توقيت القاهرة المحلي 22:02:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوكرانيا غيّرت قوانين اللعبة في سوريا

  مصر اليوم -

أوكرانيا غيّرت قوانين اللعبة في سوريا

بقلم - خيرالله خيرالله

تشير التطورات التي تشهدها سوريا منذ اندلاع الحرب الروسيّة على أوكرانيا، إلى ان المنطقة كلّها تبدو مقبلة على احداث كبيرة يصعب التكهن بما ستخلفه من على الأرض ومدى تأثيرها على خرائط الدول.

لعبت روسيا دورا في غاية الأهمّية على الصعيد السوري، خصوصا بالنسبة إلى منع الإنفلات وإن كان ذلك على حساب الشعب السوري وطموحاته المشروعة بالتخلص من نظام العبوديّة الذي فرض عليه منذ العام 1970.

دعمت روسيا ايران وميليشياتها وحالت دون سقوط النظام. لكنّ ما يميّز دورها قبل أي شيء آخر هو التنسيق مع إسرائيل التي كانت لديها في الماضي، منذ احتلال الجولان في العام 1967 مصلحة في بقاء النظام الأقلّوي مسيطرا على سوريا.

ما لا يمكن تجاهله في أي وقت أنّ إسرائيل احتلت الجولان في حزيران – يونيو 1967 فيما كان حافظ الأسد وزيرا للدفاع في سوريا. بعد ثلاث سنوات وبضعة اشهر، أي في 16 تشرين الثاني – نوفمبر 1970، صار حافظ الأسد الحاكم الأوحد والوحيد لسوريا واصبح في شباط – فبراير من العام 1971 أوّل رئيس علوي لها.

يميّز التطورات الأخيرة في سوريا إصرار تركيا على شنّ عملية عسكريّة في الشمال السوري. يؤكّد ذلك ان الفراغ الذي خلفه الإنشغال الروسي في أوكرانيا يفتح الشهية التركيّة، مثلما يفتح شهيّات أخرى مثل الشهيّة الإيرانيّة التي تثير في الظروف الراهنة قلقا إسرائيليا بالغا.

لا تستطيع انقرة البقاء خارج اللعبة الدائرة في سوريا. هذا لا يعود إلى اهتمامها بالوضع الكردي والمخاوف من قيام كيان كردي شبه مستقل في الأراضي السوريّة فحسب، بل يعود أيضا إلى انّ تركيا تعتبر نفسها شريكة في اقتسام الكعكة السوريّة، مثلها مثل ايران وإسرائيل وحتّى روسيا التي بات مكتفية بوجود عسكري في الساحل السوري... أي في طرطوس واللاذقيّة (القاعدة الجويّة في حميميم) تحديدا.

من الواضح أنّ هناك فراغا تسبب به الجانب الروسي المأخوذ بحرب اوكرانيّا التي تجاوز عمرها المئة يوم. كان الجانب الروسي في سوريا، منذ تدخله المباشر في الحرب التي تستهدف الشعب السوري في أيلول – سبتمبر 2015، بمثابة ضابط إيقاع. ارضى إسرائيل وارضى ايران في الوقت ذاته وضبط تركيا إلى حدّ ما بعدما اقام علاقة خاصة معها توجت بشراء رجب طيب اردوغان منظومة صواريخ مضادة للطائرات من طراز اس- 400. اثار ذلك غضب الغرب، خصوصا اميركا، من جهة وكشف نوعا من التواطؤ مع فلاديمير بوتين وخوفا منه من جهة أخرى.

لم يحصل التقارب التركي – الروسي من فراغ، بل كان نتيجة مباشرة لسلسلة من الإجراءات الروسيّة أجبرت رجب طيب اردوغان على الخضوع لمشيئة موسكو وتفادي أي عرقلة لدورها في سوريا.

لعب الجانب الروسي، في السنوات السبع الماضية، دورا محوريّا في سوريا التي أراد استخدامها ورقة في مفاوضاته مع الأميركيين. هؤلاء تمركزوا عسكريا في منطقة الجزيرة ووضعوا يدهم على معظم الثروات السوريّة من نفط وغاز ومياه وزراعة، فضلا عن توفير حماية للأكراد ممثلين بقوات سوريا الديموقراطيّة (قسد).

من الطبيعي ان تعاود تركيا التحرّك في سوريا وان تخرج من القيود التي وجدت نفسها أسيرة لها في الماضي، أي القيد الروسي والقيد الإيراني والقيد الأميركي. كانت الخطوة الأولى من اجل التخلّص من هذه القيود في اتجاه إسرائيل التي باتت حساباتها السوريّة مختلفة بعدما غرقت روسيا في الوحول الأوكرانيّة في ضوء الحسابات الخاطئة لفلاديمير بوتين. اعتقد الرئيس الروسي، في 24 شباط – فبراير الماضي، أن غزوة أوكرانيا ستكون نزهة وأنّ ليس من سيتمكن من الوقوف في وجهه، تماما كما حصل في سوريا. نسي ان أوكرانيا في أوروبا وأن ما هو مسموح في سوريا، حيث يستطيع قتل العدد الذي يشاء من المواطنين السوريين، من دون سؤال أو جواب، غير مسموح به في أوكرانيا.

يجمع بين تركيا وإسرائيل العجز الروسي عن تنظيم ادارة اللعبة في الجنوب السوري. كانت روسيا قادرة على وضع حدود، وإن نظريا، للإنتشار الإيراني. كذلك كانت قادرة على التنسيق مع إسرائيل المهتمة بمنع اقتراب الميليشيات التابعة لـ"الحرس الثوري" من الجولان كثيرا. الأهمّ من ذلك كلّه، كانت كلّ الضربات التي توجّهها إسرائيل إلى الميليشيات الإيرانيّة أو إلى مواقع تخزين السلاح الإيراني تتم بعلم موسكو. في المقابل، كان هناك تفاهم روسي – تركي في ما يخص الشمال السوري. ليس سرّا انّ انسحاب الثوار من حلب وتسليم الجزء الأكبر من المدينة إلى قوات تابعة للنظام كان بالتنسيق بين روسيا وتركيا. كان بين الشروط التركيّة وقتذاك عدم مجيء بشّار الأسد إلى المدينة والتصرّف فيها تصرّف المنتصر. بالفعل، لم يذهب بشّار إلى حلب وبقي يتحدّث عن انتصار تحقق للنظام ولكن من بعيد.

من المفيد في الأسابيع القليلة المقبلة مراقبة ما ستفعله تركيا عن كثب والسعي لمعرفة إلى أي حد ستذهب في تدخلها في سوريا ومدى عمق التنسيق مع إسرائيل. لم يعد في الإمكان تجاهل وجود مصالح مشتركة باتت تجمع بين تركيا وإسرائيل في سوريا في ظلّ غياب الدور الروسي الفاعل والنشط.

يصعب على إسرائيل الوقوف مكتوفة حيال التوسّع الإيراني في الجنوب السوري، وهو توسّع يؤثّر أيضا على المملكة الأردنيّة الهاشمية التي تشكو منذ أسابيع عدة من زيادة تهريب الأسلحة والمخدرات إلى أراضيها إنطلاقا من الجنوب السوري.

أمّا تركيا، فهي ليست في وارد ترك الفراغ الناجم عن الإنشغال الروسي بأوكرانيا. ثمة من سيستغل هذا الفراغ بطريقة او بأخرى. ايران جاهزة لذلك. إلى ذلك يبقى الهمّ التركي الأوّل هما كرديا، وهذا سيفرض فتح قنوات مع اميركا وليس مع إسرائيل فقط.

في النهاية، غيّرت أوكرانيا قوانين اللعبة السوريّة التي تعني تركيا مباشرة. يحدث ذلك في وقت تبدو ايران ووجودها في سوريا تحت المجهرين الأميركي والإسرائيلي بسبب برنامجها النووي وسلوكها عبر ميليشياتها المذهبيّة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوكرانيا غيّرت قوانين اللعبة في سوريا أوكرانيا غيّرت قوانين اللعبة في سوريا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon