توقيت القاهرة المحلي 20:07:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مقتل رئيسي... وسياق حرب غزّة

  مصر اليوم -

مقتل رئيسي وسياق حرب غزّة

بقلم - خير الله خير الله

في اعتقاد كثيرين، ستكون لمقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في حادث تحطم طائرة هليكوبتر مع مسؤولين آخرين بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، انعكاسات على الوضع الداخلي الإيراني. يعود ذلك قبل كلّ شيء إلى أن رئيسي رمز من رموز سيطرة «الحرس الثوري» على مفاصل الدولة الإيرانيّة.

يأتي غياب رئيسي في مرحلة انتقاليّة تمر فيها «الجمهوريّة الإسلاميّة» في ضوء تقدّم «المرشد» علي خامنئي في السنّ من جهة والصراعات الدائرة في شأن خلافته من جهة أخرى.

لا يمكن تجاهل أنّ رئيسي كان بين الأسماء المطروحة لتولي موقع «المرشد» مستقبلاً. كذلك، لا يمكن تجاهل أن الحدث الكبير جاء في سياق تطورات كبيرة في المنطقة انطلقت من حرب غزة التي دخلت فيها إيران على طريقتها.

ليس سرّاً أنّ الرئيس الإيراني الذي يشغل موقعه منذ العام 2021 ما كان ليفوز في الانتخابات الرئاسيّة بسهولة، صيف العام 2021 لولا أنّه يمثل «الحرس الثوري»... ولولا تاريخه المعروف بصفة كونه أحد أبرز الذين لعبوا دوراً في تصفية المعارضين في مرحلة معيّنة.

حصل ذلك عن طريق استخدام القضاء، الذي كان جزءاً منه، في عملية التصفية هذه التي شملت الآلاف في العام 1988.

قدّم رئيسي أوراق اعتماده إلى الجناح المتشدّد في النظام باكراً. في 1985، تولى منصب نائب المدعي العام للعاصمة طهران وهو المنصب الذي مهّد له السبيل لعضوية «لجنة الموت» عام 1988.

وضمت «لجنة الموت» التي نظرت في محاكمات سريّة انعقدت في العام 1988، ثلاثة قضاة آخرين إلى جانب رئيسي. ليس معروفاً على وجه الدقة عدد أولئك الذين أُعدموا في تلك المحاكمات، لكن جماعات حقوقية تشير إلى خمسة آلاف من الرجال والنساء دفنوا في مقابر جماعية لا شواهد لها في ما يعتبر جريمة في حقّ الإنسانية.

اللافت أنّ كبار المسؤولين في «الجمهورية الإسلامية» لا ينفون وقوع إعدامات، لكنهم يمتنعون عن مناقشة تفاصيل تلك الأحكام ومدى قانونيتها.

أمّا رئيسي نفسه، فقد أصرّ على إنكار أي دور له في أحكام الإعدام، لكنه دافع عنها في الوقت نفسه، قائلاً إنها جاءت بعد فتوى أصدرها «المرشد الأعلى» وقتذاك آية الله الخميني. بسبب دوره المفترض في تلك المرحلة، لقب بعض النشطاء رئيسي بـ«سفاح طهران».

كان لا بدّ من إيراد هذه النبذة القصيرة عن إبراهيم رئيسي في محاولة لفهم دوره في داخل النظام الإيراني الذي انتقل منذ سنوات عدّة إلى مزيد من التشدّد. يشير إلى ذلك إبعاد محمد جواد ظريف، عن وزارة الخارجية وحلول أمير عبداللهيان، مكانه.

جاء مقتل الرئيس الإيراني في ظلّ صراعات داخليّة من جهة وتعقيدات إقليميّة من جهة أخرى. يسمح ذلك بالتساؤل هل من علاقة بين الزيارة التي قام بها للمنطقة الحدودية مع أذربيجان لافتتاح سد أُقيم في تلك المنطقة ومن أجل عقد لقاء مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف.

لا يمكن في طبيعة الحال تجاهل العلاقة الوثيقة القائمة بين أذربيجان وإسرائيل على كل المستويات. الوجود الأمني الإسرائيلي قوي في أذربيجان.

لا تتجرأ إيران على التحرش بأذربيجان لأسباب مختلفة، من بينها الوجود الآذري القوي في إيران. خامنئي نفسه من أصول آذرية. واضح أنّه في حال حصل أي تحرّش، تسارع «الجمهوريّة الإسلاميّة» إلى لملمة الأمور تفادياً لأي مضاعفات.

هل يدخل مقتل رئيسي ومن معه في سياق حرب غزّة وذيولها وتشعباتها؟ تصعب الإجابة عن هذا السؤال، لكنّ الأكيد أن الغرب عموماً الذي شهد كيف شنت «الجمهوريّة الإسلاميّة» حروباً خاصة بها على هامش حرب غزّة بدأ يعي خطورة المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة.

بدأ الغرب يستوعب معنى وجود ميليشيات إيرانيّة في اليمن ولبنان وسورية والعراق ومعنى تحكم إيران بالملاحة في البحر الأحمر، عبر الحوثيين، ومعنى قدرتها على فتح جبهة جنوب لبنان، بفضل «حزب الله»، ساعة تشاء.

تبقى بعض الملاحظات التي يبدو مفيداً إيرادها على هامش مقتل الرئيس الإيراني. أولى تلك الملاحظات لماذا هذا الإصرار على التنقل في طائرة هليكوبتر أميركيّة من طراز «بل» بدأ إنتاجها في العام 1967 وتوقّف في 1980؟ هل يعكس ذلك ثقة إيرانيّة بكلّ ما هو أميركي؟

أكثر من ذلك، ما هذه التكنولوجيا الحديثة التي تمتلكها إيران التي اضطرت إلى الاستعانة بتركيا ودول أخرى من أجل تحديد الموقع الذي سقطت فيه الطائرة الرئاسيّة؟

يكشف مقتل رئيسي، بالطريقة التي قتل بها، رفض إيران أن تكون دولة طبيعية تمتلك تكنولوجيا أميركيّة حديثة. هناك نظام نشأ في العام 1979 يقوم على فكرة «تصدير الثورة»، بمعنى أنّه نظام في هروب دائم إلى تصدير مشاكله إلى خارج أراضيه من دون أي اعتبار لمصالح الشعوب العربيّة أو الأكراد كما الحال في العراق على سبيل المثال وليس الحصر.

الأهمّ من ذلك كلّه أنّ الإدارات الأميركيّة المتلاحقة غضت الطرف عن السلوك الإيراني في المنطقة. ثمّة منطق لا علاقة له بالمنطق اتبعته أميركا في تعاطيها مع إيران منذ احتجاز ديبلوماسيي سفارتها في طهران طوال 444 يوماً ابتداء من نوفمبر 1979... وصولاً إلى المفاوضات غير المباشرة الدائرة حالياً بين واشنطن وطهران في مسقط.

لا يمكن في طبيعة الحال اتهام الولايات المتحدة بأي شكل بالتورط في إسقاط طائرة رئيسي. قد يكون الأمر مجرد حادث كما قد يكون عملية مدروسة تستهدف توجيه رسالة واضحة إلى «الجمهوريّة الإسلاميّة» التي ذهبت إلى حد إطلاق صواريخ ومسيّرات في اتجاه إسرائيل.

وحدها الأيام ستكشف أمرين. أولهما هل من تغيير في العمق في السياسة الأميركية تجاه إيران وثانيهما مدى تأثير مقتل رئيسي على الوضع الداخلي الإيراني ومعنى ذلك. سيكون لمقتل رئيسي تأثير. ليس معروفاً إلى أي حد سيكون ذلك!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقتل رئيسي وسياق حرب غزّة مقتل رئيسي وسياق حرب غزّة



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon