توقيت القاهرة المحلي 09:36:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النظام الجزائري وتسخيف فلسطين

  مصر اليوم -

النظام الجزائري وتسخيف فلسطين

بقلم - خيرالله خيرالله

كعادته، لم يفوت النظام الجزائري الفرصة مجددا للإساءة إلى قضيّة فلسطين وتسخيفها، وهي في الأصل قضيّة شعب يعاني من الإحتلال يسعى إلى استعادة حقوقه المشروعة. لم تكن القضية الفلسطينية يوما بالنسبة إلى النظام الجزائري سوى مادة تصلح للتجارة والمزايدات، تماما كما الحال مع "الجمهوريّة الإسلاميّة" في ايران التي فعلت، منذ العام 1979، كلّ ما تستطيع من اجل تمكين إسرائيل من المضي في سياسة تستهدف تكريس الاحتلال لجزء من الضفة الغربيّة والقدس الشرقية...

كانت الإساءة الأخيرة، بل الجريمة الأخيرة، في حق فلسطين وقضيتها عندما وضع النظام الجزائري رئيس السلطة الوطنيّة الفلسطينية محمود عبّاس (أبو مازن) إلى جانب زعيم "بوليساريو" إبراهيم غالي. لم يسأل "أبو مازن"، الذي جلس إلى جانب غالي على منصة رسمية في ذكرى الإحتفال الجزائري بالذكرى الستين للإستقلال، نفسه: ما الهدف الجزائري من تسخيف القضيّة الفلسطينية إلى هذا الحدّ؟ وكيف يمكن، شخصيا، قبوله بذلك؟

من المستغرب قبول "أبو مازن" بهذه الإهانة الواضحة، التي تعني بين ما تعنيه، وضع نفسه في خدمة النظام الجزائري لا اكثر. قبل رئيس السلطة الوطنيّة للأسف الشديد، تحويل قضيّة فلسطين إلى سلعة للمتاجرة بها، على غرار المتاجرة الجزائرية بالصحراء المغربيّة والصحراويين المقيمين في مخيمات البؤس في تندوف. لا يهمّ النظام الجزائري خروج الصحراويين من تندوف والعيش في رحاب وطنهم المغربي بمقدار ما يهمّه بقاء هؤلاء في مخيّمات وتدريب مراهقين على السلاح. يرفض الأخذ في الإعتبار لواقع انّ كل ما يفعله هو تخريج مشاريع إرهابيين في منطقة الساحل الملتهبة الذي لا تحتاج إلى مثل هذا النوع من الخريجين.  

يبدو ان "أبو مازن" أوقع نفسه في فخّ جزائري كان مفترضا، بفضل ما يمتلك من بعض التجربة والوعي السياسي، تفاديه. لو امتلك حدّا أدنى من الوعي السياسي، لأكتشف ان ليس هناك أسوأ من المساواة بين القضيّة الفلسطينية وقضيّة الصحراء المغربيّة والمقارنة بينهما. لم تكن الصحراء يوما سوى قضيّة مغربيّة عادلة مرتبطة بتصفية الإستعمار واستعادة المملكة ذات التاريخ العريق أقاليم كانت تحت الاحتلال الإسباني حتّى العام 1975. أكثر من ذلك، إنّ الصحراويين المقيمين في الأقاليم الصحراويّة المغربيّة يتمتعون بكلّ حقوقهم مثلهم مثل ايّ مواطن مغربي في ظلّ لامركزيّة موسّعة.

لا دخل لقضيّة فلسطين، من قريب او بعيد، بقضيّة الصحراء المغربيّة. كل من يقوم بمثل هذه المقارنة إنّما يوجه ضربة إلى القضيّة الفلسطينية ويخدم إسرائيل وسياسة تكريس الاحتلال. كلّ ما في الأمر ان المغرب استعاد ارضا تشكل جزءا لا يتجزّأ من ترابه الوطني معتمدا على الوسائل السلميّة. لذلك، من الأفضل لـ"أبو مازن" ان يجد من يشرح له ما هي قضيّة الصحراء وكيف انّ هذه القضيّة مفتعلة من الفها إلى يائها وهي إختُلقت كي تشن الجزائر، الطامحة إلى ممر إلى المحيط الأطلسي، حرب استنزاف ذات طابع اقتصادي على المغرب. من الأفضل لـ"أبو مازن" ان يجد من يقول له ما هي ظروف "المسيرة الخضراء" وكيف شارك فيها نحو ثلاثمئة وخمسين الف مغربي، لم يكن لديهم من هدف سوى استعادة الصحراء، بمجرد انسحاب اسبانيا ورفع العلم المغربي، بطريقة سلميّة... وتأكيد ان القضيّة موضع اجماع وطني.

صديقك من صدقك، لو كان "أبو مازن" صديقا حقيقيا للجزائر، لكان نصح النظام بالتخلص من عقدة المغرب التي تتحكم به وبكل تصرفاته. لكان نصحه بالكف عن ممارسات تعود إلى سبعينات القرن الماضي وثمانيناته عندما كان النظام الجزائري يحتضن جماعة "أبو نضال" الفلسطينيّة المتخصصة بقتل مسؤولين فلسطينيين يمثلون منظمة التحرير الفلسطينية في دول اوروبيّة مثل عزالدين قلق ونعيم خضر وغيرهما. لم يكن من همّ لدى النظام الجزائري وقتذاك سوى تدجين ياسر عرفات، الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، عن طريق افهامه ان هناك دعما جزائريا للمنشقين عنه في "فتح" وخارج "فتح".

لم يكن الدعم الجزائري لتنظيمات فلسطينيّة معيّنة بريئا في يوم من الأيّام. نجد النظام، وهو نظام تسيطر عليه مجموعة من العسكر يسعى دائما إلى أدوار خارج حدوده ليثبت ان لديه أهمّية في حين ان المشكلة الحقيقية للنظام هي في الداخل الجزائري، مع الجزائريين اوّلا. نراه حاليا يحاول استمالة هذه الدولة العربيّة او الإفريقية او تلك وشخصا مثل "أبو مازن" بعدما عجز عن تسويق "بوليساريو" وما شابهها عربيا ودوليا.

باختصار شديد، لن يتمكن النظام الجزائري مهما استحوذ من دولارات بفضل ارتفاع سعر النفط والغاز اقناع العرب بانّ هناك قضية اسمها قضيّة الصحراء هي، بالفعل، بينه وبين المغرب الذي استطاع تحقيق اختراقات في كلّ انحاء العالم من اجل تأكيد انّها مغربيّة.

يظلّ الموقف الإسباني خير دليل على ذلك. هل سمع "أبو مازن" بالموقف الإسباني الذي يرى في الطرح المغربي الحلّ المنطقي لقضية الصحراء؟ هل سمع بالمواقف العربيّة الأخرى المتعاطفة مع المغرب وبفتح قنصليات عربيّة عدة في العيون، عاصمة الأقاليم الصحراويّة المغربيّة؟ هل يعرف مثله مثل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الذي ليس سوى واجهة باهتة للعسكر، أن لا قمّة عربيّة في الجزائر في حال ارتكاب جريمة طرح ايّ موضوع ذي علاقة بقضية مفتعلة مثل قضيّة الصحراء؟

لو كان "أبو مازن" يريد ان يكون صادقا مع النظام الجزائري، لكان امتلك حدّا ادنى من الشجاعة ليقول للذين استضافوه انّه جاء إلى الجزائر بإذن إسرائيلي وأنّه لا يستطيع العودة إلى رام الله من دون هذا الإذن وانّ لا دور للسلطة الوطنيّة سوى ان تكون شرطيّا لدى الاحتلال. لكان قال أيضا ان ما يجمع بينه وبين إبراهيم غالي ان الأخير يحتاج إلى اذن جزائري للخروج من الجزائر وإذن آخر للعودة وان الصحراويين الموجدين في مخيمات في تندوف ليسوا سوى رهائن لدى النظام وعسكره... وأن لا فارق في نهاية المطاف بين سلطة قمعيّة وسلطة قمعيّة أخرى!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام الجزائري وتسخيف فلسطين النظام الجزائري وتسخيف فلسطين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon