توقيت القاهرة المحلي 19:56:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسبانيا والمغرب... والبوابة الصحيحة

  مصر اليوم -

إسبانيا والمغرب والبوابة الصحيحة

بقلم - خيرالله خيرالله

مرّة أخرى يعود إلى المغرب، رئيس الوزراء الإسباني بدرو سانشيز، الذي ساهم في وضع الحجر الأساس لعلاقة من نوع مختلف بين البلدين. في أساس هذه العلاقة الجديدة المتطورة، التي تستهدف خدمة المصالح المشتركة للبلدين والشعبين، الموقف الذي عبّر عنه سانشيز لدى زيارته الرباط في أبريل 2022 وعقده لقاء مع الملك محمّد السادس.

يقوم هذا الموقف على «اعتبار المبادرة المغربيّة للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدّية وواقعيّة ومصداقيّة من أجل تسوية الخلاف» المرتبط بالصحراء.

جدّد رئيس الوزراء لدى مقابلته الملك محمّد السادس في الرباط، قبل أيّام قليلة، التزام إسبانيا الموقف الواضح من قضيّة الصحراء التي هي، في الأصل، خلاف مفتعل تقف وراءه الجزائر منذ العام 1975 عندما انسحبت إسبانيا من الصحراء. عادت الأرض إلى أصحابها، أي إلى المغرب بفضل «المسيرة الخضراء» التي عبّرت بشكل سلمي وحضاري عن عمق المشاعر الشعبيّة المغربيّة تجاه الأقاليم الصحراويّة وما تمثله بالنسبة إلى المملكة.

عرف سانشيز كيف الدخول إلى المغرب من البوابة الصحيحة. عرف ذلك من خلال إدراكه أنّ الصحراء قضية وطنيّة مغربيّة وأن العلاقة تمر من هذه البوابة. المغرب لا يتحدث بلغتين مختلفتين. على العكس من ذلك، يميّز الوضوح السياسة عموماً، كما حددها الملك محمّد السادس الذي وضع نفسه في خدمة المواطن المغربي وخدمة الوحدة الترابيّة للمملكة.

يشير كلّ ما قام به رئيس الوزراء إلى وجود عقل عصري في إسبانيا يلتقي مع عقل عصري آخر في المغرب. يسمح مثل هذا العقل بتطوير العلاقة بين البلدين الجارين واستفادة كلّ منهما من الآخر بعيداً عن الشعارات الفارغة والعقد.

يؤكد ذلك تنظيم المغرب مع إسبانيا والبرتغال لكأس العالم لكرة القدم في السنة 2030. ما كان ذلك ممكناً لولا وجود هذا العقل العصري الذي يربط بين المغرب من جهة، وإسبانيا والبرتغال من جهة أخرى في ظلّ رغبة مشتركة في الانطلاق بالعلاقات في اتجاه آفاق جديدة.

لم يعد سرّاً أنّ إسبانيا تجاوزت كل الضغوط التي سعى البعض إلى وضعها من أجل تعطيل أي تقدم في مجال تطوير العلاقات بين مدريد والرباط. لم تنفع الضغوط التي مورست على إسبانيا.

يضاف إلى ذلك، في طبيعة الحال، أنّ الرهان على المغرب رهان في محلّه، لا لشيء سوى بسبب وجود بعدين آخرين للعلاقة المغربيّة – الإسبانيّة.

يتمثل البعد الأوّل في تحول المغرب إلى جسر لأوروبا إلى أفريقيا. فيما يتمثّل البعد الآخر في الأفق الأطلسي للعلاقة مع المغرب الذي استطاع إيلاء الاهتمام الكافي بواجهته الأطلسيّة.

يفسّر ذلك ما ورد في البيان الصادر عن الديوان الملكي بعد استقبال محمّد السادس لرئيس الوزراء الإسباني.

ورد في البيان تأكيد اهتمام إسبانيا بـ«المبادرات الإستراتيجيّة التي أطلقها جلالة الملك محمّد السادس، خصوصاً مبادرة البلدان الأفريقيّة المطلّة على المحيط الأطلسي والمبادرة الملكيّة لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، كذلك أنبوب الغاز الأفريقي» الذي يربط بين نيجيريا والمغرب.

كان رهان إسبانيا على المغرب في محلّه. يعود ذلك إلى معرفة إسبانيا بوجود بوابة الصحراء التي ينظر من خلالها هذا البلد إلى علاقاته بالدول الأخرى. يفعل ذلك من منطلق أنّ ليس ما يعلو على الحقّ، خصوصاً إذا ترافق ذلك مع سياسة تتحلّى بالواقعية وبعد النظر في آن.

نجحت إسبانيا حيث فشلت فرنسا التي كان في استطاعتها الرهان على المغرب كي تبقى موجودة في القارة الأفريقيّة بدل أن تصبح ذات وجود غير مرغوب به في دول عدّة، خصوصاً مالي وبوركينا فاسو والنيجر وأفريقيا الوسطى.

تكمن مشكلة فرنسا، خصوصاً في عهد إيمانويل ماكرون في رفضها التعاطي مع الواقع المتمثل في الاختراق الأفريقي الذي حقّقه المغرب بفضل السياسة التي اتبعها محمد السادس، وهي سياسة قائمة على احترام خصوصيّة كلّ دولة أفريقية وعلى إقامة علاقات تستند إلى المصالح المشتركة.

الأكيد أن المغرب لا يمتلك إمكانات ماليّة كبيرة، لكنّ الأكيد أيضاً أنّه يعرف كيف يستخدم إمكاناته المتواضعة ووضعها في خدمة هذه الدولة الأفريقيّة أو تلك، في مجال الاستشفاء مع ما يعنيه ذلك من بناء مستشفيات، مثلاً، أو نشر الإسلام والاعتدال ومواجهة كلّ أنواع التطرّف.

فوق ذلك كلّّه، يستخدم المغرب ما لديه من ثروات طبيعيّة مثل الفوسفات كي تكون في أفريقيا مصانع تنتج أسمدة كيمياوية. هل يوجد أهمّ من مساعدة دول القارة السمراء في المجال الزراعي في أيامنا هذه بدل بيعها الأوهام والشعارات؟

تتطور العلاقات بشكل طبيعي. إنها علاقات يستفيد منها البلدان والشعبان. يظلّ أهم ما في تطور هذه العلاقات أنّها مبنيّة على أسس متينة من جهة وعلى وجود واقع لا يمكن تجاوزه من جهة أخرى. إنّه واقع مرتبط قبل كلّ شيء بالتطور الذي شهده المغرب في ربع قرن إن على صعيد تطوير بنيته التحتية التي تشبه كلّ يوم أكثر البنية التحتية لدولة أوروبية... أو على صعيد تأكيد مغربيّة الصحراء أميركياً وأوروبياً وعربياً.


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسبانيا والمغرب والبوابة الصحيحة إسبانيا والمغرب والبوابة الصحيحة



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon