توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أميركا والمشروع التوسّعي الإيراني...

  مصر اليوم -

أميركا والمشروع التوسّعي الإيراني

بقلم - خيرالله خيرالله

من المفيد تكرار أنّ الحرب الأوكرانية، التي ستدخل قريباً سنتها الثانية، غيّرت العالم. لم تكشف هذه الحرب الحجم الحقيقي لروسيا ونوعية سلاحها والشخصية الحقيقيّة لفلاديمير بوتين فحسب، بل كشفت أيضاً أنّ المناورات السياسيّة الإيرانيّة لم تعد تنطلي على أحد. لم تعد تنطلي حتّى على الإدارة الأميركيّة الحالية التي اعتقدت في مرحلة معيّنة أنّ إعادة الحياة إلى الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني صار في متناول اليد.

كان هذا الاتفاق، وهو واقع الحال اتفاق أميركيّ - إيراني وقعته مجموعة البلدان الخمسة زائداً واحداً (الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن زائداً المانيا) مع «الجمهوريّة الإسلاميّة»، بمثابة رضوخ لإيران.

يرمز إلى هذا الرضوخ الرئيس السابق باراك أوباما الذي اختزل كلّ مشاكل الشرق الأوسط والخليج بالملفّ النووي الإيراني. ما لبث دونالد ترامب أن مزّق الاتفاق الذي سمح لإيران باستخدام الأموال التي جنتها منه بتعزيز دور ميليشياتها في المنطقة. أكثر من ذلك زاد المشروع التوسعي الإيراني عدوانية بفضل الخدمة التي أداها أوباما لنظام «الجمهوريّة الإسلاميّة»...

بسبب الانشغال الأميركي بالملف النووي الإيراني، تركت أميركا بشّار الأسد من دون عقاب على الرغم من استخدامه السلاح الكيميائي في حربه على شعبه في أغسطس من العام 2013. غيّر أوباما رأيه في اللحظة الأخيرة، بشهادة تشاك هيغل وزير الدفاع الأميركي وقتذاك، واتكل على ضمانات من بوتين ينزع بموجبها بشّار سلاحه النووي.

نسي أوباما أنّه كان جعل من استخدام السلاح الكيميائي «خطاً أحمر». ما حدث بعد استخدام رئيس النظام السوري لهذا السلاح في غوطة دمشق أنّ أوباما صار يرى كلّ الألوان باستثناء اللون الأحمر.

يعكس تصرّفه، في صيف العام 2013، الخوف من انزعاج إيران من أي مسّ بالنظام السوري الذي تبقى الولايات المتحدة المسؤول الأوّل عن بقائه وعن تحوّل سورية نفسها إلى بلد تحت خمسة احتلالات. بكلام أوضح، كان الرئيس الأميركي يخشى في العام 2013 انسحاب ايران من المفاوضات السرّية التي كانت تجري في سلطنة عُمان وأماكن أخرى بغية التوصل إلى الاتفاق في شأن الملف النووي.

لم يكن هذا الملف سوى غطاء لممارسات إيرانيّة من نوع آخر تستهدف القضاء على دول عربيّة معيّنة مثل العراق وسورية ولبنان واليمن والتحرّش بدول الخليج العربيّة.

من هذا المنطلق، إن أميركا آخر من يحقّ له تناول أي قضية متعلّقة بوجود النظام الأقلّوي في سورية. إذا كان من مسؤولية تقع على جهة دوليّة فاعلة لعبت دوراً حاسماً سمح ببقاء الأسد في دمشق، فإن هذه الجهة هي الإدارات الأميركيّة التي رفضت منذ العام 2011 وضع حدّ لعلمية تفتيت سورية على يد النظام المافياوي الذي تأسّس في العام 1970.

هل بات في الإمكان الكلام، في ضوء الحرب الأوكرانيّة، عن زوال الأوهام الأميركيّة في شأن ايران؟ الجواب أنّ ذلك ممكن بعدما صارت «الجمهوريّة الإسلاميّة» شريكا في الحرب التي يشنّها بوتين على أوكرانيا، والتي تحولت إلى حرب روسية - أوروبيّة بكلّ ما في مثل هذا التطور من أبعاد تهمّ كلّ دولة من دول القارة العجوز.

يؤكّد مشاركة ايران في الحرب الأوكرانيّة المعلومات التي توزعها مصادر أميركيّة تمتلك صدقيّة كبيرة عن أن ليس في استطاعة بوتين الاستمرار في حربه من دون الدعم الإيراني. يتمثل هذا الدعم في المسيرات والصواريخ الإيرانيّة التي ترسلها ايران إلى روسيا.

تكمن المفارقة في اكتشاف الأميركيين أخيراً عن معظم مكونات المسيّرات الإيرانيّة التي تفتك بالأوكرانيين حاليا ذات مصدر أميركي!

ليس معروفاً بعد إلى أي حدّ ستذهب إدارة جو بايدن في المواجهة مع ايران بسبب الحرب الأوكرانيّة. لكنّ اللافت في الأيام الأخيرة تغيير في اللهجة الأوربية تجاه نظام «الجمهوريّة الإسلاميّة» والإعدامات التي نفّذها في حق شبان إيرانيين بغية وضع حدّ للثورة الشعبيّة التي يشهدها البلد منذ مقتل الفتاة مهسا اميني في 16 سبتمبر الماضي.

لم يعد من شكّ أنّ العالم تغيّر منذ شنّ الجيش الروسي هجومه على أوكرانيا في 24 فبراير الماضي. قبل كلّ شيء، غرق بوتين في الوحول الأوكرانيّة. تبيّن لاحقاً أن الحلف القائم بينه وبين ايران حلف عميق وقديم وأنّ الرئيس الروسي وجد نفسه مضطراً للارتماء في الحضن الإيراني مع ما يعنيه ذلك من تراجع روسي أمام «الجمهوريّة الإسلاميّة» في سورية.

فوق ذلك كلّه، اكتشف بوتين حدود ما تستطيع الصين تقديمه له من دعم. اكتشف أن للصين، في ضوء المشاكل الداخليّة التي تواجهها، حسابات خاصة بها وليست على استعداد للذهاب بعيداً في استفزاز أميركا.

ثمّة فرصة كي تصحّح إدارة بايدن أخطاء الماضي القريب، خصوصا في ما يتعلّق بتلك التي ارتكبتها في التعاطي مع ايران منذ احتجاز الديبلوماسيين الأميركيين العاملين في السفارة الأميركية في طهران 444 يوماً في نوفمبر من العام 1979.

الأهمّ من ذلك كلّه، هل تعي الإدارة الأميركيّة أخيرا أن مشاكل دول المنطقة مع ايران ليست مرتبطة ببرنامجها النووي فحسب، بل بسلوك «الجمهوريّة الإسلاميّة» خارج حدودها أيضاً.

ماذا تفعل إيران بطائراتها المسيّرة وصواريخها الباليستية وما الهدف من تمويل ميليشيات مذهبيّة في العراق وسورية ولبنان واليمن؟ هل تفتح الحرب الأوكرانيّة عيون الإدارة على خطورة المشروع التوسعي الإيراني أخيراً؟

في النهاية استطاعت «الجمهوريّة الإسلاميّة»، المستفيد الأول من الحرب الأميركيّة على العراق في العام 2003، ابتزاز الإدارات الأميركيّة المتلاحقة إلى أبعد حدود الابتزاز. لم يختلف الديموقراطيون عن الجمهوريين في شيء عندما تعلّق الأمر بايران وكيفية التعاطي معها.

قد يكون السؤال الأهمّ الذي سيطرح في السنة 2023 هل يحصل التغيير الأميركي الكبير تجاه ايران... في ضوء الحدث الأوكراني أم لا؟


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا والمشروع التوسّعي الإيراني أميركا والمشروع التوسّعي الإيراني



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon