توقيت القاهرة المحلي 17:31:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تمتلك الدوحة عصا سحريّة؟

  مصر اليوم -

هل تمتلك الدوحة عصا سحريّة

بقلم - خيرالله خيرالله

تُعتبر المفاوضات غير المباشرة بين الأميركيين والإيرانيين التي اعلن عن استضافة الدوحة لها تطورا في غاية الأهمّية. هل قدمت "الجمهوريّة الإسلاميّة" ما يكفي من التنازلات التي تكفل العودة الى طاولة المفاوضات مع ما يعنيه ذلك من تراجع عن إصرارها على رفع "الحرس الثوري" عن قائمة الإرهاب؟

هذا هو السؤال الكبير الذي يفرض نفسه نظرا إلى الضغوط الداخليّة التي تمارس على إدارة جو بايدن من اجل رفض الرضوخ للشروط الإيرانيّة. وهي ضغوط يمارسها، عبر الكونغرس، الأعضاء الجمهوريون عموما وقسم لا بأس به من اعضاء الحزب الديموقراطي في مجلسي النوّاب والشيوخ.

لا تعود اهمّية المفاوضات الأميركيّة – الإيرانيّة المتوقّعة إلى المكان الذي ستجري فيه (دولة قطر) بهدف إعادة الحياة إلى الاتفاق المرتبط بالمشروع النووي الإيراني فقط. تعود أهمّيتها أيضا إلى التوقيت. تأتي المفاوضات قبل اقلّ من ثلاثة أسابيع على الزيارة التاريخيّة التي ينوي الرئيس جو بايدن القيام بها للمملكة العربيّة السعوديّة. لم يعد سرّا ان ايران قلقة من زيارة بايدن للسعوديّة في وقت تبدي دول المنطقة مخاوف من مشروعها التوسّعي ومن الدور الدى تلعبه ميليشياتها.

تبدو ايران مهتمة بعدم البقاء على هامش التطورات في المنطقة والعالم، خصوصا بعدما تبيّن انّ العقوبات الأميركيّة أثّرت عليها تأثيرا كبيرا. ستسعى من خلال التوصل إلى اتفاق مع الأميركيين إلى رفع العقوبات. تلك تبدو اولويّة النظام الذي بات يسيطر عليه "الحرس الثوري" سيطرة شبه كلّية.

سيحاول النظام في ايران الإستفادة إلى ابعد ما يستطيع من القرار المتخذ اوروبيا بالإستغناء عن الغاز والنفط الروسيين. وجد هذا القرار دعما غير محدود من مجموعة الدول الصناعيّة السبع (G7) التي التقى زعماؤها في بافاريا. ليس طبيعيا، بالنسبة إلى "الجمهوريّة الإسلاميّة" عدم استغلال الحرب الأوكرانيّة التي تسبب بها فلاديمير بوتين لتجاوز ازمتها الإقتصاديّة في وقت تستفيد دول الخليج العربي استفادة كبيرة من ارتفاع سعر النفط والغاز.

توجد مصلحة متبادلة بين قطر وايران. البلدان يتشاركان في احد اهمّ حقول الغاز البحريّة في العالم. لا شكّ ان قطر في حاجة إلى اخذ وردّ مع "الجمهوريّة الإسلاميّة" في حال كانت ترغب زيادة انتاجها من الغاز لتلبية تزايد الحاجة العالميّة لهذه المادة. قد يكون ذلك سهّل عليها لعب دور الوسيط بين ايران وأميركا حيث تضم الإدارة مجموعة نافذة تتأثّر بايران وتسعى إلى مراعاتها من منطلق التفكير الساذج لباراك أوباما الذي كانت لديه نقطة ضعف تجاه كلّ ما هو إيراني؟

في كلّ الأحوال، يبدو جليا انّ "الجمهوريّة الإسلاميّة" هيّأت الأجواء لعودة المفاوضات مع الأميركيين ومع الأوروبيين. يبدو رفع العقوبات الأميركيّة أولويّة الأولويات لديها، خصوصا بعدما تبيّن ان هذه العقوبات أثّرت على الوضع الداخلي الإيراني الذي يتدهور باستمرار.

ليس صدفة موافقتها على تمديد الهدنة في اليمن حيث تمتلك القرار الحوثي امتلاكا كلّيا. ليس صدفة أيضا أنّها تحاول الظهور في مظهر الراغب في فتح خطوط مع المملكة العربيّة السعوديّة، وقد ظهر ذلك من خلال استقبال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. جاء الكاظمي إلى طهران من جدّة حيث التقى وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان...

في كلّ الأحوال، تبقى الأفعال اهمّ من الأقوال. ليس مهمّا إعادة الحياة إلى الاتفاق النووي بمقدار اهمّية اعتراف ايران بانّها ليست قادرة على الإستمرار في مشروعها التوسعي المستند إلى ميليشيات مذهبيّة لا هدف لها سوى تخريب المجتمعات العربيّة. يؤكّد ذلك ما فعلته هذه الميليشيات في العراق وسوريا ولبنان واليمن... وما كادت ان تفعله في البحرين لولا تصدّي دول الخليج العربي لها من اجل منع بلوغ الخراب تلك الدولة المسالمة.

ليس في استطاعة الإدارة الأميركيّة، على الرغم من وجود عدد لا بأس به من المتعاطفين مع "الجمهوريّة الإسلاميّة" في واشنطن، الإستسلام امام ايران. يعود ذلك إلى أسباب داخليّة اميركيّة أوّلا. من هنا، يبدو مطروحا هل لدى ايران الرغبة في ان تكون دولة طبيعية من دول المنطقة... أم كلّ ما تريده هو رفع العقوبات الأميركية من اجل توفير التمويل اللازم لميليشياتها كي تتابع مشروعها التخريبي في المنطقة؟

من حسن الحظ انّ هناك وعيا عربيّا متزايدا لخطورة هذا المشروع الإيراني الذي كان الملك عبدالله الثاني أوّل من حذر منه في تشرين الأوّل – أكتوبر من العام 2004 عندما تحدّث عن "الهلال الشيعي" الممتد من طهران إلى بيروت مرورا ببغداد ودمشق. نجد العاهل الأردني يدعو هذه الأيّام إلى قيام نوع من حلف شمال الأطلسي بين دول المنطقة. فهو يعرف تماما معنى ازدياد النشاط الإيراني المباشر وغير المباشر في الجنوب السوري ومعنى استخدام الجنوب السوري لتهريب أسلحة ومخدرات إلى دول الخليج العربي عبر الأراضي الأردنيّة.

في النهاية، لن تكون اهمّية للمفاوضات المقررة في الدوحة وغير الدوحة من دون ادراك ان المشكلة لا تقتصر على البرنامج النووي الإيراني. المشكلة، قبل ايّ شيء آخر، في سلوك ايران خارج حدودها وهي مشكلة مرتبطة بميليشياتها وصواريخها وطائراتها المسيّرة. المشكلة في نظام يظنّ ان ليس لديه ما يدافع به عن نفسه غير تصدير ازماته إلى خارج حدوده معتمدا على اثارة الغرائز المذهبيّة قبل أي شيء آخر.

تتغيّر ايران ام لا؟ ذلك هو السؤال الذي يطرح نفسه منذ العام 1979 تاريخ قيام نظام "الجمهوريّة الإسلاميّة". المؤسف ان الجواب عن هذا السؤال لا يميل إلى كثير من التفاؤل، خصوصا اذا اخذنا في الإعتبار تجارب الماضي... ولكن هل تملك الدوحة عصا سحريّة تجعل ايران تعترف بانّها دولة متخلّفة من دول العالم الثالث، بل الرابع والخامس، ليس في استطاعتها فرض شروطها لا على دول المنطقة ولا على العالم، بما في ذلك اميركا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تمتلك الدوحة عصا سحريّة هل تمتلك الدوحة عصا سحريّة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon