توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بيان أميركي عن اليمن يثير المخاوف!

  مصر اليوم -

بيان أميركي عن اليمن يثير المخاوف

بقلم - خيرالله خيرالله

ليس سرّا أن الإدارة الأميركيّة بذلت جهودا كبيرة من أجل اقناع الحوثيين بتمديد الهدنة في اليمن شهرين إضافيين، علما أنّ الهدف الأصلي كان تمديدا لستة أشهر أخرى.

اصدر الرئيس جو بايدن بيانا شكر فيه الملك سلمان ووليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان على دفعهما في اتجاه تمديد الهدنة المستمرّة منذ نيسان – ابريل الماضي. ركّز في بيانه على دور السلطان هيثم، سلطان عمان، وجهوده واتصالاته مع كلّ الفرقاء المعنيين. لم ينس شكر مبعوث ادارته إلى اليمن تيموثي ليندركينغ و"عمله يدا بيد" مع مبعوث الأمم المتحدة هانس ليندبرغ من اجل تمديد الهدنة والتمهيد لتسوية سلميّة "شاملة" تضمّ "كل الفرقاء" في اليمن. كذلك، لم ينس الرئيس الأميركي جهود وزير خارجيته انطوني بلينكن واتصالاته التي شملت رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي ومساعيه من اجل التوصّل إلى الهدنة.

كشف البيان الصادر عن البيت الأبيض الذي لم ترد فيه إشارة إلى ايران، علما أنّها الطرف الذي يسيّر الحوثيين ويتحكّم بقرارهم، نواقص عدّة. من بين هذه النواقص غياب أي تحديد للتسوية السلميّة في اليمن وطبيعتها. يضاف إلى ذلك التجاهل الكامل لوضع مدينة تعز، كبرى المدن اليمنيّة الواقعة في وسط البلاد والتي يسيطر الحوثيون على الطرق المؤدية لها من صنعاء ومناطق أخرى. ليس معروفا لماذا هذا التجاهل الأميركي لتعز في حين هناك تشديد على المطالبة بزيادة الرحلات من مطار صنعاء الذي يسيطر عليه الحوثيون ودعوة إلى مزيد من التسهيلات لاستيراد البضائع من ميناء الحديدة الذي هو تحت السيطرة الحوثيّة أيضا.

لا يمكن إلّا الترحيب بأي وقف للقتال في اليمن الذي يعاني شعبه من ظروف مأساوية على كلّ صعيد، خصوصا في ظلّ مجاعة وفقدان مقومات الحياة الكريمة. اكثر من نصف الشعب اليمني جائع. هناك أطفال يموتون بسبب فقدان الحليب والأدوية. فوق ذلك كلّه، انهار النظام التعليمي كلّيا في اليمن. لم يبق منه سوى الخرافات التي ينشرها الحوثيون في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم. لم يبق في شمال اليمن سوى من يجنّد الأطفال ويرسلهم إلى القتال تحت شعارات مضحكة مبكية.

في مجال توصيف ما آل اليه الوضع اليمني، لا بدّ من ملاحظة أن احمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس اليمني (الراحل) علي عبدالله صالح، امتلك ما يكفي من الشجاعة من اجل توجيه نداء اعتبر فيه أنّه "حان الوقت أن يكون التصالح والحوار أساساً للتفاهم ومدخلاً لبناء وطن يتسع للجميع (...) يتعايش في ظله الجميع بإخاء وتعاون، وفي ظل مواطنة متساوية وعدالة اجتماعية لا تمييز فيها لأحد على أحد أو ادعاء بالاصطفاء أو التميز بأي شكل من الأشكال".

من الواضح أنّ عبارة "ادعاء الإصطفاء أو التميّز" موجهة إلى الحوثيين الذين يسمون نفسهم "جماعة انصار الله" والذين يعتبرون نفسهم فئة مختلفة متفوّقة من اليمنيين يحقّ لها ما لا يحقّ لغيرها. هذه ظاهرة من المظاهر المرعبة في اليمن يبدو أن الإدارة الأميركيّة الحاليّة تتعامى عنها، خصوصا عندما تتجاهل الدور المحتمل لأحمد علي عبدالله في شمال اليمن مستقبلا، سياسيا وعسكريّا. تتعامى عن أنّ حلقة مهمّة من حلقات عدة أدّت إلى تشظي البلد كانت حلقة الغاء دور الجيش اليمني. اتخذ هذا القرار الرئيس السابق عبد ربّه منصور هادي بعيد تسلّمه السلطة في شباط – فبراير 2012 وابعاده أحمد علي عبدالله صالح الذي كان على رأس ألوية "الحرس الجمهوري" التي لعبت دورا مهمّا في التصدي للحوثيين.

لا ترى الإدارة الأميركيّة، التي ذهبت بعيدا في استرضاء الحوثيين في ما يخصّ مطار صنعاء وميناء الجديدة، النتائج التي ترتبت على الغاء دور الجيش اليمني وتسهيل الرئيس السابق عمليّة اجتياح الحوثيين لصنعاء في 21 أيلول – سبتمبر 2014!

يشبه حلّ الجيش اليمني قرار بول بريمر المندوب السامي الأميركي في بغداد الذي حلّ في العام 2003 الجيش العراقي بحجة وجود هيمنة سنّية عليه. في اليمن، كما في العراق، خدم حلّ الجيش ايران ومشروعها. هذه نقطة تتغاضى الإدارة الأميركيّة عنها مثلما تتغاضى عن عجز اليمنيين الدائم عن الاتفاق في ما بينهم على أي مشروع سياسي قابل للحياة.

من يتمعّن في نص البيان الأخير الصادر عن الرئيس بايدن يضع يده على قلبه. يعود ذلك إلى أنّ البيان يثير مخاوف من أن الإدارة الأميركيّة باتت مقتنعة بأن الكيان الإيراني في اليمن صار امرا واقعا. اكثر من ذلك، ترى أنّ مثل هذا الكيان صار قدرا يمنيا على أهل صنعاء المعروفين بدماثة الخلق العيش في ظلّه. لو لم يكن الأمر كذلك، لماذا كلّ هذا الإسترضاء للحوثيين في ما يخصّ مطار صنعاء وميناء الحديدة من دون ذكر للطرق المؤدية إلى تعز التي يسيطر عليها الحوثيون.

يعزّز هذا الشعور بالخوف أنّ الإتحاد السوفياتي نفّذ في اليمن الجنوبي، الذي كان حتّى العام 1990 دولة مستقلّة، انقلابا على مراحل منذ استقل هذا البلد في العام 1967. توّج الإنقلاب بتحوّل ما كان يسمّى "جمهوريّة اليمن الديموقراطيّة الشعبيّة" مجرّد قاعدة سوفياتيّة في شبه الجزيرة العربيّة. لم تسقط هذه القاعدة سوى مع سقوط الإتحاد السوفياتي. لم تتحقّق الوحدة اليمنيّة بعيدا عن هذا السقوط الذي يرمز اليه انهيار جداد برلين في تشرين الثاني – نوفمبر من العام 1989. وهو انهيار مهّد لتوحيد المانيا.

هل الكيان الإيراني جزء من الحلّ السياسي في اليمن وهل تتعايش معه الإدارة الأميركيّة مثلما تعايشت في الماضي مع القاعدة السوفياتيّة التي قامت في اليمن الجنوبي؟

مرّة أخرى، يبدو تمديد الهدنة اليمنيّة ضرورة انسانيّة قبل أي شيء آخر في بلد انهكت فيه الحروب كلّ الأطراف المعنيّة بالقتال. لكنّ البيان الصادر عن البيت الأبيض يثير أسئلة من بينها هل يجب ان ننتظر انهيار النظام في ايران حتّى لا يعود هناك كيان تابع لـ"الجمهوريّة الإسلاميّة" في اليمن وكي يستعيد اهل صنعاء والحديدة ومناطق أخرى حريتهم وكرامتهم... وكي يعود الاستقرار إلى شبه الجزيرة العربيّة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيان أميركي عن اليمن يثير المخاوف بيان أميركي عن اليمن يثير المخاوف



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 10:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم

GMT 21:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى عبد الغني توجّه رسالة إلى محمد صلاح

GMT 17:26 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 20 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا ترد على رسالة طالب جامعي بطريقة طريفة

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وكالة فيتش ترفع التصنيف الائتماني للبنوك المصرية

GMT 19:10 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أسعار الكتاكيت في مصر اليوم الجمعة 25 سبتمبر 2020

GMT 15:28 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تعيين تركي آل الشيخ رئيسًا للاتحاد العربي لكرة القدم

GMT 16:33 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

جلوس صيف 2016 تتألق باللون الرمادي

GMT 17:06 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

لطيفة تطرح كليبها "الأستاذ" برفقة شقيق أمير كرارة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon