توقيت القاهرة المحلي 20:07:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العقم الروسي من سورية إلى أوكرانيا

  مصر اليوم -

العقم الروسي من سورية إلى أوكرانيا

بقلم - خيرالله خيرالله

ليس الموقف الروسي من الأحداث التي تشهدها سورية، خصوصاً منذ اندلاع الثورة الشعبية فيها قبل 13 عاماً، سوى تعبير عن عجز موسكو عن لعب أي دور ذي طابع إيجابي في أي مكان من المنطقة وحتّى في العالم. في سورية تتجلّى السلبية الروسية، بل العقم الروسي، على كلّ صعيد. إنّّها سلبية لم يزلها سقوط الاتحاد السوفياتي، رسمياً، في بداية العام 1992. نشهد حالياً كيف يحاول فلاديمير بوتين منذ عشرين عاماً وأكثر إعادة الحياة إلى جثة اسمها الاتحاد السوفياتي الذي لعب دوراً أساسياً في تخريب الشرق الأوسط وجرّ مصر، بتحريض من نظام البعث السوري، إلى حرب 1967 بحجة التصدي لـ«الإمبرياليّة» الأميركية.

ما الذي تجنيه سورية حالياً من الدعم الروسي والحلف القائم بين موسكو وطهران غير المآسي المتتالية وآخرها الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت القنصليّة الإيرانيّة في دمشق؟ أدّت الضربة المحكمة التي استخدمت فيها ستة صواريخ إلى مقتل عديدين بينهم القائد البارز في «فيلق القدس» اللواء محمّد رضا زاهدي، الذي لديه دوره في لبنان أيضاً.

لو كان الكرملين يتحلّى بحدّ أدنى من المنطق، لما كان دخل في حلف مع إيران من أجل إنقاذ النظام الأقلّوي الذي يعاني منه السوريون منذ نحو ستين عاماً، أي منذ 23 فبراير 1966، عندما استولى الضباط العلويون، في مقدّمهم محمد عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد، على السلطة في سورية. يمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك، إلى الثامن من مارس 1963، عندما نفّذ ضباط بعثيون انقلاباً أدّى إلى التخلّص من حكم مدني أسقط، بفضل عسكريين من المدن السوريّة الكبرى وليس من الريف، تجربة الوحدة مع مصر. كانت وحدة مصطنعة وفاشلة، لا أساس علميّاً لها، دامت ثلاث سنوات. أسّست تجربة الوحدة لنظام أمني سوري بقيادة الضابط عبدالحميد السرّاج، الذي لم يتردّد يوماً في إزالة من يعارضه أو تذويبه كما حصل مع القيادي الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو. لا يزال هذا النظام يتحكّم، إلى يومنا هذا، بسورية عن طريق القمع ولا شيء آخر.

وقفت روسيا، وقبلها الاتحاد السوفياتي مع كل ما يمكن أن يعرقل أي تسوية معقولة في المنطقة. لم يستطع أنور السادات التوصّل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل في مثل هذه الأيام من العام 1979، إلّا بعد التخلّص من وهم الاتحاد السوفياتي وسلاحه. كان ذلك عندما طرد الخبراء السوفيات من مصر في العام 1972، ثمّ خاض حرب أكتوبر في 1973، بهدف استعادة الأرض المصريّة وليس من أجل استمرار حال اللاحرب واللاسلم.

أدت حال اللاحرب واللاسلم في نهاية المطاف إلى ضم إسرائيل لهضبة الجولان السورية المحتلّة منذ حرب الأيّام الستة في العام 1967.

لا دور لروسيا في الشرق الأوسط والخليج، حيث لعبت دوراً في جعل اليمن الجنوبي، قبل تحقيق الوحدة اليمنيّة في مايو 1990، في عزله عن محيطه العربي والخليجي بدل تحولّه إلى دولة ناجحة. كان اليمن الجنوبي يمتلك كلّ مقومات الدولة الناجحة، لكن الاتحاد السوفياتي، الذي ولد نظام فلاديمير بوتين، من رحمه، استطاع جعل اليمن الجنوبي دولة فاشلة على كلّ صعيد في أقلّ من عشرين سنة.

تعطي المواقف الروسيّة المتكررة من الهجوم الإرهابي الذي شنته مجموعة متطرفة تابعة لـ«داعش» على صالة حفلات موسيقية في إحدى ضواحي موسكو فكرة عن مدى وجود فلاديمير بوتين، في عالم آخر لا علاقة له بالواقع. من يتجاهل الواقع في روسيا نفسها لا يلام على تجاهله الواقع في الشرق الأوسط، بما في ذلك توريط النظام في سورية في حرب على الشعب السوري بدعم إيراني. يكفي للتأكد من ذلك ما قالته الناطقة باسم وزارة الخارجيّة الروسيّة عن أن الولايات المتحدة تحمي الرئيس الأوكراني فلودومير زيلنسكي، الذي تعتبره مسؤولاً عن المجزرة التي وقعت في قاعة للحفلات الموسيقيّة. ذهب ضحية المجزرة التي وقعت قبل نحو أسبوعين نحو 150 مواطناً روسيّاً.

لم تكتف الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بتوجيه الاتهامات إلى الإدارة الأميركية بحجة أنّها تحمي زيلنسكي. ذهبت إلى أبعد من ذلك في المطالبة بتطبيق القانون الدولي وكأن غزو بلد مستقلّ هو أوكرانيا له علاقة من قريب أو بعيد بالقانون الدولي. قالت زاخاروفا في تصريح لقناة «روسيا 1» الرسمية: «تنوي روسيا اللجوء إلى المحاكم الدولية. ويجري الآن إعداد الوثائق المتعلقة بذلك». أوضحت زاخاروفا أنّ روسيا «أرسلت مذكرة بشأن مكافحة الإرهاب إلى أوكرانيا عبر القنوات الديبلوماسية. نحن نتحدث عن مطالبات (في المذكرة التي أرسلت إلى كييف) في إطار الاتفاق الدولي لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل والاتفاق الدولي لقمع تمويل الإرهاب» وضرورة القبض الفوري وتسليم جميع المتورطين في الهجمات الإرهابية.

كان لا بدّ من التعريج على الموقف الروسي من أوكرانيا لإثبات أن لا أمل يُرجى من روسيا التي تجد نفسها مضطرة إلى الاتكال على إيران والسلاح الذي تنتجه لمتابعة حربها على أوكرانيا. استفاقت روسيا فجأة على القانون الدولي لتبرير حربها على أوكرانيا. تريد إقناع العالم بوجود علاقة بين أوكرانيا و«داعش» أو لمجموعات ملحقة بها كانت وراء مجزرة الصالة الموسيقية (كوكوس) في إحدى ضواحي موسكو.

لا يحقّ لمن يتجاهل دور النظامين السوري والإيراني في قيام «داعش» الشكوى من هذا التنظيم ومن تنظيمات تشبهه... عندما يضرب الإرهاب في موسكو. لا يحقّ لمن يتغاضى عن ميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق أو الحوثيين في اليمن التحدث عن القانون الدولي.

في النهاية، ما نشهده حالياً من وحشية إسرائيلية في غزّة لا يقارن سوى بوحشية النظام السوري في حربه على شعبه. أين موسكو من كلّ ذلك؟ هل كلّ ما تريده من العالم غض النظر عمّا تمارسه من وحشيّة في أوكرانيا منذ ما يزيد على سنتين؟


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقم الروسي من سورية إلى أوكرانيا العقم الروسي من سورية إلى أوكرانيا



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon