توقيت القاهرة المحلي 19:45:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب غزّة... التي عوّمت بوتين

  مصر اليوم -

حرب غزّة التي عوّمت بوتين

بقلم - خيرالله خيرالله

لا شكّ أن إيران هي المستفيد الأوّل من حرب غزّة. سمحت تلك الحرب لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» بأن تكون في موضع المفاوض مع الولايات المتحدة، خصوصاً بسبب قدرتها على توسيع الحرب عبر أدواتها المختلفة من جهة، ورغبة الإدارة الأميركيّة في الحؤول دون أي توسيع لتلك الحرب من جهة أخرى.
تبيّن أن الأوراق التي تمتلكها إيران، من العراق إلى اليمن مروراً بسورية ولبنان، تسمح لها بالدخول في مساومات مع «الشيطان الأكبر» الأميركي.
ما تربده «الجمهوريّة الإسلاميّة» من تلك المساومات التوصّل إلى صفقة تعترف بموجبها أميركا بأنها القوة الإقليمية المهيمنة وصاحبة قرار الحرب والسلم في الشرق الأوسط والخليج.
هناك جانب آخر كشفته حرب غزّة. يتعلّق هذا الجانب بتعويم فلاديمير بوتين. لافت أنّه في الأيام القليلة الماضية، خرج غير تحليل وتحقيق في صحف عالمية محترمة بينها «وول ستريت جورنال» و«لوموند» عن حرب أوكرانيا المنسية.
ثمة إجماع على تحسّن كبير طرأ على وضع الرئيس الروسي الذي اتخذ قراراً باجتياح أوكرانيا في 24 فبراير 2022. اعتمد بوتين في قراره على ضعف أوكرانيا أوّلاً. اكتشف لاحقاً أن ذلك ليس صحيحاً.
الأهمّ من ذلك كلّه، استخفافه بردّ الفعل الأميركي والأوروبي على وضع روسيا يدها على أوكرانيا.
لم يدرك بوتين في أي لحظة أنّ العالم الغربي لا يستطيع القبول بذلك. لم يعرف خصوصاً أن كلّ دولة أوروبيّة ستشعر نفسها مهدّدة عندما تكون أوكرانيا تحت السيطرة الروسيّة.
هذا ما يفسّر ردرد الفعل الأوروبية والأميركيّة على المغامرة التي أقدم عليها الروسي الذي تبيّن أنّه حليف وثيق لإيران التي هبت لمساعدته. فعلت إيران ذلك عندما واجه الجيش الروسي عجزاً عن متابعة القتال. زودته كلّ ما يحتاجه من قذائف ومسيّرات لمتابعة الحرب.
قبل حرب غزّة، التي كانت هديّة من السماء للرئيس الروسي، فشل الجيش الروسي فشلاً ذريعاً في إخضاع أوكرانيا واحتلال كييف التي كان الجنرالات الروس يعتقدون أنّها ستسقط بمجرد بدء الزحف في اتجاهها.
في أواخر فبراير 2002، راح ضباط روس كبار يلمعون الأوسمة التي يضعونها على صدورهم استعداداً لعرض عسكري في العاصمة الأوكرانيّة في مناسبة تحقيق النصر على الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
هذا العرض لم يحصل ولم يكن هناك احتفال بالنصر الروسي في كييف... أقلّه إلى الآن!
بعد سنة وتسعة أشهر على فشل الهجوم الروسي على كييف، لاتزال الحرب مستمرّة في أوكرانيا، مع فارق أنّ روسيا مازالت تحتل قسماً لا بأس به من الأراضي الأوكرانية.
خفت الحماسة الأميركيّة والأوروبيّة لتحقيق انتصار كبير على روسيا وردع بوتين نهائياً. يمكن اختصار الوضع بكلمة الجمود على الجبهات، فيما الجيش الروسي يعزز مواقعه.
ينتاب أوكرانيا شعور بأنّ الغرب تخلّى عنها إلى حد ما. كانت الحاجة إلى زيارة قام بها وزير الخارجية البريطاني الجديد ديفيد كاميرون لكييف كي يشعر الرئيس زيلينسكي ببعض الاطمئنان.
في النهاية كانت زيارة كاميرون لأوكرانيا الأولى التي يقوم بها لبلد أجنبي منذ توليه موقعه الجديد قبل أيّام قليلة. الأكيد أن للزيارة معنى وبعدا ما. لكن مجيء وزير الخارجية البريطاني إلى كييف لا يغيّر شيئاً في موازين القوى على الأرض من جهة، وفي مجال تلبية حاجات الجيش الأوكراني إلى أسلحة متطورة من جهة أخرى.
استفاد الرئيس الروسي من عوامل عدّة في حرب لم يستطع تحقيق انتصار فيها، بل كادت أن تقضي على مستقبله السياسي.
أكثر من ذلك، كشفت حرب أوكرانيا ضعف الجيش الروسي والمستوى المتدن، كي لا نقول للسلاح الروسي الذي يصلح لقمع الشعوب، مثل الشعب السوري، وليس لخوض حروب بين دول.
لعلّ أبرز هذه العوامل فشل الهجوم المضاد الذي شنه الجيش الأوكراني في يونيو الماضي. اصطدم الهجوم بحقول الغام روسية غطت مساحات شاسعة ومنعته من تحقيق تقدّم حاسم وتحقيق اختراق كبير على أي جبهة من الجبهات. أدّى ذلك إلى الجمود السائد حالياً، وهو جمود أثر على معنويات الجنود الأوكرانيين سلباً وأعطى الجيش الروسي ثقة بالنفس.
انتعش بوتين. بات متأكداً من أن لا ضغوط داخلية كبيرة عليه. استطاع إبقاء النظام الذي أقامه، وهو نظام مبني على شخصه.
لايزال بوتين حياً يرزق سياسياً. لعبت حرب غزّة دوراً في نقل الحرب الأوكرانية إلى مرتبة ثانية في الأولويات الأميركيّة.
تبين، بكل بساطة، أن أميركا لا تستطيع خوض حربين في الوقت ذاته. لا تستطيع الاستمرار في تزويد الجيش الأوكراني الذخائر بالوتيرة نفسها التي كانت معتمدة في الماضي القريب.
يعود ذلك إلى أن عليها تزويد الجيش الإسرائيلي مثل هذه الذخائر، خصوصاً أن إسرائيل تخوض في غزّة ما تعتبره حرب حياة أو موت بالنسبة إليها.
لم يستفد الرئيس الروسي من حرب غزّة فحسب، بل استفاد أيضاً من بقاء أسعار النفط مرتفعة ومن فشل العقوبات الأميركيّة والأوروبيّة التي فرضت على بلده.
يمكن الكلام عن حياة سياسيّة جديدة لبوتين الذي سيترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في مارس 2024 ويفوز فيها بسهولة. لم يعد لديه خصوم في الداخل، خصوصا بعد تخلصه من تمرد زعيم مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين الذي قضى الصيف الماضي في حادث تحطّم طائرة. تحيط بالحادث كل الشكوك وكلّ أنواع الريبة.
في هذا الوقت بالذات، يمكن القول أيضاً إن الرئيس الروسي نجح في الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة من كوريا الشمالية، كما استعان بالصين والهند في تجاوز العقوبات الأوروبيّة والحصار الأميركي الذي لم يكن حصاراً فعلياً، بل جدّياً.
بعد إيران، يمكن اعتبار روسيا الرابح الثاني من حرب غزّة. خدمته «حماس» إلى حد كبير. هذا لا يعني أنّه عدو لإسرائيل، هو الذي ارتبط بعلاقة قويّة مع بنيامين نتنياهو، بمقدار ما يعني أنّ بوتين بات على قلب قوسين أو أدنى من القول إنه نجا بجلده في أوكرانيا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب غزّة التي عوّمت بوتين حرب غزّة التي عوّمت بوتين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon