توقيت القاهرة المحلي 16:47:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المصالحة الفلسطينيّة... تسلية في الوقت الضّائع!

  مصر اليوم -

المصالحة الفلسطينيّة تسلية في الوقت الضّائع

بقلم - خير الله خير الله

ليس معروفاً ما الفائدة في الظروف الراهنة من مصالحة فلسطينيّة – فلسطينيّة، خصوصاً أنّه لا وجود لما يسمّى مصالحة من أجل المصالحة. لا بدّ من أن يكون لأي مصالحة هدف سياسي محدّد. ما الهدف السياسي المحدد لدى "حماس" التي تبيّن أن كلّ ما فعلته إلى يومنا هذا صبّ في خدمة المشروع التوسعي الإيراني؟ هل من هدف... أو على الأصحّ من وهم لدى "حماس" غير العودة إلى حكم غزّة؟

لا فائدة من أي مصالحة، لا لشيء سوى لأنّ "حماس" لا تستطيع تقديم إضافة ذات طابع إيجابي للمشروع الوطني الفلسطيني. بعد تدمير إسرائيل لغزّة، استفاقت الحركة فجأة على المشروع الوطني الفلسطيني. في أساس هذا المشروع خيار الدولتين الذي حاربته الحركة منذ اليوم الأوّل لقيامها قبل نحو أربعة عقود. لا فائدة تُذكر من المصالحة، لو تمّت في الصين أو غير الصين، نظراً إلى أنّ لا أفق سياسياً لها. ليس هناك في العالم من هو مستعد للتفاوض مع "حماس" من أجل تحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني، وهي أهداف لم يكن لـ"حماس" علاقة بها في يوم من الأيّام، خصوصاً عندما رفعت شعارات مستحيلة التحقيق لا علاقة لها بالواقع، من نوع "فلسطين وقف إسلامي" أو "تحرير فلسطين من البحر إلى النهر"... أو "من النهر إلى البحر" لا فارق.

ارتبط المشروع الحمساوي في كلّ وقت بمشاريع نادى بها اليمين الإسرائيلي الذي رفع، من أجل تكريس الاحتلال للضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة، شعار "لا وجود لطرف فلسطيني يمكن التفاوض معه". سعى هذا اليمين في كلّ وقت إلى إفشال أي محاولة تستهدف إطلاق أي عمليّة سلام جدّية. يحكم هذا اليمين إسرائيل، منذ اغتياله إسحق رابين في تشرين الثاني – نوفمبر 1995 بعد نحو سنتين من توقيع اتفاق أوسلو. كان يمكن البناء على أوسلو لو صفت النيات ولم يتعرّض الاتفاق الذي أعاد ياسر عرفات إلى أرض فلسطين، لكلّ تلك الهجمات التي استهدفت القضاء عليه. لا يمكن تجاهل أنّ الضربة الأولى التي تلقاها اتفاق أوسلو كانت في شباط – فبراير 1994 على يد متطرّف إسرائيلي، يدعى باروخ غولدشتاين، ارتكب مجزرة في حق المواطنين الفلسطينيين في الحرم الإبراهيمي في الخليل. سبقت تلك المجزرة، التي راح ضحيتها أبرياء، العمليات الانتحارية لـ"حماس" التي استهدفت إجهاض أي مسار سلمي قبل ولادته من جهة، وتغيير طبيعة المجتمع الإسرائيلي في اتجاه مزيد من التطرّف من جهة أخرى.

تجاوزت الأحداث المصالحة بين "فتح" و"حماس" في ضوء ما تعرّضت له غزّة. أكثر من أي وقت، هناك حاجة فلسطينيّة إلى الخروج من أسر الشعارات التي أوصلت غزّة إلى ما وصلت إليه بعدما اعتقدت "حماس" أنّ في استطاعتها شنّ هجوم بحجم هجوم "طوفان الأقصى" من دون التفكير ملياً بما سيكون عليه اليوم الذي يلي الهجوم.

الموضوع المطروح حالياً موضوع قيام سلطة وطنيّة جديدة تأتي عبر صناديق الانتخاب، ترسم ملامح المرحلة الجديدة التي ستمرّ بها القضيّة الفلسطينيّة في ضوء حرب غزّة وانعكاساتها على المنطقة كلّها. تبدو الأمور رهن قيام مثل هذه السلطة وليس بمصالحة بين رام الله و"حماس" أو بين "فتح" و"حماس". لن تقوم مثل هذه السلطة قبل توقف حرب غزّة... وقبل خروج بنيامين نتنياهو من السلطة.

لن تقدّم المصالحة الفلسطينيّة ولن تؤخّر. ما يمكن أن يقدّم التفكير الجدّي في مرحلة ما بعد غزّة من منطلق أنّ "حماس" لا تمتلك مستقبلاً سياسياً مثلها مثل "بيبي" نتنياهو والسلطة الوطنيّة الفلسطينيّة بشكلها الحالي. الأهمّ من ذلك كلّه الدور الأميركي الفاعل في مجال المساعدة في قيام إسرائيل مختلفة لا تؤمن بأنه ليس في الإمكان تصفية القضيّة الفلسطينيّة فحسب، بل تؤمن، في المقابل، بأنّ خيار الدولتين هو الطريق الأقصر لقبول إسرائيل في المنطقة.

يبقى بالطبع الإطار العام لأي تسوية تتحقّق في يوم من الأيام في المنطقة. يتحدد مثل هذا الإطار في الإجابة عن سؤال في غاية الأهمّية مرتبط بالمشروع التوسعي الإيراني ومستقبله ومدى تأثيره على "حماس" ودورها ومستقبلها.

في انتظار تبلور معالم المرحلة، مرحلة ما بعد حرب غزّة، يمكن التسلي بالمصالحة الفلسطينيّة التي هي مثل الدوران على الذات لا أكثر. تبدو المصالحة بمثابة لعب في الوقت الضائع في وقت لا مكان فيه لمثل هذا النوع من التسليات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحة الفلسطينيّة تسلية في الوقت الضّائع المصالحة الفلسطينيّة تسلية في الوقت الضّائع



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon