توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أصيلة تصالح المرء مع الواقع

  مصر اليوم -

أصيلة تصالح المرء مع الواقع

بقلم - خيرالله خيرالله

«الصحراء الكبرى: من الحاجز إلى المحور»، «أوروبا: بين نوازع القوة والخروج من التاريخ»، «العرب اليوم وأعباء الفراغ الإستراتيجي».
كانت هذه ثلاثة عناوين كبرى لموسم أصيلة الـ44 الذي سمح هذه السنة، مرّة أخرى باكتشاف الفضاء المغربي المفعم بالحريّة الذي يسمح بمعرفة ما يدور في المنطقة والعالم.
سمح موسم أصيلة - 2023 خصوصاً بالتعرف، عن كثب، إلى ذلك الانقسام بين عرب يعيشون في الأوهام وعرب يتعاطون مع الواقع بكلّ تعقيداته. هذا الفضاء المغربي الفريد من نوعه، الذي باتت أصيلة جزءاً لا يتجزّأ منه، جزء من الجهود التي بذلها الملك محمّد السادس منذ اعتلائه العرش في العام 1999.
يوجد ملك في خدمة بلده وشعبه من خلال اطلاعه على كل صغيرة وكبيرة في المملكة ذات التاريخ العريق وتركيزه على كيفية جعل كلّ مغربي يشعر بالأمان والطمأنينة.
وراء موسم أصيلة فريق عمل متكامل. هذا الفريق نذر نفسه من أجل جعل تلك المدينة الصغيرة الواقعة على المحيط الأطلسي، في مكان غير بعيد عن طنجة، نقطة اشعاع فيها تمازج بين السياسة والثقافة والفن باشكاله المختلفة من موسيقى ورسم وغير ذلك.
باتت ثقافة أصيلة تجمع بين السياسة والثقافة والفنون بفضل رجل اسمه محمّد بن عيسى، عمدة المدينة وقبل ذلك وزير الخارجية المغربيّة ووزير الثقافة والسفير في واشنطن.
تسأل محمّد بن عيسى كيف يفسّر نجاح موسم أصيلة واستمراريته فيحدثك عن توجه عماده الحرّية بصفة كونها «سماد الإبداع وتنمية الإنسان».
يقول بن عيسى: «كان يحدونا دائماً الاهتمام بالمستقبل. لا يمكن إحداث أي توجّه مستقبلي من دون اعتماد هذا التوجه المبني على الحرّية وعلى الاعتراف بالواقع».
تسأله عن الاهتمام القديم لموسم أصيلة بأفريقيا وموضوع الصحراء الكبرى يجيب: «نحاول أن نشاهد المستقبل من خلال ما يجري. الربط يأتي في الحقيقة من ضرورة التعاطي مع الواقع كون ثلثي العرب في أفريقيا (مصر، السودان، المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا).
في الوقت ذاته، يسكن العرب ثلث التراب الأفريقي. ليس هناك للأسف هذا الاهتمام بالعمق الأفريقي عربياً. إنّي ألح على هذا البعد الأفريقي عربياً وأشدّد عليه».
في النهاية، وحسب قول بن عيسى إن «الخارطة العالمية تغيرت نوعياً في الآونة الأخيرة، كما أن الموازين الجيوسياسية تبدلت، وقواعد النظام الدولي لم تعد كما كانت. من هنا، لا بد من مراعاة هذه المستجدات في أي تفكير معمق وجدّي. هناك حاجة إلى تسليط الأضواء الكاشفة على هذه المعادلة، في اتجاهاتها ورهاناتها وآفاقها المستقبلية، بشكل يوفر رؤية واضحة وفهماً رصيناً للمعادلة الجيوسياسية العالمية بتأثيراتها الإقليمية، تلمساً للمسلك الناجع لاستعادة العرب زمام المبادرة الإستراتيجية في سياق دولي متغير. المطلوب منا هو نبذ الأحكام المتسرعة، والتفسيرات التبسيطية من أجل المساهمة الفاعلة في الحوار الجدي المطروح في ما يخصّ آفاق المستقبل العربي، وهو المستقبل الذي نصبو إلى أن يكون واعداً ومشرقاً».
كان موسم هذه السنة على وقع حرب غزّة. كان فرصة للتأكّد من وجود مجموعة كبيرة من العرب ترفض التصالح مع الواقع القائم. لذلك، وُجد في أصيلة من يريد تجاهل كلّياً الدور الذي باتت إيران تلعبه على الصعيد الإقليمي، بما في ذلك أنّ قرار السلم والحرب في الشرق الأوسط صار في يد «الجمهوريّة الإسلاميّة».
أثار طرحي المتعلّق بوجود نظام إقليمي جديد تتحكّم به إيران اعتراضات كثيرة. هناك عدد لا بأس به من المشاركين في أصيلة يرفض الاعتراف بأنّ المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي تغيّرت كلياً.
لم تتغيّر بسبب الوجود الإيراني فحسب، بل تغيّرت أيضاً في ضوء التغييرات التي طرأت على دول معيّنة بات مستقبلها في مهب الريح. من يستطيع التكهن بما ستكون عليه سورية مستقبلاً؟ كذلك الأمر بالنسبة إلى العراق ولبنان واليمن.
لنضع إيران وتدخلاتها وميليشياتها جانباً، من يستطيع إعطاء فكرة عن مستقبل السودان وكيف ستستقر عليه الأمور في ليبيا في يوم من الأيّام؟
من المشاهد المضحكة - المبكية في أصيلة، وجود مَن يتحدّث عن عالم عربي لم يتغيّر وأنّ على الدول العربيّة التعاطي مع حرب غزّة والمأساة التي يتعرّض لها الفلسطينيون، كما كانوا يفعلون في الماضي. أي عن طريق عقد قمّة عربيّة، على سبيل المثال.
ثمّة، بين العرب، من يرفض أن يأخذ في الاعتبار أن ما يدور في غزة وما هو أبعد من غزّة يأتي في ضوء حرب افتعلتها «حماس» وردّ الفعل الإسرائيلي الذي يتسم بالوحشية في عالم تغيّر في العمق تغيّراً كلّياً.
إنّه عالم تعتبر فيه كلّ دولة أوروبيّة نفسها مهددة بعد الحرب التي شنها فلاديمير بوتين على أوكرانيا واحتلاله جزءاً من أرضها.
يمتلك موسم أصيلة قدرة على جعل المرء ينظر إلى التغيّرات التي يشهدها العالم من بعيد، نسبياً، من أرض تنعم بالاستقرار والحرّية. في الواقع، يسمح الموسم بالربط بين الأحداث، خصوصاً أن حرب غزّة التي ستغيّر الشرق الأوسط كلّه، بما في ذلك إسرائيل نفسها، ما كانت لتبدأ لولا وجود نظام إقليمي جديد.
مثل هذا النظام الإقليمي الجديد بدأ يتكوّن مع قيام نظام «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران في 1979. انطلق مجدداً في العام 2003 مع تسليم أميركا، العراق على صحن من فضّة إلى إيران... وصولاً إلى حرب غزّة بكلّ تعقيداتها.
تسمح أصيلة بهدوئها بالتفكير في المستقبل وما إذا كان لهذا النظام الإقليمي الجديد أمل في أن يستمرّ طويلاً... أم أنّه مجرّد مرحلة انتقالية يمرّ فيها عالم عربي تحوّل إلى عوالم عدّة في انتظار تحقّق الفكرة التي يدعو موسم أصيلة إلى عدم تفويتها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصيلة تصالح المرء مع الواقع أصيلة تصالح المرء مع الواقع



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon