توقيت القاهرة المحلي 15:52:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الثابت الوحيد في اليمن

  مصر اليوم -

الثابت الوحيد في اليمن

بقلم خيرالله خيرالله

الحرب إذن مستمرة، كذلك البحث عن حل سياسي. مثل هذا الحل السياسي لا يمكن أن يتوصل إليه إلا رجال كبار يستطيعون الوصول إلى صيغة ليمن جديد لا علاقة له بالدولة المركزية التي كانت تدار من صنعاء أو بالوضع الذي كان قائما قبل الوحدة، أي وضع الدولتين المستقلتين.
من الصعب أن تفضي المفاوضات اليمنية ـ اليمنية التي تشرف عليها الأمم المتحدة في الكويت إلى نتائج مهمّة تؤدي إلى اختراق سياسي من نوع ما. هذا عائد قبل كلّ شيء إلى أنّ المفاوضين الموجودين في الكويت ليسوا قادرين على اتخاذ قرارات كبيرة. هناك اعتبارات تقيّد الجانبين اللذين يتفاوضان في الكويت وتجعل كلاّ منهما أسير وضع لا يستطيع الخروج منه.
دخلت مفاوضات الكويت طريقا مسدودا فيما الوضع العسكري على الأرض يراوح مكانه بعدما نجح التحالف العربي، وعلى رأسه المملكة العربية السعودية، في توجيه ضربة قاصمة للمشروع الإيراني الذي كان يستهدف وضع اليد على هذا البلد العربي الذي لديه حدود طويلة مع المملكة العربية السعودية.

في مثل هذه الأيّام من العام 2014، بدأ الزحف الحوثي على صنعاء. استمرّ هذا الزحف، الذي استهلّ بإخراج آل الأحمر زعماء قبيلة حاشد من معقلهم في محافظة عمران، وصولا إلى السيطرة على مواقع اللواء 310 التي كانت تتحكّم بالطرق الأساسية المؤدية إلى العاصمة.

سيطر الحوثيون، الذين باتوا يسمّون أنفسهم “أنصار الله” مستوحين ذلك من تجربة “حزب الله” في لبنان، على صنعاء في الحادي والعشرين من أيلول ـ سبتمبر. اعتقدوا أن الدولة اليمنية صارت في جيبهم، خصوصا بعدما فرضوا “اتفاق السلم والشراكة” الذي باركته الأمم المتحدة عبر جمال بنعمر المبعوث السابق للأمين العام للمنظمة الدولية.

انطلقوا من صنعاء، بعد إعادة الحياة إلى حلفهم القديم الذي كان قائما، قبل العام 2003، مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح. احتلوا باب المندب واحتلوا عدن واحتلوا قبل ذلك ميناء الحديدة المهمّ. بدا في مرحلة معيّنة أن لا شيء يقف في دربهم، خصوصا بعدما استطاعوا الالتفاف على تعز وتجاوزها في اتجاه المحافظات الجنوبية.

بلع الحوثيون لقمة كبيرة، تبيّن مع الوقت أن ليس في استطاعتهم هضمها. هل أغراهم علي عبدالله صالح بتسهيل توسيع انتشارهم في البلد كي يستعيد مواقعه في صنعاء نفسها ويعزز وضعه فيها؟ إنّه سؤال يطرح نفسه، خصوصا أن الحوثيين الذين وضعوا الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي في الإقامة الجبرية لمرحلة معيّنة وأجبروه على الاستقالة، لا يمتلكون أيّ مشروع للبلد.

كلّ ما لديهم شعارات من النوع الذي يستخدمه “حزب الله” في لبنان، فضلا عن كلام كبير من نوع ذلك الذي صدر عن زعيمهم عبدالملك الحوثي بعيد احتلالهم لصنعاء.

نادى الحوثي وقتذاك بـ”الشرعية الثورية” وأعلن صراحة عن قيام نظام جديد بديل من النظام الجمهوري الذي أعلن عنه في السادس والعشرين من أيلول ـ سبتمبر 1962 عندما أطاحت مجموعة من الضبّاط النظام الإمامي. حَسِبَ عبدالملك الحوثي نفسه لينين أو ماو تسي تونغ أو كاسترو… أو آية الله الخميني، ناسيا أنّه في اليمن وأنّه لم يخرج يوما من صعدة ولا يعرف شيئا عن المنطقة ولا عن العالم.

من مشروع يغطي اليمن كلّه، تقلّص المشروع الحوثي، وهو مشروع إيراني في الأصل، إلى رغبة في المشاركة في حكومة جديدة تكون بديلا من الحكومة الحالية التي يرأسها أحمد بن دغر الذي حلّ مكان خالد البحاح.

والبحاح حضرمي آخر لم يستطع أن يجد أرضا مشتركة بينه وبين الرئيس الانتقالي الذي يبدو أنّه يحاول تقمّص شخصية علي عبدالله صالح في مرحلة تغيّر فيها كلّ شيء في اليمن، إضافة بالطبع إلى أن من الصعب لعبد ربّه أن يأخذ مكان شخص اختاره في الماضي ليكون نائبا لرئيس الجمهورية لأسباب لا تخفى على أحد.

في كلّ الأحوال، بات طموح الحوثيين أن يكونوا شركاء في السلطة، فيما ليس في استطاعة “الشرعية”، لا عبر الرئيس الانتقالي ولا عبر رئيس الوزراء الجديد ولا عبر وفدها في الكويت، فرض شروطها بعدما فشلت في البناء على ما حققته “عاصفة الحزم” على الأرض.

بكلام أوضح، لم تستطع “الشرعية”، على الرغم من إعادة ترميمها عن طريق رئيس جديد للوزراء وعبر تعيين الفريق علي محسن صالح الأحمر نائبا لرئيس الجمهورية تحقيق التقدّم المطلوب تحقيقه على الأرض كي تفرض شروطها على الجانب الآخر.

قبل أقلّ من سنة، لعبت القوات الإماراتية دورا في استعادة عدن من الانقلابين. لكنّ عدن ما تزال إلى اليوم مدينة مفخّخة. وفي مرحلة لاحقة حققت قوات التحالف تقدّما في محافظة مأرب ومديرية نهم القريبة من صنعاء. كذلك، أمكن استعادة مدينة المكلا ومينائها من تنظيم “القاعدة” وتوابعه.

المؤسف أن الوضع في تعز ومحيطها لا يزال على حاله. عاصمة الوسط اليمني ما زالت تتعذب في غياب زعامات كبيرة نافذة فيها قادرة على التصدّي بفعالية للحوثيين وللمتحالفين معهم.

هناك وضع جديد على الأرض في اليمن. ما حققته “عاصفة الحزم” لا يمكن الاستهانة به، خصوصا أن هناك وضوحا في الرؤية لدى معظم المشاركين في هذه العملية العسكرية الكبيرة التي كشفت خصوصا أنّ هناك جيوشا عربية قادرة على التصرّف على طريقة الجيوش الكبرى، بما في ذلك تقديم تضحيات.

وهذا ما يحصل في كلّ الحروب التي تشارك فيها جيوش محترفة تسعى إلى تنفيذ المهمات المرسومة لها. هذا التطور الذي كانت له ترجمة على أرض الواقع سمح لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي بالتأكيد مجددا قبل أيّام “أنّ القوات المسلّحة الإماراتية أدت دورها القتالي بشجاعة ومهنية. وسيستمر هذا الدور مع السعودية الشقيقة حتّى إعلان التحالف انتهاء الحرب”.

الحرب إذن مستمرّة، كذلك البحث عن حلّ سياسي. مثل هذا الحلّ السياسي لا يمكن أن يتوصّل إليه إلاّ رجال كبار يستطيعون الوصول إلى صيغة ليمن جديد لا علاقة له بالدولة المركزية التي كانت تدار من صنعاء أو بالوضع الذي كان قائما قبل الوحدة، أي وضع الدولتين المستقلتين.

باختصار شديد، ليس في استطاعة ما يسمّى “الشرعية” البناء على ما تحقّق عسكريا، أقلّه في غياب الأشخاص الذين يستطيعون أن يأخذوا على عاتقهم إعادة الحياة إلى عدن أو تحرير تعز كليّا. كذلك، لم يعد في استطاعة الحوثيين الذهاب إلى أبعد من طرح مطالب يعرفون سلفا أنّها مرفوضة، في حين أن طموحهم الأساسي هو تحويل صنعاء والمناطق التي تحت سيطرتهم إلى قطاع غزة آخر، على غرار ما فعلت “حماس”، وذلك بعد الفشل في نقل تجربة “حزب الله” في لبنان… إلى كلّ اليمن.

يبقى الأمر الأكيد الوحيد في اليمن غياب الحل السياسي في المدى المنظور والدوران في حلقة مغلقة في الكويت في ظل ثبات ليس بعده ثبات للحلف السعودي ـ الإماراتي الذي استطاع حماية الخليج العربي من تداعيات المغامرة الإيرانية التي قامت على فكرة أن أهل الخليج “نائمون” كما كان يتصوّر أحدهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثابت الوحيد في اليمن الثابت الوحيد في اليمن



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 08:27 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

بعد تحوّل حرب غزّة.. إلى حرب "بيبي"

GMT 08:01 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

انتخابات الجزائر.. تبون في عالم خاص به!

GMT 11:14 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

لا حاجة إيرانية بعد... للاستعانة بابتسامة ظريف

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon