توقيت القاهرة المحلي 09:41:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مشروع غزّة في اليمن

  مصر اليوم -

مشروع غزّة في اليمن

بقلم - خيرالله خيرالله

ليست القذائف الحوثيّة التي استهدفت مدنيين في تعز في وسط اليمن سوى تأكيد لواقع يتمثل في انّ "جماعة انصار الله" تعرف تماما ماذا تريد. لن تقبل الجماعة الحوثيّة أي حل سياسي في اليمن من دون تكريس واقع معيّن يخدم المشروع التوسّعي الإيراني ويقع في سياقه.

يتمثّل هذا الواقع في تحويل جزء من اليمن إلى ما يشبه قطاع غزّة. نجحت "الجمهوريّة الإسلاميّة" في غزّة حيث شاركت الإخوان المسلمين، أي حركة "حماس"، في انقلاب منتصف حزيران – يونيو 2007. دعمت ايران الإنقلاب في غزّة على نحو مكشوف. لم يوجد من يتصدّى لذلك الإنقلاب في ظلّ سلطة فلسطينية تتميّز بالميوعة وقصر النظر. لم يوجد من يدرك معنى انتقال غزّة إلى قاعدة ايرانيّة يتحكّم بها الإخوان السلمون. لا يوجد حاليا ما يمنع نجاح ايران في شمال اليمن بما يشمل العاصمة صنعاء وميناء الحديدة.

بوضوح تام، يكشف الحوثيون ما الذي يريدونه، أو على الأصحّ ما الذي لا يريدونه. يريدون كيانهم السياسي بعاصمته صنعاء، التي استولوا عليها في 21 أيلول – سبتمبر 2014 بتواطؤ مع "الشرعيّة" التي كانت ممثلة وقتذاك بالرئيس السابق عبد ربّه منصور هادي. ما لا يريدون هو حلّ سياسي لا يعترف بأنّهم الآمر الناهي في منطقة يمنيّة لا تشمل صنعاء فحسب، بل تشمل ميناء الحديدة أيضا، فضلا عن جيب في تعز. يريدون حكم ما كان في الماضي الجمهوريّة العربيّة اليمنيّة، حتّى لو لم تكن تعز كلّها تحت سلطتهم.

تحوّل الكيان السياسي الحوثي، في نهاية المطاف، إلى قاعدة ايرانيّة في شبه الجزيرة العربيّة، قاعدة فيها صواريخ وطائرات مسيّرة. لم يقبل الحوثيون تمديد الهدنة ولن يقبلوا تمديدها إلّا اذا كانت تصب في خدمة مشروعهم، وهو المشروع الإيراني في اليمن الذي يبدو إلى اشعار آخر انّه مشروع يتقدّم. لا شيء يتقدّم في اليمن، هذه الأيّام، غير المشروع الإيراني.

كانت الضربة الوحيدة التي تلقاها هذا المشروع، منذ انطلاقه قبل سنوات طويلة، في كانون الثاني – يناير الماضي. وقتذاك، تمكنت قوات العمالقة، وهي في معظمها جنوبيّة، من وقف تقدمهم في محافظة شبوة الجنوبية من جهة وفكّ الحصار الذي فرضوه على مدينة مأرب من جهة أخرى.  

ما قام به الحوثيون في تعز حيث لديهم وجود عسكري، وحتى سياسي، جزء لا يتجزّأ من الردود الإيرانيّة على الجولة التي قام بها الرئيس جو بايدن في المنطقة وشملت إسرائيل والمملكة العربيّة السعودية مع محطة فلسطينية قصيرة، من باب رفع العتب، في بيت لحم.

لم تكن قمّة طهران الإيرانيّة – التركيّة – الروسيّة الردّ الوحيد على مجيء الرئيس الأميركي إلى المنطقة وعلى القمم التي انعقدت في جدّة. لا يزال اليمن ورقة مهمّة من الأوراق الإيرانيّة. لكنّ اليمن يشكل أيضا تحدّيا لإدارة بايدن التي سيتوجب عليها التخلي عن وهم الحل السياسي في اليمن في ظلّ موازين القوى القائمة. بكلام أوضح، إنّ الحل السياسي وارد، بل هو ضرورة لليمن الذي يعاني شعبه من كلّ أنواع المشاكل، بما في ذلك الفقر والجوع والمرض. لكنّ مثل هذا الحال يحتاج إلى اقناع الحوثيين انّ الحلّ السياسي في مصلحتهم وأنّ ليس في استطاعتهم الوقوف في وجهه. كيف ذلك؟ الجواب في تغيير يحصل على الأرض. هل يستطيع مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي احداث هذا التغيير الذي يحتاج بدوره إلى تغيير في الموقف الأميركي بشكل عام وليس إلى مسايرة الحوثيين عبر رفعهم عن لائحة الإرهاب؟

لا شكّ ان الحوثيين يشكلون جزءا من النسيج اليمني. لا يستطيع أيّ عاقل تجاهل ذلك. لكنّه لا يوجد أيضا أيّ شكّ في أنّ تحويل شمال اليمن إلى قطاع غزّة آخر خطر كبير على كلّ دولة من دول المنطقة في وقت لا تهمّ ظروف عيش اليمنيين ايران. لا يهمّ ايران عدد اليمنيين الذين يمكن ان يموتوا يوميا بسبب الفقر والمرض وفقدان المواد الغذائيّة. يؤكّد ذلك غياب أي مشروع، لدى الحوثيين، غير مشروع تجنيد مراهقين وزجّهم في المعارك بعد تلقيهم خرافات. لم يعد سرّا أنّ الحوثيين استطاعوا تحقيق تغييرات كبيرة في كلّ مناطق سيطرتهم، بما في ذلك تغيير طبيعة المجتمع اليمني في مناطق عدة في الشمال حيث استطاعوا القضاء على التركيبة القبلية التي تحكمت به.

إلى اشعار آخر، ليس ما يشير إلى وجود قوى سياسيّة أو قبلية على استعداد للتصدي لـ"جماعة انصار الله" في المناطق الشماليّة، لكنّ ما لا يمكن تجاهله أنّ الحاجة، اليوم قبل غد، إلى إيجاد من يتصدّى للحوثيين وإقناع القبائل الشمالية، بما في ذلك ما يسمّى قبائل الطوق، بأن هؤلاء يمكن قهرهم. هذه القبائل الشمالية التي تطوّق صنعاء استسلمت في الماضي امام الحوثيين. لم تقف في وجه اجتياحهم صنعاء. على العكس من ذلك ساعدتهم، قبل ثماني سنوات بالتمام والكمال، في الوصول إلى العاصمة عبر محافظة صعدة التي كان مفترضا ان يدافع عنها الجيش اليمني. كان ذلك الجيش بقيادة عبد ربّه منصور هادي الذي تجاهل في تلك المرحلة، عن سابق تصوّر وتصميم، كلّ التحذيرات التي بعث بها اليه الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.

من اجل منع تحول اليمن الشمالي إلى غزّة أخرى، تبدو الحاجة أكثر من أي وقت إلى مقاربة مختلفة للأزمة اليمنية. لا تقتصر الحاجة إلى تفعيل مجلس القيادة الرئاسي فحسب، بل يبدو ضروريّا أيضا أن تغيّر الإدارة الأميركية سياستها بما يتجاوب مع مخاوف دول المنطقة التي جاء الرئيس بايدن إلى السعوديّة لطمأنتها وليس لتأكيد انسحاب اميركا من الخليج والشرق الأوسط.

تردّ ايران على جولة الرئيس الأميركي. يبدو اليمن بين الأماكن التي تردّ فيها. هل تبقى واشنطن تتفرّج مثلما تفرّجت في الماضي على "حماس" تستولي على قطاع غزّة وتحويله إلى احدى الأوراق الإيرانيّة في المنطقة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع غزّة في اليمن مشروع غزّة في اليمن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon