توقيت القاهرة المحلي 12:55:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جيمي كارتر... قصة نجاح وقصة فشل

  مصر اليوم -

جيمي كارتر قصة نجاح وقصة فشل

بقلم : خيرالله خيرالله

أي جيمي كارتر سيذكره التاريخ... كارتر الذي ارتبط اسمه بالسلام بين مصر وإسرائيل؟ أم كارتر التراجع الأميركي أمام «الجمهورية الإسلامية» في إيران التي سجلت في عهده أول انتصار من سلسلة انتصارات على الولايات المتحدة؟

توجد قصة نجاح لكارتر وتوجد قصة فشل لرئيس أميركي عرف كيف يكرس نفسه للسلام في هذا العالم طوال السنوات الـ44 التي تلت خروجه من البيت الأبيض.

حقق الرئيس جيمي كارتر الذي أمضى ولاية واحدة من أربع سنوات (1977 و1978 و1979 و1980) في البيت الأبيض الكثير على صعيد الشرق الأوسط. لعب دوراً محورياً في التوصل إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وهي أول معاهدة سلام بين دولة عربية والدولة العبرية.

لم يكن الأمر متعلقاً بأي دولة عربية، بل بمصر، كبرى الدول العربية التي قدمت أكبر عدد من الضحايا من أجل فلسطين وبذلت الرخيص والغالي من أجلها.

لا يمكن تجاهل دور كارتر، الذي توفي عن مئة عام، في مجال تحقيق هذا الاختراق الذي كان بطله الحقيقي أنور السادات. عرف السادات كيف يوظف حرب تشرين، أو حرب أكتوبر 1973، في مشروع سياسي صب في مصلحة مصر بدل متابعة المتاجرة بالقضية الفلسطينية، كما فعل حافظ الأسد شريكه في تلك الحرب.

أكثر من ذلك، سعى السادات إلى مساعدة الفلسطينيين من دون نتيجة تذكر بعدما فضل ياسر عرفات البقاء في أسر حافظ الأسد بسبب تمسكه بالبقاء عسكرياً في لبنان وفي زواريب بيروت ودهاليزها.

حمى كارتر، أنور السادات منذ اتخذ قراره بالذهاب إلى الكنسيت الإسرائيلي والقاء خطاب دعا فيه إلى السلام، «سلام الشجعان وليس سلام المغلوب على امرهم». كان ذلك في نوفمبر 1977.

بين خطاب الرئيس المصري الراحل في الكنيست وتوقيع معاهدة السلام في مارس 1979، تولى الرئيس الأميركي انقاذ عملية السلام الهشة التي باشرها الرئيس المصري، وهي عملية كانت إسرائيل تبحث عن عذر للخروج منها وتفادي الانسحاب من سيناء.

لا يمكن تجاهل أن إسرائيل كانت تعيش في ظل حكومة يمينية على رأسها مناحيم بيغن الذي لم يكن متحمساً للسلام مع مصر ولا لتقديم أي تنازلات في الضفة الغربية لمصلحة الفلسطينيين.

ساعد الموقف العربي، والفلسطيني تحديداً، من السادات في وضع قضية الضفة الغربية جانباً وتحرير مصر من التزاماتها حيال الفلسطينيين.

أحرجت إسرائيل، مصر في مرحلة ما بعد زيارة السادات للقدس. لكن كارتر استطاع إنقاذ عملية السلام في مؤتمر كامب ديفيد الذي انعقد في سبتمبر 1978.

في كامب ديفيد فاوض الرئيس الأميركي باسم مصر بعدما أبلغه السادات أنه يقبل بما يقبل به.

كان كارتر منصفاً. كان يعرف أن مصر لا تستطيع توقيع معاهدة سلام من دون استعادة أراضيها المحتلة في حرب 1967.

ساعده في ذلك وجود الوزيرين موشي دايان وعيزرا وايزمان إلى جانب بيغن.

كان ديان ووايزمان يعرفان البعد التاريخي لتوقيع معاهدة سلام مصرية - إسرائيلية ومعنى ذلك إقليمياً. وقعت معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية بعد ستة أشهر من مؤتمر كامب ديفيد الذي انتهى باتفاقين وقعهما السادات وبيغن برعاية كارتر.

يتعلق الأول بالعلاقات بين مصر وإسرائيل، وقد نفذ بالفعل، والآخر بالحكم الذاتي للفلسطينيين وقد بقي حبرا على ورق.

نجح كارتر مصرياً وشرق أوسطياً وفشل إيرانياً. لم يدرك في أي لحظة عمق التغيير الذي ستشهده إيران في العام 1979 والذي سيغير التوازن الإقليمي في المنطقة في اتجاه مزيد من الاضطرابات التي في أساسها ترويج الزعيم الإيراني آية الله الخميني، بعد قلبه نظام الشاه، على «تصدير الثورة»... بدءاً بالعراق.

فشلت إدارة كارتر في استيعاب ما يجري في إيران والمغزى من إعلان قيام «الجمهورية الإسلامية» وفق دستور على قياس الخميني وفكره القائم على نظرية «الولي الفقيه».

لم يدرك أن رفع شعار العداء لأميركا وإسرائيل كان من مستلزمات النظام وعدة الشغل لديه. جاء الامتحان الأول الذي رسب فيه كارتر عندما احتجز «الطلاب الثوريون» دبلوماسيي السفارة الأميركية في طهران وموظفيها لأسباب واهية.

استمر ذلك 444 يوماً. ظهرت طوال تلك الفترة علامات الضعف داخل إدارة كارتر الذي فشل في انقاذ الرهائن بالوسائل العسكرية في البداية ثم السياسية لاحقاً.

عانى الرئيس الأميركي وقتذاك من عقدة حرب فيتنام من جهة ومن التجاذبات داخل إدارته من جهة أخرى. كان في داخل الإدارة مستشار الأمن القومي زبيغنيو بريزنسكي الذي دعا إلى التعاطي بحزم مع إيران فيما كان هناك من يرفض اللجوء إلى أي تهديدات خوفاً على حياة الرهائن.

فشل كارتر في الحصول على ولاية رئاسية ثانية بسبب جهله بإيران التي زارها قبل سنة من سقوط الشاه، وقال من طهران إنها «واحة استقرار» في المنطقة.

سقط أمام دونالد ريغان الذي فاوض فريقه الإيرانيين سراً في باريس، كما تبين لاحقاً، من أجل عدم إطلاق رهائن السفارة قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

لعبت «الجمهورية الإسلامية» أوراقها بشكل جيد مع كل الإدارات الأميركية منذ نجحت في إخضاع كارتر... إلى اليوم الذي اصطدمت به بدونالد ترامب الذي فاجأها باغتيال قاسم سليماني، رجلها في إدارة حروب المنطقة.

دفع كارتر ثمن جهله بإيران وبالتغيير الذي حصل فيها في 1979. تدفع إيران حالياً ثمن جهلها بالتغيير الذي حصل في أميركا، بما في ذلك التغيير الذي حصل في إسرائيل منذ يوم «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جيمي كارتر قصة نجاح وقصة فشل جيمي كارتر قصة نجاح وقصة فشل



GMT 12:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 12:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 12:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 12:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 07:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 07:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 07:45 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 11:41 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ميتسوبيشي تعلن طرح "إي إس إكس" 2020 أيلول المقبل

GMT 07:09 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

معرض بريطاني فوتغرافي للهاربين من نار النازية

GMT 23:36 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

بورصة تونس تقفل على ارتفاع بنسبة 41ر0 %

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

رنا سماحة تستعد لطرح أحدث أغانيها "مكسورة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon