توقيت القاهرة المحلي 18:29:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من 8 مارس 1963... إلى 8 ديسمبر 2024

  مصر اليوم -

من 8 مارس 1963 إلى 8 ديسمبر 2024

بقلم : خير الله خير الله

مع فرار بشّار الأسد إلى موسكو، طويت صفحة سوداء من تاريخ سورية، بل طويت صفحة حزب البعث الذي حكم سورية والعراق سنوات طويلة، واستخدمت شعاراته المضحكة المبكية في البلدين من أجل البقاء في السلطة من جهة وخدمة إسرائيل ومشروعها.

ما بدأ في سورية في الثامن من مارس 1963، عن طريق انقلاب عسكري، انتهى في الثامن من ديسمبر 2024 بطريقة لا تليق سوى بالبعث الذي لم يكن في يوم من الأيام سوى وسيلة من أجل تبرير عملية تستهدف ترييف المدينة والمجتمع وإزالة كل مظهر حضاري فيهما أكان ذلك في سورية أو العراق.

يدفع ما حصل في سورية إلى استعادة جانب من تاريخ الحزب بدءاً من الثامن من مارس 1963، والانقلاب العسكري الذي نفذته مجموعة من الضباط، أكثريتهم من البعثيين. قضى الانقلاب على فرصة أخيرة لعودة الحياة إلى سورية وإنقاذ المجتمع الحيّ والمتنوع فيها، خصوصاً في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقيّة.

كانت أمام سورية فرصة حقيقيّة للتخلّص من البؤس المتمثل في قيام نظام أمني أسست له الوحدة مع مصر، وهي وحدة استمرت ثلاث سنوات وانتهت في 28 سبتمبر 1961.

كانت نهاية الوحدة فأل خير على سورية التي تخلصت من عبء التجربة الناصرية، نسبة إلى جمال عبدالناصر، الذي لم يجد أفضل من ضابط دموي اسمه عبدالحميد السراج يوليه على السوريين. كانت نهاية الوحدة بزوغاً لفجر جديد يحرّكه الأمل باستعادة سورية تجربة ديمقراطية، نسبياً، يحكم فيها البلد مدنيون يعرفون الكثير عن كلّ ما هو حضاري في العالم. انتخب وقتذاك ناظم القدسي رئيساً للجمهوريّة، على سبيل المثال وليس الحصر. جاء الضباط البعثيون وقتذاك لإطاحة التجربة المفعمة بالأمل التي كانت سورية على موعد معها. قضى هؤلاء عملياً على سورية وعلى كلّ ما هو راقٍ فيها.

كان انقلاب الثامن من مارس 1963، بداية تحولات كبيرة أوصلت سورية إلى ما وصلت إليه حالياً. أخذت التحولات السورية، في ظلّ البعث، البلد إلى مكان آخر. في الواقع، أخذته إلى المجهول.

انتقل البعث بعد انقلاب الثامن من مارس 1963، إلى حزب راح يسيطر عليه الضباط العلويون شيئاً فشيئاً. كانت نقطة التحوّل في 23 فبراير 1966، عندما تخلّص العلويون من أي ضابط آخر ذي حيثية لا ينتمي إلى الطائفة. أُبعد ضباط مثل السني أمين الحافظ، مع آخرين. شمل ذلك التخلص من الضباط الدروز والإسماعيليين. كان في الواجهة ثلاثة من كبار العسكريين العلويين هم محمد عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد، وزير الدفاع الذي أعلن في يونيو 1967 سقوط الجولان قبل سقوطه. كوفئ الأسد الأب على ذلك في 16 نوفمبر 1970 يوم نفّذ انقلابه تحت شعار «الحركة التصحيحيّة» مستفيداً إلى أبعد حدود من غباء منافسيه محيطاً نفسه بمجموعة من السنّة الريفيين من نوع مصطفى طلاس وعبدالحليم خدام وحكمت الشهابي وغيرهم.

ما لبث حافظ الأسد أن صار في 1971، أوّل علوي يتولى موقع رئيس الجمهورية في سورية. كان كلّ ما قام به على أرض الواقع نقل للسلطة من عند مجموعة من الضباط العلويين إلى العائلة وإلى ضباط علويين تربطهم مصالح بالعائلة المتحدرة من القرداحة.

من انقلاب بعثي في 1963 إلى انقلاب بعثي - علوي في 1966... إلى انقلاب بعثي آخر ذي طابع عائلي في 1970، شهدت سورية تغييرات صبّت في اتجاه واحد. يتمثل هذا الاتجاه في حصر النفوذ السياسي والأمني والاقتصادي في يد آل الأسد وأقربائهم. على رأس هؤلاء كان محمّد مخلوف (خال بشّار) وأولاده الذين سيطروا في مرحلة معيّنة على جزء كبير من الاقتصاد السوري.

بلغ نفوذ العائلة حدّاً تمكن فيه حافظ الأسد، في السنة 2000، من توريث نجله بشّار، السلطة بعد مقتل ابنه الأكبر باسل، في حادث سير مطلع العام 1994. لم تكن لدى بشّار أي ثقافة سياسيّة، خلافاً لوالده الذي عرف كيف يجعل البعثي الآخر صدّام حسين (في العراق) في خدمته وكيف يؤسس لعلاقة مع «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران من دون الرضوخ لمشيئتها نهائياً.

ابتزّ العرب الآخرين طويلاً بواسطة هذه العلاقة لكنه لا يمكن القول إنّه كان يذعن للإيراني في كلّ وقت على الرغم من وقوفه ضد العراق في حرب السنوات الثماني مع «الجموريّة الإسلاميّة» بين 1980 و1988، وعلى الرغم من إخضاع «حزب الله» لحليفه اللبناني نبيه برّي في حرب إقليم التفاح أواخر ثمانينات القرن الماضي.

استطاع حافظ الأسد، الذي سيطر على لبنان ابتداءً منذ العام 1976، لعب دور إقليمي يتجاوز سورية. تحكّم طويلاً بالورقة الفلسطينية وطمأن إسرائيل في كلّ وقت بأن ليست لديه أي نيّة لاستعادة الجولان، مثلما استعاد الرئيس أنور السادات، سيناء.

ورث بشار الأسد، البعث العائلي. حصر مصالح العائلة الواسعة التي كانت تضمّ آل مخلوف وآخرين، بعائلته الصغيرة. الأخطر من ذلك تحوّله إلى تابع لإيران ووقوعه تحت تأثير حسن نصرالله، الأمين العام الراحل لـ«حزب الله».

لم يكن مستغرباً سقوط بشّار الأسد. لم يعد في استطاعة إيران إنقاذه، كذلك روسيا التي تعاني من الغرق في الوحول الأوكرانيّة. بدأت الآن مرحلة جديدة من التاريخ السوري. تبحث سورية، في ظلّ هيمنة تركيّة، عن نظام جديد بديل من نظام البعث العائلي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من 8 مارس 1963 إلى 8 ديسمبر 2024 من 8 مارس 1963 إلى 8 ديسمبر 2024



GMT 06:50 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وإني لحُلوٌ تعتريني مرارةٌ

GMT 06:48 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 06:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 06:43 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 06:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 06:40 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 06:38 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 06:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أميركا والفضائيون... أسرار الصمت المدوي

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 17:46 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon