توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«المسيرة الخضراء»... مسيرة مستمرّة

  مصر اليوم -

«المسيرة الخضراء» مسيرة مستمرّة

بقلم - خيرالله خيرالله

في وقت تمرّ فيه المنطقة العربيّة، من المحيط إلى الخليج، مع محيطها في مرحلة مخاض، يظهر ثابت واحد. يتمثل هذا الثابت في وحدة التراب المغربي التي تحققت بفضل «المسيرة الخضراء».
مكّنت تلك المسيرة، المستمرة منذ نحو نصف القرن، المغرب من استعادة أقاليمه الصحراوية التي كانت تحت الاستعمار الإسباني بشكل سلمي.
كانت «المسيرة الخضراء» التي شارك فيها ما يزيد على 350 ألف مغربي من نتاج إبداع الملك الحسن الثاني الذي كان يعرف تماماً أهمّية الأقاليم الصحراويّة والدور الذي يمكن أن تلعبه على صعيد ربط المغرب بأفريقيا وأوروبا وحتّى أميركا.
للصحراء دور في الربط بين المغرب وأميركا وأفريقيا والقارة الأميركيّة عبر الإطلالة التي تمتلكها على المحيط الأطلسي.
كان الحسن الثاني يعلم، قبل ذلك كلّه، كم أنّ الصحراء المغربية مهمة للاستقرار في منطقة الساحل المضطربة، وهي منطقة عرضة لكلّ المخاطر بما في ذلك التطرّف والإرهاب باشكالهما المختلفة.
يفسّر الرغبة في الاستثمار في التطرف والإرهاب في منطقة الساحل، الممتدة من موريتانيا إلى البحر الأحمر في جنوب السودان، ذلك الإصرار على متابعة حرب الاستنزاف التي تشنّها الجزائر على المغرب.
لا هدف لتك الحرب التي تستخدم فيها أداة اسمها «بوليساريو» سوى ضرب الاستقرار في إحدى أهم المناطق الأفريقيّة، كما لو أنّ ضرب الاستقرار يؤمن دوراً إقليمياً لدولة مثل الجزائر تتحكّم بها منذ استقلالها في العام 1962 مجموعة عسكريّة.
ليس معروفاً ما الذي تريده هذه المجموعة العسكريّة غير تصدير الأزمات الداخلية في الجزائر إلى خارج حدود الدولة.
لم يكن خطاب الملك محمّد السادس في الذكرى الـ48 لـ«المسيرة الخضراء» سوى تأكيد لاستمرار المسيرة التي يتبيّن يومياً كم كانت مهمّة على غير صعيد، بما في ذلك العمق الأفريقي الذي أضيف إليه البعد الأطلسي.
تميّز خطاب محمّد السادس، في ذكرى «المسيرة الخضراء»، بالشفافية والصراحة. قال العاهل المغربي «مكّن استرجاع أقاليمنا الجنوبية، من تعزيز البعد الأطلسي للمملكة.
كما مكنت تعبئة الديبلوماسية الوطنية من تقوية موقف المغرب وتزايد الدعم الدولي لوحدته الترابية والتصدي لمناورات الخصوم المكشوفين والخفيين.
إذا كانت الواجهة المتوسطية تعدّ صلة وصل بين المغرب وأوروبا، فإن الواجهة الأطلسية هي بوابة المغرب نحو أفريقيا ونافذة انفتاحه على الفضاء الأميركي.
من هنا يأتي حرصنا على تأهيل المجال الساحلي وطنيا بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية، كذلك هيكلة هذا الفضاء الجيو – سياسي على المستوى الأفريقي. غايتنا أن نحول الواجهة الأطلسية إلى فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي.
لذا، نحرص على استكمال المشاريع الكبرى التي تشهدها أقاليمنا الجنوبية وتوفير الخدمات والبنيات التحتية المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية، كذلك تسهيل الربط بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك بما في ذلك التفكير في تكوين أسطول بحري تجاري وطني، قوي وتنافسي».
لم يكتف العاهل المغربي بتحديد الإطار العام للمشروع التنموي في الأقاليم الصحراوية، شدّد على إجراءات عملية تستهدف «مواكبة التقدم الاقتصادي والتوسع الحضري الذي تعرفه مدن الصحراء المغربية».
قال في هذا المجال إنّه «ينبغي مواصلة العمل على إقامة اقتصاد بحري يساهم في تنمية المنطقة ويكون في خدمة ساكنيها».
تطرّق إلى «اقتصاد متكامل قوامه تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر ومواصلة الاستثمار في مجالات الصيد البحري وتحلية مياه البحر لتشجيع الأنشطة الفلاحية والنهوض بالاقتصاد الأزرق ودعم الطاقات المتجددة».
لم يتجاهل «السياحة الأطلسية» التي تقوم على استثمار المؤهلات الكثيرة للمنطقة قصد تحويلها إلى وجهة حقيقية للسياحة الشاطئية والصحراوية.
كان لافتاً تركيز محمّد السادس على البعدين الأفريقي والأوروبي لعودة الصحراء المغربية إلى أصحابها، مشيراً في هذا الصدد إلى إنّ«المشروع الإستراتيجي لأنبوب الغاز المغرب - نيجيريا(شرح أنّه)مشروع للاندماج الجهوي، والاقلاع (الانطلاق) الاقتصادي المشترك وتشجيع لدينامية التنمية على الشريط الأطلسي».
وأضاف أن هذا المشروع «سيشكل مصدراً مضموناً لتزويد الدول الأوروبية بالطاقة»،موضحاً أنّ«هذا التوجه دفع بالمغرب، لإطلاق مبادرة إحداث إطار مؤسسي يجمع الدول الأفريقية الأطلسية الثلاثة والعشرين بغية توطيد الأمن والاستقرار والازدهار المشترك».
كانت مفيدة إشارته إلى أن«المشاكل والصعوبات التي تواجه دول منطقة الساحل الشقيقة لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط، بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة.
لذا، نقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي».
عاد محمّد السادس في القسم الأخير من خطابه إلى التشديد على الجدّية. سبق له أن تحدث عن الجدّية وضرورة اعتمادها.
قال«لقد تكلمت عن الجدية، وعن القيم الروحية والوطنية والاجتماعية، التي تميز الأمة المغربية، في عالم كثير التقلبات. وقد جسدت المسيرة الخضراء هذه القيم العريقة، قيم التضحية والوفاء وحب الوطن التي مكنت المغرب من تحرير أرضه، واستكمال سيادته عليها».
كان واضحاً أنّ الهم الأول للعاهل المغربي هو المغرب. همّه رفاه كلّ مواطن مغربي في منطقة تعيش حالاً من القلق. انصرف المغرب منذ حقّق وحدته الترابية في السادس من نوفمبر 1975، تاريخ انطلاق«المسيرة الخضراء»، إلى الاستثمار في التنميّة.
يبدو واضحاً اليوم أنّ الاستثمار في التنمية كان مشروعاً ناجحاً. لا لشيء سوى لأنّه استثمار في الإنسان أوّلاً. الدليل على ذلك تمكن المغرب من تجاوز كلّ الصعوبات التي واجهته في السنوات الأخيرة، بما في ذلك آثار الزلزال المدمّر الذي ضرب مناطق جنوب مراكش.
لا خوف على من يستثمر في الإنسان. كانت«المسيرة الخضراء» استثماراً في الإنسان المغربي أيضاً.
لو لم يستجب المواطن المغربي، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب لنداء الحسن الثاني، لما كانت تلك المسيرة التي ليس ما يشير إلى أنّها ستتوقف.
لن تتوقف المسيرة لأنها تعبير عن تلاحم قائم بين الملك والشعب قبل أي شيء آخر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المسيرة الخضراء» مسيرة مستمرّة «المسيرة الخضراء» مسيرة مستمرّة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon