توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تركيا وإسرائيل... وعالم ما بعد الحرب الأوكرانيّة

  مصر اليوم -

تركيا وإسرائيل وعالم ما بعد الحرب الأوكرانيّة

بقلم - خيرالله خيرالله

لا يمكن الاستخفاف بالخطوة التركية المتمثلة بإعادة العلاقات الكاملة مع إسرائيل.

ترتدي هذه الخطوة أهمّية استثنائيّة، خصوصاً في ظلّ الظروف التي تمرّ فيها المنطقة والعالم... في ضوء الحرب الأوكرانية من جهة واحتمال عقد صفقة أميركية - إيرانيّة من جهة أخرى.

تحررت تركيا من عقد عدّة فجأة. تحرّرت، أوّل ما تحرّرت، من العقد التي تحكمّت بشخص رجب طيب أردوغان الذي أراد في مرحلة معيّنة لعب دور زعيم العالم الإسلامي والرجل القويّ في المنطقة... إلى أن اكتشف أن تركيا ليست سوى دولة من دول العالم الثالث وأنّ في استطاعتها أن تصبح دولة مزدهرة اقتصاديا في حال تخلت عن وهم العودة إلى أيام الدولة العثمانيّة.

هذه مرحلة انتهت تماماً لا يمكن لفكر الإخوان المسلمين، الذي وقع إردوغان في شراكه، احياءها.

حررت حرب أوكرانيا الرئيس التركي من الضغط الروسي.

بعد الحرب الأوكرانيّة التي مضى عليها ستة أشهر، صار فلاديمير بوتين في حاجة إلى أردوغان وليس العكس وذلك بغية تفادي الوقوع كلّيا في الحضن الإيراني.

هذا ما جعل الرئيس التركي أكثر مرونة وواقعيّة، خصوصاً بعدما تصالح مع دول الخليج العربي كلّها.

لعلّ المكان الذي سيظهر فيه مدى تعقّل أردوغان، في حال حصوله، هو سورية، حيث حقّق المشروع التركي منذ العام 2011، تاريخ اندلاع الثورة الشعبيّة السوريّة، الفشل تلو الآخر بعدما انتزعت إيران المبادرة وسارعت إلى الوقوف مع نظام أقلّوي في حرب مع شعبه.

تجاهلت إيران وجود أكثريّة سنّية في سورية وعملت على إحداث تغيير ديموغرافي عميق في البلد بعدما وجدت أمامها ضياعاً تركيّاً ليس بعده ضياع تعبّر عنه هذه الأيّام تصريحات لمسؤولين أتراك جعلت المعارضة السوريّة في حيرة من أمرها.

يحتاج كلّ حرف من هذه التصريحات إلى توضيح كي يُفهم أن تركيا لم تتخل عمليّاً عن الشعب السوري ولم يضق ذرعها بالسوريين الموجودين في أراضيها.

في وقت تتحدث تركيا عن عملية عسكريّة في الشمال السوري وفي وقت تسعى إيران إلى التمدد في محيط حلب، يمكن للعلاقات بين تركيا وإسرائيل أن تزيد الضغوط على دمشق حيث النظام في وضع لا يحسد عليه في ظلّ تدهور معيشي لا سابق له في مناطق سيطرته.

تستطيع تركيا الضغط اقتصادياً وعسكرياً وزراعياً ومائياً في الداخل السوري في حال أراد ما يسمّى «محور الممانعة» ايذاء إسرائيل عن طريق استخدام الأراضي السوريّة.

أكثر من ذلك، أنّ الوجود الإيراني المتزايد في الشمال السوري، تحديداً في حلب ومحيطها، سيكون تحت خطر ضربات إسرائيلية وتهديدات تنفّذ عبر أجواء تركيا.

أمّا بالنسبة إلى الاكراد، وهو موضوع أساسي لتركيا، ربما يستطيع أردوغان تحييد الدعم الأميركي والإسرائيلي إلى هؤلاء أو تخفيفه.

تعتمد تركيا استراتيجيّة جديدة على الصعيد الإقليمي في ضوء حرب أوكرانيا واحتمال حصول الصفقة الأميركيّة - الإيرانيّة.

جعلتها هذه الإستراتيجيّة تنسى مغامرة أردوغان الذي أراد في العام 2010 فكّ الحصار عن قطاع غزّة.

كان الفشل من نصيب تلك المغامرة التي كشفت أنّ الرئيس التركي كان يتمتع في تلك المرحلة بمقدار كبير من قصر النظر والمعرفة بموازين القوى في المنطقة والعالم.

يمكن للإستراتيجيّة التركية الجديدة أن تساعد أردوغان وحزبه في الانتخابات المقبلة المتوقعة في السنة 2023.

كذلك يمكن لعودة العلاقات الإسرائيلية - التركية أن تساعد حكومة الثنائي يائير لابيد - بيني غانتس في الدولة العبرية.

يحتاج هذا الثنائي إلى مقعدين إضافيين في انتخابات الكنيست المقررة في مطلع نوفمبر المقبل كي يمنع بنيامين نتنياهو من العودة إلى موقع رئيس الوزراء.

الأكيد أنّ الإدارة الأميركيّة الحالية تلعب دوراً في دعم الثنائي لابيد - غانتس حيث تستطيع.

يبدو أنّها ليست بعيدة عن التقارب الإسرائيلي - التركي. ما هو أكيد أكثر أنّ أردوغان نفسه بدأ يعي أنّ لا مفرّ من استرضاء الولايات المتحدة.

تؤكّد ذلك زيارته لأوكرانيا حيث التقى الرئيس فولوديمير زيلينسكي بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.

لم يأبه أردوغان برد فعل بوتين على لقائه مع عدوّه اللدود.

يظهر ذلك مدى حاجة روسيا إلى تركيا في هذه الأيّام بالذات.

يعطي التحوّل في الموقف التركي فكرة عن العالم الجديد الذي يولد من رحم الحرب الأوكرانيّة.

تشكّل تركيا ودورها جزءاً من هذا العالم الجديد.

إنّه تحوّل يدعو إلى التساؤل عن موقع تركيا في المنطقة وما إذا كانت ستكون قادرة على تحقيق مكاسب تؤدي إلى تحسين وضع أردوغان في الداخل.

الجواب أن الكثير سيعتمد على ما إذا كان الرئيس التركي سيكون مستعداً للذهاب بعيداً في هذا التحوّل بعيداً عن أوهامه الشخصيّة ذات الطابع العثماني.

هناك شبكة علاقات مهمّة إلى حدّ كبير تربط بين دول البحر المتوسط. تتضمن هذه الشبكة التعاون المصري - الإسرائيلي في مجال الغاز، كذلك خطوط الغاز التي ستربط المتوسط بأوروبا التي قررت دفع ثمن الاستغناء عن الغاز الروسي، مهما كلّف الأمر.

وجد الرئيس التركي أنّه في حال كان يريد بالفعل أن تكون تركيا جزءاً من العالم الجديد، الذي لا تكون فيه أوروبا تحت رحمة الغاز الروسي، ليس أمامها سوى التصالح مع محيطها، بما في ذلك إسرائيل.

لكن هذه المصالحة ستبقى معزولة من دون مزيد من الخطوات التصالحية التركيّة تجاه قبرص واليونان من جهة ومن دون الكف عن لعب دور متذبذب في سورية من جهة أخرى.

يبدو أن روسيا، التي بدأت تأخذ علماً بحجم فشلها الأوكراني، صارت تعي بأن عليها استرضاء تركيا في سورية تحديداً حيث الاتجاه إلى تعديل اتفاق أضنة السوري - التركي لمصلحة أنقرة تفادياً لعملية عسكرية تركيّة كبيرة في الشمال السوري.

يعني ذلك ولادة «أضنة - 2» بمباركة روسيا بعمق 35 كيلومتراً داخل الأراضي السوريّة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا وإسرائيل وعالم ما بعد الحرب الأوكرانيّة تركيا وإسرائيل وعالم ما بعد الحرب الأوكرانيّة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon