توقيت القاهرة المحلي 11:21:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا بديل لدى إسرائيل من التصعيد

  مصر اليوم -

لا بديل لدى إسرائيل من التصعيد

بقلم - خيرالله خيرالله

ضربت إسرائيل حديثا مطار حلب مرتين في غضون أسبوع. عطلت الملاحة فيه ليومين أو ثلاثة نتيجة الضربة الأولى والحقت اضرار اكبر في مدرج المطار في المرّة الثانيّة. ليس معروفا متى سيعاود المطار حركته العادية في ضوء الضربة الثانية.

يشير ما فعلته اسرائيل إلى وجود أجواء توتر في المنطقة، خصوصا في ظلّ إصرار لديها على منع تدفق السلاح الإيراني على سوريا التي كانت دائما ممرّا لهذا السلاح إلى لبنان. ليس معروفا إلى أين يمكن ان تصل درجة التوتّر، لكن الواضح أنّ حكومة يائير لابيد – بني غانتس، وهي على عتبة انتخابات عامة ستقرّر مصيرها بعد اقل من شهرين، مستعدة للذهاب بعيدا في اتجاه الحؤول دون تطويق إيراني لإسرائيل. يشكل لبنان وجنوب سوريا تحديدا، منطقتين تضافان إلى مناطق عدّة، بينها قطاع غزّة والعراق واليمن، فيها صواريخ إيرانية قادرة على بلوغ عمق الأراضي الإسرائيلية.

ليس في الإصرار الإسرائيلي على توجيه ضربات في الداخل السوري ما هو مضحك. المضحك في الموضوع هو رد النظام السوري على غارتي حلب الأخيرتين اللتين اعتبرهما "جريمة حرب". قبل ذلك قال وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد في تعليق على الغارة الأولى التي استهدفت مطار حلب: "إسرائيل تلعب بالنار وتعرض الأوضاع الأمنيّة والعسكريّة في المنطقة للتفجير". قال في الوقت ذاته للتلفزيون الروسي لدى سؤاله بطريقة مهذبة: لماذا يتأخر الرد السوري دائما على الإستهداف الإسرائيلي المستمر؟: "انا أقول بشكل دائم أنّه يوجد رد سوري على المحاولات الإسرائيلية ونحذر إسرائيل من التمادي في هذه الإعتداءات كما يحق لسوريا ان تردّ عندما تريد ذلك بكل انواع... صبر سوريا يجب الّا يختبر". لم يوضح المقداد معنى عبارة "بكل أنواع" وما الذي عناه بها. لكنّ الثابت أن كل ما يقوله يعبّر عن عمق الأزمة السورية في ظلّ وجود نظام برئاسة بشّار الأسد لا يزال قائما، وإن صوريا، بغية تحقيق هدف واحد وُجد النظام أصلا من اجله. هذا الهدف هو تفتيت سوريا التي عرفناها وذلك كي لا تقوم لها قيامة في يوم من الأيّام.

لا يمكن الإستخفاف بالضربتين الإسرائيليتين اللتين استهدفتا مطار حلب في وقت وجهت فيه ضربات أخرى إلى مواقع في دير الزور، بينها المطار. يأتي ذلك في وقت تمرّ فيه المنطقة كلّها في وضع بالغ الخطورة ناجم في اساسه عن المشروع التوسعي الإيراني الذي اخذ بعدا جديدا وزاد عدائيّة إثر تسليم إدارة جورج بوش الإبن للعراق على صحن من فضّة إلى الجمهورية الإسلاميّة" في ايران في ربيع العام 2003.

وقّعت ايران صفقة مع "الشيطان الأكبر" الأميركي في شأن برنامجها النووي، أم لم توقّع مثل هذه الصفقة، لم يعد امام إسرائيل سوى التصعيد.

يأتي التصعيد الإسرائيلي فيما تعيش المنطقة كلّها على وقع أربع أزمات في آن. الأولى أزمة النظام السوري الأقلوي نفسه، والثانية أزمة العجز الأميركي عن لعب دور بناء وواضح في الشوق الأوسط والخليج، والثالثة أزمة الطاقة التي باتت ذات بعد عالمي بعدما غزا فلاديمير بيوتين أوكرانيا في الرابع والعشرين من شباط – فبراير الماضي، والرابعة أزمة النظام الإيراني.

في أساس أزمة النظام الإيراني مشروع توسّعي قائم على نشر ميليشيات مذهبيّة في المنطقة كي تظهر "الجمهوريّة الإسلاميّة" في مظهر القوّة الإقليمية المهيمنة. يصرّ النظام الإيراني على لعب دور القوّة المهيمنة على الشرق الأوسط والخليج وما هو ابعد منهما على الرغم من وضعه الاقتصادي المزري من جهة وأن ليس لديه ما يصدره إلى خارج حدوده غير فوضى السلاح من جهة أخرى.

تضرب إسرائيل في سوريا حيث تجتمع الأزمات الأربع وحيث تنتظر تركيا الوقت المناسب لتوسيع المنطقة العازلة في الشمال السوري حيث هناك وجود عسكري أميركي أيضا.

ولّدت الأزمات الأربع أزمات فرعية، لكنها ذات اهمّية كبيرة من نوع أزمة لبنان وأزمة العراق وأزمة اليمن. يبدو مصير كلّ بلد من البلدان الثلاثة هذه، حيث التدخل الإيراني الواسع، على المحكّ. ليست سوريا وحدها التي تحتاج إلى صيغة سياسيّة جديدة بعد هذه السنوات الطويلة من الحكم العلوي ومن العجز عن خوض الحرب أو تحقيق السلم واستعادة الجولان، عندما كان ذلك متاحا. لبنان في مهب الريح، كذلك العراق واليمن.

ما الذي ستفعله إسرائيل التي تجد نفسها كلّ يوم مطوقة اكثر؟ الجواب في غاية البساطة. ليس امامها سوى التصعيد. بات خيار التصعيد مفروضا، بتعاطف أميركي، فيما الانتخابات العامة على الأبواب. بفارق صوتين أو ثلاثة في الكنيست، يحتمل ان يعود بنيامين نتانياهو إلى موقع رئيس الوزراء. لدى "بيبي" أعداء كثر داخل إسرائيل نفسها، كذلك إنّ "بيبي" ليس مقبولا اميركيا، من إدارة بايدن، تحديدا بعدما ارتبط بدونالد ترامب ارتباطا يمكن وصفه بالعضوي.

حتّى لو وقعت إدارة بايدن صفقة مع "الجمهوريّة الإسلاميّة"، لن تلعب دورا في لجم اسرائيل ومنعها من التصعيد. لا لشيء سوى لأنّ أي صفقة جديدة قد يتمّ التوصل اليها في شأن البرنامج النووي الإيراني لن تربط بين هذا البرنامج وسلوك "الجمهوريّة الإسلاميّة" خارج حدودها.

وسط كلّ هذه التعقيدات الإقليميّة والعالميّة، يبقى سؤال يفرض نفسه بقوّة والحاح. هل الضربات التي تنفذها إسرائيل مرتبطة بحرب محتملة اكثر شمولا في مرحلة معيّنة؟

الأكيد أن ضرب مطار حلب وإخراجه من الخدمة لهما رمزيّة، خصوصا في ظلّ تقارب تركي – إسرائيلي كان افضل تعبير عنه زيارة فرقاطة عسكرية تركية لميناء حيفا قبل ايّام قليلة. هذا امر يحدث للمرّة الأولى منذ العام 2010. هل صدفة أن يأتي هذا التقارب في هذا الوقت بالذات وفي ظل توسيع إسرائيل لعملياتها العسكرية وصولا إلى حلب التي لا تبعد كثيرا عن تركيا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا بديل لدى إسرائيل من التصعيد لا بديل لدى إسرائيل من التصعيد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"

GMT 07:26 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

حسابات التصميم الداخلي الأفضل لعام 2019 عبر "إنستغرام"

GMT 06:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أب يُصاب بالصدمة بعدما استيقظ ووجد ابنه متوفيًا بين ذراعيه

GMT 11:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشيزني يبيًن ما دار مع رونالدو قبل ركلة الجزاء هيغواين

GMT 09:16 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زوجة المتهم بقتل طفليه "محمد وريان" في المنصورة تؤكد برائته

GMT 17:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

فستان ياسمين صبري يضع منى الشاذلي في موقف محرج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon