توقيت القاهرة المحلي 05:01:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرهان على العراق

  مصر اليوم -

الرهان على العراق

بقلم - خيرالله خيرالله

غادر الرئيس جو بايدن المنطقة. كانت زيارته للمملكة العربيّة السعودية التي سبقتها زيارة لإسرائيل، شملت توقفاً في بيت لحم، مناسبة لتأكيد أمر في غاية الأهمّية.

يتمثل هذا الأمر في أنّ أمن الطاقة على الصعيد العالمي يمرّ في الخليج العربي من جهة ويحتاج إلى موقف رادع للمشروع التوسّعي الإيراني من جهة أخرى.

مرّة أخرى ظهرت على الصعيد الإقليمي، من خلال جولة بايدن والقمم التي انعقدت في جدّة، أهمّية العراق، صاحب الثروة النفطية الكبيرة، وخطورة الخلل الناجم عن غياب هذا البلد عن منظومة الردع الخليجية للطموحات الإيرانيّة. لا يزال العراق رهينة ايرانيّة رغم انّ أكثريّة الشعب العراقي تسعى في كلّ يوم إلى تأكيد رفضها لهذا الواقع.

ليس أفضل من مقتدى الصدر في التعبير عن هذا الرفض، خصوصا عندما يقول إنّ لا مجال لقيام دولة في العراق ما دامت هناك ميليشيات تابعة لإيران منضوية تحت ما يسمّى «الحشد الشعبي»!

كان العراق حاضراً في قمّة جدّة.

لا شكّ أنّ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي امتلك الكثير من اللباقة والديبلوماسيّة في خطابه السياسي، إن في جدّة أو قبل مغادرته بغداد إلى السعوديّة.

شدّد في كلّ وقت على الدور الإقليمي للعراق كقوة ترفض انّ تكون في ايّ محور من المحاور، لكنّ السؤال هل يعتبر ذلك كافياً كي تتخذ «الجمهوريّة الإسلاميّة» موقفاً إيجابياً يعترف بأنّ ايران هي ايران وانّ العراق هو العراق؟

من الواضح، أنّ مجيء الكاظمي إلى جدّة حدث في غاية الأهمّية.

لكنّ ذلك لا يغني عن الاعتراف بانّ الوصول إلى القرار العراقي المستقلّ مسألة في غاية الصعوبة في ظلّ التوجه الإيراني الذي لا هدف له سوى تأكيد أنّ هناك أمراً واقعاً لا مجال لتجاوزه.

يتمثّل هذا الأمر الواقع في انّ العراق بات تحت الهيمنة الإيرانيّة منذ سلمّته إدارة جورج بوش الابن، في ربيع العام 2003، إلى «الجمهوريّة الإسلاميّة».

لا يعود ذلك إلى السذاجة وقصر النظر اللذين تمتع بهما بوش الابن وفريق عمله فحسب، بل إلى نظام عراقي تحكّم به كلّيا صدّام حسين، بعد العام 1979 ايضاً.

لم يدرك صدّام شيئاً في يوم من الأيّام عن طبيعة التوازنات الإقليميّة والدوليّة.

لم يعرف يوماً ماذا يدور في المنطقة وماذا يدور في العالم.

ذهب العراق ضحيّة الجهل الأميركي والعقل التبسيطي لرجل جاء من الريف إلى المدينة ورفض أن يتعلّم شيئاً عن حقيقة ما يدور في المنطقة والعالم وكيف التعاطي مع الأحداث.

اللافت في مرحلة ما بعد التطورات الكبيرة التي يشهدها العالم منذ حرب أوكرانيا، زيادة العدوانية الإيرانيّة في كلّ الاتجاهات. يأتي ذلك وقت لم يعد سرّا أنّ فلاديمير بوتين بات في حاجة إلى «الجمهوريّة الإسلاميّة» أكثر من أي وقت وفي غير مكان وعلى غير صعيد.

تظهر إيران عدوانيتها في العراق أكثر من أيّ مكان آخر.

يظلّ العراق بالنسبة إليها الجائزة الكبرى التي لا تستطيع التخلي عنها بأيّ شكل. عطّلت إيران الحياة السياسيّة في العراق منذ نحو تسعة أشهر.

أي منذ إجراء انتخابات نيابيّة لم ترق نتائجها لها.

يستطيع الكاظمي، من دون شكّ، لعب دور الوسيط بين إيران والسعوديّة واستضافة لقاءات بين الجانبين في بغداد، لكنّ الواضح انّه لم يتمكن، أقلّه إلى الآن، من تحقيق أي خطوة كبيرة إلى الأمام في العلاقة بين المملكة و«الجمهوريّة الإسلاميّة».

جعل ذلك اللقاءات السعوديّة - الإيرانيّة أقرب إلى مفاوضات من أجل المفاوضات في ظلّ رغبة ايرانيّة في كسب الوقت ليس إلّا.

لم يكن مجيء رئيس الوزراء العراقي إلى جدّة تعبيراً عن رغبة عربيّة في استعادة العراق فقط.

كان أيضاً تعبيراً عن خطوة أميركية تستهدف تصحيح خطأ تاريخي ارتكبه جورج بوش الابن واستكمله باراك أوباما.

هناك سؤالان مطروحان في هذه المرحلة بالذات. يتعلّق السؤال الأوّل بهامش المناورة الذي يمتلكه الكاظمي الحريص، في ما يبدو، على لعب العراق لدور متوازن على الصعيد الإقليمي.

يتعلّق السؤال الآخر بمدى جدّية إدارة جو بايدن في وضع حدود لعدوانيّة ايران.

ليس سرّاً أن الكاظمي يواجه وضعاً عراقياً معقداً على رأس حكومة مستقيلة منذ تسعة أشهر في ظلّ تجاذبات سياسيّة تعبّر عن حال من الفوضى لا تستفيد منها سوى ايران.

ليست التسريبات الأخيرة لكلام صادر عن نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق، سوى دليل على عمق التجاذبات الداخليّة العراقيّة. لم يكتف المالكي، وهو موالٍ لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» بتوجيه انتقادات شديدة إلى مقتدى الصدر وإلى مهاجمة السنّة والأكراد.

ذهب إلى أبعد من ذلك عندما اعترف بانّه وراء انشاء «الحشد الشعبي» وأن الهدف من ذلك تكرار تجربة «الحرس الثوري» في إيران.

بوجود الإدارة الأميركيّة الحالية، يخشى من غياب جدّية في التصدي لإيران ومشروعها التوسّعي، خصوصاً أنّ بايدن نفسه سيجد نفسه في وضع لا يحسد عليه بعد انتخابات مجلسي الكونغرس في نوفمبر المقبل.

توجد في واشنطن إدارة مترددة لم تعِ يوماً خطورة المشروع التوسّعي الإيراني. لم تستفق على أهمّية الخليج ودوره إلّا بعد حرب أوكرانيا ونشوء أزمة الطاقة العالميّة.

في المقابل، يدعو إلى بعض التفاؤل وجود إرادة خليجية في لعب دور مستقل بعيداً عن نيات إيران وما تثيره من تحديات. تصبّ هذه الإرادة الخليجية المدعومة من مصر والأردن بالسعي إلى استعادة العراق من دون إثارة الحساسيات الإيرانيّة.

ليس مشروع ربط العراق بشبكة الكهرباء الخليجية سوى دليل على تسهيل مهمّة الكاظمي، وهو شخص غير معادٍ لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة»، وتوسيع هامش المناورة العراقي تجاه طهران.

هل مثل هذا الرهان على العراق ودوره المتوازن في محلّه؟ تصعب الإجابة عن مثل هذه السؤال في وقت ستبذل إيران، عبر ميليشياتها العراقيّة، كل ما تستطيع كي يبقى البلد رهينة أخرى لديها على غرار حال سورية ولبنان وجزء من اليمن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرهان على العراق الرهان على العراق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon