توقيت القاهرة المحلي 20:07:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«حماس» والأردن... والمراهقة السياسيّة!

  مصر اليوم -

«حماس» والأردن والمراهقة السياسيّة

بقلم - خيرالله خيرالله

يعطي كلام القيادي الحمساوي موسى أبو مرزوق عن رغبة قيادة «حماس» في الانتقال إلى الأردن فكرة عن مدى جهل الحركة، بطبيعة المملكة الهاشميّة وتاريخها. كذلك، يعطي فكرة عن رغبة في الحاق الأذى بالفلسطينيين والأردنيين في الوقت ذاته، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار هذا العدد الكبير من الفلسطينيين المقيمين في المملكة الهاشميّة بكلّ أمان.

قبل كلّ شيء، الأردن ليس أرضاً سائبة كي يسمح أبو مرزوق وغيره من قيادي «حماس» في الذهاب بعيداً في الاستخفاف بهذا البلد الذي عمل كلّ ما يستطيع من أجل بقاء القضيّة الفلسطينيّة حيّة ترزق. الأكيد، ان القيادي الحمساوي يعيش في عالم آخر يجعله يعتقد أن في الإمكان انتقال «حماس» إلى الأردن بسهولة، من دون حسيب أو رقيب، كما لو أنّ الأردن هو لبنان المستباح إيرانياً إلى أبعد حدود. المملكة الأردنيّة ليست مستباحة ولديها جيشها ومؤسساتها الأمنيّة القادرة على حمايتها. الأهم من ذلك كلّه، أن الأردن دولة مؤسسات تعرف كيف تدافع نفسها بوجود أكثرية ساحقة من المواطنين تسعى إلى الأستقرار.

أخطر ما في كلام أبو مرزوق، الذي يمتلك دوراً مهمّاً داخل «حماس»، رفض تعلّم شيء من تجربة غزّة.

الواضح أنّ القيادي الحمساوي الذي كان يتحدّث إلى فضائية إيرانيّة عاجز عن استيعاب ما حلّ بغزّة في ضوء شنّ «حماس» لهجوم «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر الماضي من جهة والردّ الوحشي الإسرائيلي من جهة أخرى. قضت إسرائيل على غزّة وجعلت القطاع أرضاً طاردة لأهلها. من حسن الحظّ أنّه لاتزال توجد دول عاقلة مثل المملكة الأردنيّة الهاشمية تعمل بجهد، مع غيرها من العرب الشرفاء، من أجل وضع حدّ للحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة بغية إنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط سلسلة لا تنتهي من الجرائم الإسرائيلية.

بدل أن تساهم «حماس» في وضع حدّ للعدوان الإسرائيلي، عبر استيعاب ما حصل على الأرض، إذا بها تريد نقل تجربتها إلى الأردن. هذه مدرسة الذين يزدادون سوءاً بعدما صاروا على تماس مع الفكر السائد في إيران، وهو فكر يقوم على متابعة مشروع توسّعي على حساب كلّ ما هو عربي في المنطقة.

ليس سرّاً أن الأردن مستهدف إيرانياً. ليس سرّاً أيضا أنّ الحملة التي تشنّها «حماس» على المملكة الهاشميّة جزء لا يتجزّأ من الحملة الإيرانيّة التي من بين مظاهرها ممارسة ضغوط عبر أدوات مختلفة تستهدف الاستقرار في هذا البلد. من بين هذه الأدوات الإيرانيّة «حزب الله» في لبنان الموجود في الجنوب السوري، وميليشيات عراقيّة يجمع بينها اللون المذهبي من جهة والولاء الأعمى لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة»، وليس للعراق، من جهة أخرى.

كلّ ما على أبو مرزوق عمله هو العودة بالذاكرة إلى الخلف قليلاً من جهة والسعي إلى فهم الواقع على أرض الأردن من جهة أخرى. بالنسبة إلى العودة إلى الذاكرة، يمكنه التوقف عند حدثين. أولهما أحداث سبتمبر في العام السبعين من القرن الماضي. ما الذي كان حلّ بالفلسطينيين وقضيتهم لو لم ينقذهم الملك حسين وقتذاك من أنفسهم ومن مشروع الوطن البديل الذي أرادوا تنفيذه على أرض الأردن؟ مصيبة بنيامين نتانيهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، الذين ينتمون إلى اليمين المتطرّف، في أنّهم مازالوا يتوهمون بأن مشروع الوطن البديل للفلسطينيين في الأردن مازال حيّاً يرزق. دفن الملك حسين الوطن البديل وتكفّل الملك عبدالله الثاني بدفنه نهائياً عبر جهود دؤوبة استهدفت بقاء خيار الدولتين مشروعاً قابلاً للحياة وفي بال كلّ بلد مهمّ في هذا العالم.

لا حاجة إلى التذكير بالحدث الثاني وكيف استطاع الملك حسين إنقاذ حياة خالد مشعل، عندما تعرّض لمحاولة اغتيال وقف خلفها عملاء إسرائيليون في عمان. ذهب العاهل الأردني الراحل إلى حد التهديد بإلغاء اتفاق السلام الأردني – الإسرائيلي في حال لا تسلم إسرائيل الأردن جرعة من الدواء المضاد للسمّ الذي حقن به عملاء جهاز «الموساد» خالد مشعل في أحد شوارع عمّان.

بالنسبة إلى فهم الواقع الأردني، ترفض «حماس» فهم أن أكثرية ساحقة من الأردنيين، خصوصاً من ذوي الأصول الفلسطينيّة، ترفض توجهات تيار الإسلام السياسي. تقف الأكثرية الساحقة في الأردن مع الملك عبدالله الثاني وخلفه، لا لشيء سوى لأنّه عنوان للاستقرار والعقل السياسي الراجح الذي يصبّ في مصلحة كلّ مقيم على الأرض الأردنيّة. مَن مِن الأردنيين، أكان من أصول شرق أردنية أو فلسطينية لا يعرف أن المكان الوحيد الذي يستطيع أن يشعر فيه بأمان هو الأردن... يكفي للتأكد من ذلك مراجعة تجربة «الإمارة الإسلاميّة» التي أقامتها «حماس» في غزّة.

ليست حملة حماس على الأردن سوى في إطار الهدف الذي بات الجميع على علم به، خصوصاً في عالمنا العربي الذي لم يعد فيه مكان للمراهقين السياسيين الذين يرفضون الاستفادة من تجارب الماضي القريب ويصرّون على ممارسة الجهل في شأن كلّ ما له علاقة بالأردن من قريب أو بعيد.


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» والأردن والمراهقة السياسيّة «حماس» والأردن والمراهقة السياسيّة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon