توقيت القاهرة المحلي 19:32:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكومة فلسطينيّة لمرحلة ما بعد حرب غزّة

  مصر اليوم -

حكومة فلسطينيّة لمرحلة ما بعد حرب غزّة

بقلم - خيرالله خيرالله

طبيعي أن تتشكل حكومة فلسطينية جديدة، خلفاً لحكومة محمّد إشتيّة الذي لعب من دون شكّ دوراً مهمّاً في مرحلة ما بعد اندلاع حرب غزّة، خصوصاً لجهة السعي إلى تفادي توسّع هذه الحرب. كانت إسرائيل تريد أن تشمل الحرب الضفّة الغربيّة. هذا أمر مازالت تطمح إليه.

تعني الحكومة الجديدة، بين ما تعنيه، وضع رئيس السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة محمود عبّاس (أبو مازن) على الرفّ. توجد حاجة إلى دم فلسطيني جديد وإلى تغيير في الذهنيّة، قبل أي شيء آخر. تبدو الحاجة إلى قيادة فلسطينيّة مختلفة بما يتلاءم مع المرحلة الجديدة التي تمرّ فيها القضية الفلسطينية من جهة ومع التطورات الإقليميّة المتسارعة من جهة أخرى. باختصار شديد، ثمّة حاجة إلى نوع جديد من الوزراء يعرفون العالم ويعرفون كيف تعمل المؤسسات الدولية فيه. الحاجة إلى حكومة تعرف موازين القوى الإقليميّة والدوليّة بعيداً عن الأفكار البالية التي أضاعت غزّة ووفرت غطاء لتدميرها بدل أن تكون نواة لدولة فلسطينية قابلة للحياة تستطيع العيش بسلام مع جيرانها.

يمكن تلخيص المرحلة الجديدة التي تمرّ فيها القضيّة الفلسطينيّة في سلسلة من التغييرات حصلت على الأرض منذ السابع من أكتوبر الماضي عندما قرّرت حركة «حماس»، أو على الأصحّ، قيادتها الداخلية، شن هجوم «طوفان الأقصى». كان هجوماً من دون أفق سياسي وضع «حماس» على الخريطة السياسيّة للشرق الأوسط، أقلّه موقتاً. في النهاية، لا يمكن بأي شكل الاستخفاف بالنتائج التي ترتبت على «طوفان الأقصى» الذي هزّ إسرائيل وزعزع ثقة الإسرائيليين بجيشهم الذي كان إلى مرحلة قريبة الجيش الذي لا يقهر. في الواقع، تغيّر الكثير في إسرائيل التي صارت دولة أكثر عدوانيّة من أي وقت بعدما اختزل رئيس الوزراء فيها بنيامين نتنياهو خياراته بالاستمرار في الحرب بهدف القضاء على «حماس». لن يتمكن «بيبي» من القضاء على «حماس». لذلك سيكون عليه القضاء على غزّة وتحويلها إلى أرض طاردة لأهلها الذين يبلغ عددهم نحو مليونين وثلاثمئة ألف شخص يقيمون في نحو 365 كيلومتراً مربّعاً!

تغيّرت إسرائيل كلّياً، بوجود «بيبي» على رأس الحكومة راهناً وفي غيابه المتوقع مستقبلاً. سيحاسب الإسرائيليون رئيس وزرائهم في المستقبل القريب. لكن الفلسطينيين، بفرضهم تشكيل حكومة جديدة تضمّ شخصيات تتمتع بكفاءة عاليّة، أخذوا المبادرة قبل غيرهم. سبقوا الآخرين في استشفاف التغييرات العميقة التي تبدو المنطقة مقبلة عليها. تحتاج مثل هذه التغييرات إلى شخصيات من مستوى مختلف تتعاطى مع الولايات المتحدة بذهنيّة عصرية كما تتعاطى مع أوروبا ومع الدول العربيّة الأخرى، خصوصاً دول الخليج العربي، بلغة الأرقام وبشفافيّة.

تشير الحكومة الجديدة إلى استعداد الفلسطينيين لتحمّل مسؤولياتهم بعدما أضاعت إسرائيل البوصلة السياسيّة وبات فيها من يعتقد أنّ «طوفان الأقصى» فرصة لتصفية القضية الفلسطينيّة عن بكرة أبيها. مثل هذا الأمر مستحيل لسبب في غاية البساطة. يعود هذا السبب إلى وجود شعب فلسطيني على أرض فلسطين.

عاجلاً أم آجلاً، سيتبيّن أمران. أولهما أن لا مستقبل سياسياً لـ«حماس» على الرغم من أنّها استطاعت إلغاء السلطة الفلسطينيّة والحلول مكانها. العالم يفاوض «حماس» حالياً، ولا يفاوض السلطة الوطنيّة في رام الله. لكنّ السؤال ما الذي تريده «حماس» غير العودة إلى حكم غزّة؟ يستأهل أهل غزّة أفضل مما أقيم على أنقاض حركة «فتح» ورموز السلطة الوطنيّة الفلسطينية التي دخلت مرحلة من الضياع في غياب ياسر عرفات.

الأمر الآخر الذي سيظهر إلى العلن يتمثّل في الحاجة إلى تغيير كبير وجذري داخل إسرائيل نفسها. بعد «طوفان الأقصى»، لم يبق شيء من إسرائيل غير الرغبة في الانتقام واستعادة قوّة الردع. لن يكون ذلك ممكناً من دون التخلص من بنيامين نتنياهو ومن رموز اليمين العنصري من أمثال إيتمار بن غفير وبتسئيل سموتريتش. سيحدث ذلك قريباً، لا لشيء سوى لأن لا مستقبل سياسياً لإسرائيل من دون مشروع سياسي قابل للحياة يأخذ في الاعتبار المعطيات الدولية والإقليمية والداخليّة، خصوصاً أن الشعب الفلسطيني موجود على الخريطة السياسيّة للمنطقة ولا يمكن تجاهله أو تجاوزه.

كان مهماً إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني في هذه المرحلة بالذات وبعد استبعاد «أبو مازن» الكفاءات الفلسطينية لأسباب لا تخفى على أحد قاطعاً الطريق في الوقت ذاته على أي انتخابات فلسطينيّة. فعل ذلك من منطلق أنّه يريد الانضمام إلى نادي الرؤساء إلى مدى الحياة... حتّى لو كان ذلك على حساب الحياة السياسية الفلسطينيّة التي ألغاها من الوجود. ألغى الحياة السياسيّة عندما أزاح عن السلطة أي شخصية فلسطينية ذات وزن أو معنى أو ذات علاقات عربيّة أو دوليّة.

من الآن إلى أن تنتهي حرب غزّة، ستحصل تطورات كثيرة على الأرجح. من بين هذه التطورات احتمال توسع الحرب إلى لبنان. سيترافق ذلك مع سعي دولي إلى وضع حدّ لما يقوم به الحوثيون في اليمن، بناء على طلب إيراني، من أجل تعطيل الملاحة في البحر الأحمر والحاق ضرر كبير بمصر. يحصل ذلك عن طريق خفض عائدات مصر من حركة المرور في قناة السويس...

أيّا تكن طبيعة التطورات التي تبدو المنطقة مقبلة عليها، أعد الفلسطينيون، في حال نجاحهم في تشكيل حكومة جديدة تضمّ شخصيات ذات قدر، لمرحلة ما بعد حرب غزّة ومآسيها التي تسببت بها الوحشية الإسرائيليّة التي لا حدود لها. إنّها مرحلة جديدة لا مكان فيها لبنيامين نتنياهو ولا لـ«حماس» التي تستطيع التمسك بورقة الرهائن الإسرائيليين إلى ما لا نهاية ولكن من دون نتيجة تذكر على أرض الواقع. كذلك، لا مكان للسلطة الوطنيّة بشكلها الحالي ولا لحال العقم الذي تتميّز بها...


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة فلسطينيّة لمرحلة ما بعد حرب غزّة حكومة فلسطينيّة لمرحلة ما بعد حرب غزّة



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon