توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاد النظام السوري... أم لم يعد!

  مصر اليوم -

عاد النظام السوري أم لم يعد

بقلم - خيرالله خيرالله

عاد النظام السوري إلى جامعة الدول العربيّة أو لم يعد. لن يصنع ذلك أي فارق من أي نوع. ما هو مهم أمران. أولهما مصير الشعب السوري ومستقبل سورية، الواقعة تحت خمسة احتلالات طبعاً، والآخر هل يطرأ تغيير على السلوك الإيراني في دول المنطقة، خصوصاً في ما يخص العراق وسورية ولبنان.

ثمّة أسئلة في غاية الأهمّية تتجاوز الانفتاح العربي على النظام السوري وعودته إلى جامعة الدول العربيّة وحضور بشّار الأسد، بشخصه الكريم، القمة العربيّة المتوقعة في الرياض بعد أسابيع قليلة... أو حضور من يمثله للقمّة.

لن يقدّم ذلك ولن يؤخّر ما دام القرار في دمشق قرار تتخذه «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران ولا أحد غيرها، خصوصاً في ضوء الغرق الروسي في الوحول الأوكرانيّة.

في مقدّم الأسئلة المهمّة التي يفترض طرحها هل يقتنع النظام السوري أنّه لم ينتصر سوى على الشعب السوري؟ إنّه الانتصار الوحيد المسموح له به، تماماً مثلما أنّه ليس مسموحاً لـ«حزب الله» سوى بتحقيق الانتصار تلو الآخر على لبنان اللبنانيين فقط.

ما الذي يستطيع بشّار الأسد عمله بهذا الانتصار على الشعب السوري؟ في النهاية، لن يستطيع النظام السوري المحافظة على وحدة سورية، كما يتمنّى ذلك العرب المخلصون الذين هبوا لمساعدة الشعب السوري بعد الزلزال الذي تعرّض له في الأسبوع الأوّل من فبراير الماضي.

ثمّة واقع سوري يرفض النظام الاعتراف به. ليس متوقعاً أصلاً اعترافه بهذا الواقع نظراً إلى أنّه لم يكن في يوم من الأيام مهتماً بالتخلص من الاحتلال الإسرائيلي.

منذ احتلت إسرائيل الجولان في يونيو 1967، وكان حافظ الأسد لا يزال وزيراً للدفاع، انحصر همّ النظام في كيفية المتاجرة بالجولان المحتل وليس باسترجاعه.

اهتم النظام، بعدما صار حافظ الأسد رئيساً للجمهوريّة في كيفية استمرار حال اللاحرب واللاسلم التي تعني، بين ما تعنيه، بقاءه في دمشق بغض النظر عن ثمن هذا البقاء.

هذا ما يفسّر إلى حد كبير لماذا لم تقدم إسرائيل على أي خطوة تستهدف النظام منذ بداية الثورة الشعبيّة في مارس من العام 2011.

كشفت التصرفات الإسرائيلية اهتماماً واضحاً ببقاء نظام لعب دوره في تفتيت لبنان وتدمير مؤسساته وأدّى في الوقت ذاته كلّ المطلوب منه من أجل ألّا تقوم لسورية قيامة في يوم من الأيّام.

لم يعد مهمّاً انفتاح العرب على النظام السوري وعدم انفتاحهم عليه.

تجاوزت الأحداث هذا الانفتاح. على سبيل المثال وليس الحصر، ما العمل بالوجود التركي في الشمال السوري، وهو وجود فرضته عوامل عدة من بينها الثورة السوريّة وقبلها اتفاق أضنة للعام 1998 الذي أعطى الجيش التركي حرّية التدخل في العمق السوري؟

احتلت تركيا نحو 35 في المئة من جزيرة قبرص صيف العام 1974، أي منذ نصف قرن تقريباً. ما الذي تغيّر منذ الاحتلال التركي لجزء من قبرص باستثناء أن الجيش التركي ما زال موجودا في الجزيرة.

لم يتغيّر شيء.

سيكون مستبعداً خروج الجيش التركي من الشمال السوري، فاز رجب طيب أردوغان أم لم يفز في الانتخابات المقررة في الرابع عشر من مايو المقبل. يوجد عقل تركي يقوم على فكرة أن البلد ظلم وعليه استعادة أمجاده عن طريق التوسّع!

يوجد الاحتلال الإسرائيلي، والاحتلال التركي، والاحتلال الروسي، والاحتلال الأميركي، والاحتلال الإيراني.

هذا هو الواقع السوري الذي يهرب منه النظام.

النظام يهرب أيضاً من القرار الرقم 2254 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أواخر العام 2015.

يرفض النظام السماع بهذا القرار كونه يعرف جيداً أنّه نهايته.

القرار، الذي اتخذ بإجماع أعضاء مجلس الأمن، واضح كلّ الوضوح.

يركز على «فترة انتقالية» وعلى انتخابات «حرة» بإشراف الأمم المتحدة بعد الفترة الانتقالية التي مدتها 18 شهراً.

مثلما يرفض بشّار الأسد السماع بالقرار 2254، يرفض السماع بعودة اللاجئين السوريين إلى المناطق التي أخرجهم منها مستعيناً بالميليشيات المذهبيّة التابعة لإيران وبالقوات الروسيّة التي قصفت مواقع وأحياء مدنيّة مع تركيز خاص على المدارس والمستشفيات.

هذه هي سورية التي صار نصف شعبها خارج أراضيها... هذا إذا تجاهلنا الذين نزحوا من منطقة سورية إلى منطقة أخرى.

باختصار شديد، إننا أمام نظام يرفض شعبه كما أنّه مرفوض من شعبه وأكثريته السنّية التي عانت الأمرّين من نظام أقلّوي حاقد على كلّ مواطن يرفض أن يكون عبداً لديه.

تبدو المسألة السوريّة في غاية التعقيد.

لا ينفع معها التعاطي مع النظام، لا لشيء سوى لأنّ لدى النظام أجندة خاصة به من جهة ولأن المطروح في نهاية المطاف مستقبل إيران في سورية من جهة أخرى. من سيتولى إعادة إعمار سورية في حال بقي قسم كبير منها، بما في ذلك دمشق والمناطق المحيطة بها، تحت السيطرة الإيرانية المباشرة وغير المباشرة؟

بعد ثورة شعبيّة مستمرّة منذ اثني عشر عاما، من حق العرب التركيز على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سورية وعلى السعي إلى مساعدة الشعب السوري من زاوية إنسانيّة في انتظار اليوم الذي ستقرّر فيه «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران ما الذي تريده من الاتفاق الذي عقدته مع المملكة العربيّة السعوديّة برعاية الصين.

سيظل السؤال المهيمن هل تستطيع «الجمهوريّة الإسلاميّة» ممارسة مزيد من المناورة والفصل بين الشق اليمني في الاتفاق والشق الآخر المتعلّق بسلوكها خارج حدودها، خصوصاً في سورية ولبنان والعراق؟ في انتظار معرفة الجواب الإيراني عن هذا السؤال، يصعب القول هل يمكن عمل شيء لسورية في عالم يزداد وضعه تعقيدا في كلّ يوم، بل في كلّ ساعة.

تعطي الحرب الأوكرانيّة التي دخلت سنتها الثانية فكرة عن هذه التعقيدات التي باتت العلاقات الأميركيّة - الصينية جزءاً لا يتجزّأ منها.


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاد النظام السوري أم لم يعد عاد النظام السوري أم لم يعد



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon