ولا بمصير اهله.

في سنوات قليلة، خسر لبنان كلّ مقومات وجوده. صار بلداً يُحظر فيه التحقيق في جريمة في حجم تفجير مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020. كان ميشال عون، رئيس الجمهوريّة في حينه، يريد تحقيقاً سريعاً يكشف الحقيقة.

تبيّن أن المطلوب منه دفن التحقيق، ومعه لبنان، في ضوء رغبات «حزب الله» الذي كان يستخدم نيترات الأمونيوم المودعة في احد عنابر المرفأ لأغراض خاصة به... في الداخل السوري !

في منطقة، تفجرت فيها، من داخل، دول عدة من الجائز التساؤل هل يمكن إعادة تركيب لبنان وفي ظلّ أي صيغة يمكن ذلك؟ السؤال، الذي لا جواب عنه، اكثر من منطقي في حال نظرنا إلى مصير دول عربيّة عدة. من بين هذه الدول سورية والعراق وليبيا واليمن والسودان.

هناك خمس دول عربيّة بات مصيرها في مهبّ الريح. يضاف لبنان إلى الدول الخمس، مع فارق أنّ اهله ما زالوا يقاومون السقوط النهائي تحت الاحتلال الإيراني.

يصرّ الاحتلال الإيراني على التحكّم بكلّ شاردة وواردة في لبنان. في المقابل، يصرّ قسم لا بأس به من اللبنانيين على المقاومة. يؤكّد ذلك على سبيل المثال توريث الزعيم وليد جنبلاط، لنجله تيمور رئاسة الحزب الاشتراكي، الذي هو جزء لا يتجزأ من عدّة الشغل لدى سيّد المختارة.

التوريث، في هذه الظروف بالذات، فعل مقاومة ورفض لزوال الدور الدرزي في لبنان. إنّه فعل مقاومة بغض النظر عن الشعارات البالية التي يرفعها جنبلاط الأب بين حين وآخر.

من بين هذه الشعارات المضحكة ذلك الذي يهاجم فيه «اتفاق 17 أيّار» للعام 1983 الذي سيكون صعباً على لبنان الحصول على افضل منه بعد 40 سنة من توقيعه !

ليس الدروز وحدهم الذين يقاومون في ظلّ الضياع السنّي والانقسامات المسيحّية التي لا شفاء منها في المدى المنظور، خصوصاً في ظلّ وجود مسيحيين مرضى عقلياً. ما زال هؤلاء يرفضون الاعتراف بأنّ الثنائي ميشال عون - جبران باسيل لم يكن يوماً سوى أداة استخدمها «حزب الله» في عملية تدمير ممنهجة للمجتمع وللمسيحيين تحديداً ولما بقي من مؤسسات الدولة اللبنانيّة.

لا يزال لبنان يتنفس على الرغم من وجود نسبة تزيد على ستين في المئة من مواطنيه تحت خط الفقر. يقاوم كلّ لبناني يمتلك حدّاً أدنى من الوطنيّة على طريقته.

الدروز يقاومون على طريقتهم. السنّة يقاومون بأكثريتهم الساحقة على الرغم من غياب رأس للطائفة. كذلك يفعل المسيحيون فيما توجد اقلية شيعية ما زالت تؤكّد أن الحزب لم ينجح كلّياً بعد في تغيير طبيعة الطائفة والمجتمع الشيعي.

سيتوقف الكثير على ما إذا كان الوضع الإقليمي سيتغيّر في المدى المنظور. ليس ما يشير إلى ذلك في ضوء نجاح «الجمهوريّة الإسلاميّة» في الفصل بين مسار العلاقة بينها وبين المملكة العربيّة السعوديّة من جهة وسلوكها في العراق وسورية ولبنان، واليمن، إلى حدّ ما، من جهة أخرى.

يظلّ لبنان بالنسبة إلى ايران ورقة مؤجلة في انتظار الوقت المناسب لاستخدامها في صفقة مع «الشيطان الأكبر» ليس مستبعداً حصولها في المدى القريب بعد زوال عقبات كثيرة تقف في وجهها. هل يمكن أن يستفيد لبنان من مثل هذه الصفقة التي تُطبخ على نار هادئة في سلطنة عُمان وغيرها؟ الجواب أن ذلك مستبعد إلى حد كبير، خصوصاً أن لبنان لم يعد همّاً اميركياً منذ فترة طويلة.

ليس امام اللبنانيين غير خيار الصمود على الرغم من أن الظروف الإقليميّة لا تعمل لمصلحتهم.

يفترض بهم الصمود ولكن من دون أوهام من نوع وهم أن النظام السوري يمكن أن يقبل بعودة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم التي هجروا منها.

لا وجود لعودة اللاجئين، وهم في اكثريتهم من السنّة، ما دام النظام الأقلوّي قائماً وما دام الهمّ الأوّل لإيران وادواتها تغيير طبيعة التركيبة الديموغرافية لسورية.

يتمثّل كلّ ما يريده النظام السوري في الوقت الحاضر في السعي إلى المتاجرة في قضية اللاجئين عن طريق الادعاء أنّه في حاجة إلى مساعدات من أجل إعادة تأهيل المناطق التي هجروا منها عن سابق تصورّ وتصميم ولأغراض أكثر من معروفة.

يقاوم اللبنانيون في ظروف في غاية الصعوبة والتعقيد. لا تعي أكثرية اللبنانيين ماهية هذه الصعوبات ومدى تعقيدها. لكنّ لا خيار آخر امام هذه الأكثريّة سوى المقاومة.

رفض مرشّح «حزب الله» لرئاسة الجمهوريّة فعل مقاومة، تماماً مثل عودة آلاف اللبنانيين لتمضية جزء من الصيف في لبنان. لن ينعش هؤلاء الاقتصاد ولن يعيدوا الحياة إلى النظام المصرفي الذي مات وشبع موتاً.

لكنّ مجيئهم يظلّ افضل من لا شيء في بلد يتجه نحو مزيد من الفراغ على كلّ صعيد في غياب أي رغبة أوروبيّة أو اميركيّة أو عربيّة في القيام بأي مبادرة تستهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

هل لا يزال ممكناً الكلام عن معجزة لبنانيّة. نعم، لا يزال ذلك ممكناً على الرغم من أنّ العجز عن انتخاب رئيس للجمهوريّة يشير إلى أن لا حدود للانهيار اللبناني وللمدى الذي يمكن أن يصل إليه هذا الانهيار...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان يتنفّس هل يمكن إعادة تركيبه لبنان يتنفّس هل يمكن إعادة تركيبه



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon