توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب الاستقلال الثانية في العراق

  مصر اليوم -

حرب الاستقلال الثانية في العراق

بقلم - خيرالله خيرالله

يخوض العراق حرب الاستقلال، التي سبق له وخاضها في العام 1980، عندما دخل مواجهة استمرّت ثماني سنوات مع «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران.

في أساس تلك الحرب، التي اخطأ صدّام حسين في خوضها بالطريقة التي فعلها، رغبة إيرانيّة في وضع اليد على العراق من منطلق مذهبي.

بعد كل هذه السنوات، لابدّ من العودة إلى السؤال ذاته الذي طرح نفسه في العام 1980: هل العراق ملحق بإيران أم لا؟ هل المرجعيّة الشيعيّة العليا موجودة في النجف أم قمّ؟

سيتقرّر ذلك نتيجة حرب الاستقلال الجديدة التي فرضت على الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في ضوء إعلان المرجع الشيعي المقيم في النجف كاظم الحائري، ولاءه للوليّ الفقيه في إيران، أي لعلي خامنئي.

في الوقت ذاته وفي سياق إعلان الحائري عن استقالته من كلّ مواقعه، شكّك في أهلية الصدر كرجل دين مؤهل لأن يكون مرجعية.

دفع ذلك الصدر إلى القول في تغريدة الاعتزال «يظن الكثيرون بمن فيهم السيد الحائري أن هذه القيادة جاءت بفضلهم أو بأمرهم، كلا، إن ذلك بفضل ربي أولاً ومن فيوضات السيد الوالد قدس سره الذي لم يتخل عن العراق وشعبه».

أضاف: «على رغم استقالته (استقالة الحائري)، فإن النجف الأشرف هي المقر الأكبر للمرجعية كما هو الحال دوماً، وإنني لم أدع يوماً العصمة أو الاجتهاد ولا حتى القيادة إنما أنا آمرٌ بالمعروف وناهٍ عن المنكر ولله عاقبة الأمور».

زاد: «وما أردتُ إلا أن أقوّم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية باعتبارها الأغلبية وما أردتُ إلا أن أقربهم الى شعبهم وأن يشعروا بمعاناته عسى أن يكون باباً لرضا الله عنهم... وأنّى لهم هذا، وعلى الرغم من تصوري أن اعتزال المرجع (الحائري) لم يكن من محض إرادته... وما صدر من بيان عنه كان كذلك أيضاً... إلا انني، بعدما كنت قد قررت عدم التدخل في الشؤون السياسية، فإنني الآن أعلن الاعتزال النهائي وغلق كافة المؤسسات إلا المرقد الشريف والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر الكرام».

في كلام الصدر إيحاءات كثيرة من بينها اتهام إيران بأنّها وراء الحائري والهجوم الذي شنّه عليه. لكن العبارة الأهمّ تتعلّق بالنجف ودورها وكونها «المقرّ الأكبر للمرجعية كما هو الحال دوماً».

ليس نزول أنصار الصدر إلى الشارع في بغداد وأماكن أخرى حدثاً عادياً.

اعتبر نفسه غير مسؤول عن تصرفات هؤلاء الذين سارعوا إلى اقتحام «القصر الجمهوري» وكان عليهم مواجهة الميليشيات الإيرانية في بغداد، أي «الحشد الشعبي» الذي ليس سوى أداة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.

لم يخف الحائري في البيان الذي أعلن فيه اعتزاله وولاءه لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة».

قال صراحة: «أوّلاً: على جميع المؤمنين إطاعة الوليّ قائد الثورة الإسلاميّة سماحة‌ آية الله العظمى السيّد عليّ الخامنئي (دام ظلّه)، فإنّ سماحته هو الأجدر والأكفأ على قيادة الأُمّة وإدارة الصراع مع قوى الظلم والاستكبار في هذه الظروف التي تكالبت فيها قوى الكفر والشرّ ضدّ الإسلام المحمّدي الأصيل.

ثانياً: اُوصي أبنائي في عراقنا الحبيب بما يلي:

أ - الحفاظ على الوحدة والانسجام في ما بينهم وعدم التفرقة، وألّا يفسحوا في المجال للاستعمار والصهيونيّة وعملائهما بإشعال نار الفتنة والتناحر بين المؤمنين (...).

ب - تحرير العراق من أيّ احتلال أجنبي ومن أيّ تواجد لأيّة قوّة أمنية أو عسكريّة، خصوصاً القوّات الأميركية التي جثمت على صدر عراقنا الجريح بحجج مختلفة (...)».

لم يكن ينقص الحائري سوى الإعلان رسميّاً عن ضرورة أن يكون العراق جزءاً من «الجمهوريّة الإسلاميّة»، حيث الحاكم بأمره «المرشد» خامنئي.

يمثل ما صدر عنه الموقف الحقيقي لإيران من العراق ونظرتها إليه بعد تحقيقها في العام 2003، بفضل إدارة جورج بوش الابن، ما عجزت عن تحقيقه في حرب السنوات الثماني التي انتهت في العام 1988 بشبه هزيمة إيرانيّة.

هل لا يزال ما يمكن أن يحول دون حرب أهليّة في العراق؟

تصعب الإجابة عن هذا السؤال في ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة والعالم.

في مقدّمها اقتراب «الجمهوريّة الاسلاميّة» من توقيع صفقة مع «الشيطان الأكبر» الأميركي الذي سلمها العراق على صحن من فضّة.

تبدو إيران مستعدة للذهاب بعيداً من أجل منع العراق من الإفلات منها مجدداً.

هذا ما يفسّر موقف الحائري وإعلانه صراحة وضع نفسه في تصرّف «الوليّ الفقيه».

يشكل كلام الحائري، وهو من أصول إيرانيّة (من شيراز تحديداً)، تتمة للتسريبات التي صدرت قبل فترة قصيرة عن نوري المالكي رئيس الوزراء السابق الذي لم يخف ولاءه لـ«الحرس الثوري» وضرورة نقل هذه التجربة الإيرانيّة إلى العراق.

ما يحصل في العراق، حيث عمت الفوضى البلد وحيث لم يعد من مؤسسات سوى حكومة مصطفى الكاظمي وقوات مسلّحة تتعاطى مع الوضع في غاية الحذر، تتويج لأزمة نظام لم يعد قابلاً للحياة.

تجاوزت الأزمة النظام إلى ما هو أبعد من ذلك. المطروح حاليا مصير العراق في وقت تبدو الادارة الأميركيّة التي تسببت بقيام النظام الحالي بعيدة جدا عن كلّ ما له علاقة بالعراق.

يبدو العراقيون على عتبة حرب جديدة مع إيران لتأكيد أنّ بلدهم لا يزال قابلاً للحياة من جهة وأنّه مستقلّ عن إيران من جهة أخرى.

إنّها بالفعل أيّام مصيريّة على صعيد العراق كلّه، بل أيّام مصيريّة على الصعيد المذهبي أيضاً... هل المرجعية الشيعيّة العليا في النجف أم في قم؟

ليس معروفاً ما الذي سيفعله الصدر، لكنّ الواضح أنّه يعد نفسه لخوض معركة كبيرة على صعيد العراق.

هل لديه المؤهلات التي ستسمح له بخوض هذه المعركة؟ سيكون مهماً معرفة ما الذي سيفعله الشعب العراقي، خصوصاً المجموعات المستقلة عن الأحزاب السياسية التي كانت وراء التحرّك الشعبي في أكتوبر 2019؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب الاستقلال الثانية في العراق حرب الاستقلال الثانية في العراق



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon