توقيت القاهرة المحلي 02:20:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إدارة ترامب والكلام الجميل عن إيران

  مصر اليوم -

إدارة ترامب والكلام الجميل عن إيران

بقلم : خير الله خير الله

 إذا كان هناك من إيجابية للعام 2017، فإن هذه الإيجابية تتمثّل في تفريق الولايات المتحدة بين الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني من جهة والنشاطات الإيرانية ذات الطابع “الإرهابي” في المنطقة من جهة أخرى. هذه نشاطات تستند أساسا إلى المشروع التوسّعي لإيران القائم على الاستثمار في الغرائز المذهبية إلى أبعد حدود.

قالت الولايات المتحدة كلمة لا لاستخدام إيران الاتفاق في شأن ملفّها النووي من أجل تغطية ما تقوم به من دون حسيب أو رقيب. على العكس من ذلك، بدأت أميركا تفهم تماما ما الذي تركّز عليه الاستراتيجية الإيرانية التي تستند أوّل ما تستند على ذرّ الرماد في العيون بغية تغطية حقيقة ما تقوم به.

كانت نيكي هايلي مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة آخر من تحدث، من بين مسؤولي الإدارة، عن خطورة ما تقوم به إيران. ركّزت بشكل خاص على صواريخ باليستية إيرانية أطلقها الحوثيون (أنصار الله) من الأراضي اليمنية في اتجاه الأراضي السعودية. أحد هذه الصواريخ استهدف مطار الملك خالد في الرياض، مع ما يعنيه ذلك من رغبة إيرانية في قتل مدنيين في السعودية.

ولم تتردّد المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة في الإشارة إلى هذه النقطة بكل وضوح مستندة إلى نتائج تحقيقات لخبراء دوليين. لم تتجاهل أيضا النشاطات الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان. خلصت إلى ضرورة تشكيل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ إيران ووضع حدّ لنشاطاتها التي تشكل أكبر خطر على استقرار المنطقة.

يمكن اختصار المؤتمر الصحافي لهايلي بعبارة قالتها جاء فيها “علينا إن نوصل رسالة إلى طهران بأنّ الكيل طفح”.

إذا أضفنا كلام المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة إلى ما صدر عن مسؤولين آخرين، في مقدّمهم الرئيس دونالد ترامب، وذلك منذ دخول الأخير البيت الأبيض، وحتّى في أثناء حملته الانتخابية، نجد أنّنا أمام إدارة جديدة تريد تمييز نفسها عن إدارة أوباما.

المؤسف أن لا ترجمة على أرض الواقع للكلام الأميركي الذي يبقى، إلى إشعار آخر، مجرّد كلام جميل. لم يطرأ أيّ تغيير على سير المشروع التوسّعي الإيراني وتقدّمه، لا في العراق ولا في سوريا ولا في لبنان ولا في اليمن ولا في البحرين حيث يستمرّ التحريض المذهبي من أجل قلب نظام الحكم وتحويل البحرين إلى محافظة إيرانية.

هناك تنظير أميركي. يظهر هذا التنظير أن الإدارة الحالية تعرف تماما ما هي إيران وذلك منذ أقام آية الله الخميني “الجمهورية الإسلامية” مستندا إلى نظرية “ولاية الفقيه”. استطاع ترامب القيام بجردة حساب للنشاطات الإيرانية وذلك منذ احتلال “طلّاب” السفارة الأميركية في طهران في نوفمبر من العام 1979 واحتجاز دبلوماسييها طوال أربعمئة وأربعة وأربعين يوما، مرورا بتفجير مقرّ “المارينز″ في بيروت في الثالث والعشرين من أكتوبر 1983.

فتحت إدارة ترامب كلّ الملفّات الإيرانية، لكنهّا لم تغلقّ أيّا منها. ما زالت هذه الملفات مفتوحة في كلّ بلد عربي تقريبا. تمدّدت إيران في كلّ الاتجاهات، من المحيط إلى الخليج وفي مناطق غير عربية مثل الجمهوريات الإسلامية التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي في الماضي وفي أفغانستان.

ما الذي تفعله إيران في لبنان على سبيل المثال غير استخدام “حزب الله” في تدمير مؤسسات الدولة اللبنانية، أو ما بقي منها؟ إنّها تعمل على نشر البؤس واستكمال تغيير طبيعة الطائفة الشيعية في البلد بعيدا كلّ البعد عن الولاء للبنان كوطن يجمع بين كلّ أبنائه بغض النظر عن الدين والطائفة والمذهب.

ماذا عن سوريا؟ ما الذي تفعله إيران في سوريا غير السعي إلى تدمير المدن السنّية الكبيرة الواحدة تلو الأخرى وتنفيذ عمليات تبادل للسكّان وشراء للأراضي بغية تطويق دمشق من كلّ الجهات.

وفّر الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003 انطلاقة ثانية للمشروع التوسّعي الإيراني. من يستخفّ بمدى إمساك إيران بالورقة العراقية هذه الأيّام، إنّما يضحك على نفسه لا أكثر. استطاعت إيران منذ العام 2003 وإلى اليوم تغيير طبيعة المدن العراقية والتركيبة السكّانية للعراق. من يشكّ في ذلك يستطيع أن يطرح على نفسه سؤالا في غاية البساطة. ما وضع بغداد اليوم؟ ما وضع الموصل؟ وفي حال المطلوب الذهاب إلى أبعد من ذلك، يصحّ التساؤل هل من منافس لـ”الحشد الشعبي” في العراق؟

يمسك “الحشد الشعبي” بالقرار العراقي السياسي والعسكري بكل تلابيبه. صار “الحشد” الذي يتألّف من ميليشيات مذهبية تابعة لـ”الحرس الثوري” في إيران الحاكم الفعلي للعراق. كلّ ما عدا ذلك تفاصيل ودخول في نقاشات عقيمة لا فائدة تذكر منها.

لا حاجة بالطبع إلى الذهاب إلى اليمن وإلى عملية اغتيال علي عبدالله صالح قبل نحو أسبوعين للتأكّد من أن إيران أرادت، عبر الحوثيين (أنصار الله) تصفية حساب قديم مع الرئيس اليمني السابق الذي دعم صدّام حسين في الحرب العراقية – الإيرانية بين 1980 و1988. لم تكن تصفية علي عبدالله صالح سوى تأكيد لوجود مخطط إيراني ذي بعد إقليمي، يشكّل اليمن إحدى ركائزه. أرادت إيران أن توجه رسالة إلى اليمنيين فحواها أنّ هذا مصير كلّ دعم صدّام حسين في مرحلة ما، غيّر سلوكه لاحقا أم لم يغيّره.

لم تفعل إدارة ترامب شيئا يذكر، أقلّه إلى الآن، من أجل الانتقال من التنظير إلى الأفعال. لعلّ الدليل الأوّل على ذلك ترك معبر البوكمال بين سوريا والعراق تحت سيطرة الإيرانيين.

في النهاية، ستوفّر السنة 2018 فرصة كي تظهر إدارة ترامب هل هي جدّية في تعاطيها مع المشروع التوسّعي الإيراني أم أن كلّ همها سيظلّ محصورا في استرضاء إسرائيل وذلك لأسباب داخلية أميركية.

هناك أماكن عدّة يمكن البدء منها في حال كان مطلوبا التصدّي لإيران. تبقى سوريا أحد هذه الأماكن، بل أبرزها. عاجلا أم آجلا، سيتبيّن هل من فائدة تذكر من الكلام الأميركي الكبير عن إيران؟ ماذا عن الأفعال؟ هناك شعب سوري يتعرّض لحرب إبادة. الأرقام مخيفة. يكفي عدد القتلى وعدد النازحين لإعطاء فكرة عن حجم المأساة السورية، التي تمثل إيران جزءا منها، والتي تجاهلها باراك أوباما ويتجاهلها دونالد ترامب.

إنّها مأساة تخيف كلّ أبناء المنطقة ولكن يبدو أنّها لا تخيف أميركا – دونالد ترامب مثلما لم تخف أميركا – باراك أوباما الذي لم يذهب إلى حدّ الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. فعل من دون أن يضع فعلته في سياق تسوية سياسية فيها بعض العدالة. تسوية تأخذ في الاعتبار أن القدس الشرقية أرض محتلّة في العام 1967 وأن من حقّ الفلسطينيين أن يكونوا فيها وأن يتخذوا منها عاصمة لدولة قد ترى النور في يوم من الأيّام وتضع الشعب الفلسطيني على الخارطة الجغرافية للشرق الأوسط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدارة ترامب والكلام الجميل عن إيران إدارة ترامب والكلام الجميل عن إيران



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon