توقيت القاهرة المحلي 16:47:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جرأة ملك المغرب المبدئي والعملي

  مصر اليوم -

جرأة ملك المغرب المبدئي والعملي

بقلم - خيرالله خيرالله

إذا كانت المبادرة ذات الطابع الإنساني التي قام بها الملك محمّد السادس لدعم أهل غزّة والقدس في هذا الشهر المبارك، تعني شيئاً، فإنها تعني أولاً وجود جرأة سياسيّة تتجاوز كلّ حدود في ما يخصّ دعم الشعب الفلسطيني وقضيْته.

تتجاوز الجرأة السياسيّة، ذات المنطلق الإنساني، لمحمّد السادس العقد بكل أنواعها.

تتجاوز، خصوصاً القيود، كلّ القيود، في ظلّ المأساة التي تشهدها غزّة منذ السابع من أكتوبر الماضي حين شنت «حماس» هجوم «طوفان الأقصى» وما تلاه من رد إسرائيلي وحشي فاق كلّ تصوّر. هناك حياة أناس، بينهم أطفال ونساء وعجائز، في خطر. كان لابدّ من مساعدتهم ومنع الجوع من التمكن منهم.

تكشف المبادرة المغربيّة، وجود ملك إنسان لا يحيد بلده عن مواقفه المبدئيّة التي يأتي في مقدمها دعم الشعب الفلسطيني بالفعل وليس بالكلام بدل المتاجرة بالقضية الفلسطينية ومأساة شعب يعاني في أيّامنا هذه من الجوع والتشريد في غزّة.

فوق ذلك كلّه، إن الملك محمّد السادس هو رئيس لجنة القدس التي تحظى باهتمام مغربي خاص، خصوصاً في ضوء العلاقة التاريخية التي تربط بين المملكة والمدينة المقدّسة، وهي علاقة عمرها ألف سنة. فباب المغاربة، الذي تعرّض لهجمات إسرائيلية من كل نوع، والذي هو أحد الأبواب المؤدّية إلى المسجد الأقصى مازال شاهداً حيّاً على هذه العلاقة التاريخيّة.

كان مطلوباً كسر حرب التجويع التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة، كذلك كان مطلوباً دعم أهل القدس.

لم تتأخّر طائرات سلاح الجو المغربي في نقل كمّية من المساعدات إلى غزّة والقدس، عبر مطار تل أبيب، بعدما حقّق المغرب اختراقاً مهمّاً عبر استخدام ما يمتلكه محمد السادس من وزن سياسي ومكانة على الصعيدين الإقليمي والدولي وداخل إسرائيل نفسها.

في داخل إسرائيل، يستفيد المغرب من وجود جالية كبيرة من اليهود المغاربة. لايزال هؤلاء اليهود المغاربة يدينون بالولاء للمغرب وللعرش العلوي.

توجد معظم صلات قوية بين المغرب ومعظم يهود المغرب تصل إلى حد الولاء للعرش. تعود هذه الصلات إلى سياسة مغربيّة تقوم على المساواة بين المواطنين المغاربة بغض النظر عن دينهم.

لا يخفى أنّ العاهل المغربي يعتبر نفسه مسؤولاً عن كل مواطن مغربي داخل البلد وخارجه، كما أنّه مسؤول، بصفة كونه «أمير المؤمنين»، عن كل إنسان موجود على أرض المغرب. هنالك خاصيّة مغربيّة جعلت محمّد السادس يحقّق إنجاز إرسال المساعدات إلى غزّ ة والقدس برّا.

فعل ذلك بعد سدّ كلّ الأبواب البرّية في وجه وصول قوافل المساعدة إلى الغزّاويين.

الأكيد أن زعماء عرب آخرين عملوا كلّ ما في استطاعتهم عمله من أجل التخفيف من معاناة أهل غزّة.

لا يمكن الاستهانة بالجهود الأردنيّة التي أشرف عليها الملك عبدالله الثاني شخصياً من أجل إنزال مساعدات من الجو.

كذلك كان لافتاً الجهد الاستثنائي لدولة الإمارات العربيّة المتحدة بقيادة رئيس الدولة الشيخ محمّد بن زايد الذي اثبت مرّة أخرى معنى الانتماء إلى مدرسة الشيخ زايد بن سلطان مؤسس الدولة الذي لم يتردّد يوماً في تقديم كلّ الدعم الذي يحتاجه الفلسطينيون بعيداً عن أي نوع من التمنين.

لعب محمّد بن زايد دوراً محورياً في إقامة الجسر البحري بين قبرص وغزّة من أجل تأمين وصول مواد غذائية ومساعدات أخرى إلى القطاع المنكوب.

لم تدعم الإمارات فلسطين والفلسطينيين بالكلام الفارغ. على العكس من ذلك، فعلت كلّ ما تستطيع من آجل الحؤول دون تجويع الغزاويين وتأمين الحد الأدنى لمقومات الصمود التي يحتاج إليها أهل القطاع الذين يتعرضون لحرب شعواء جلس العالم يتفرّج عليها، فيما توجد قوى إقليمية تعمل على تأجيجها والاستفادة منها سياسياً.

في النهاية، هناك زعماء عرب يقدمون الفعل على الكلام. تكمن أهمّية الملك محمّد السادس في قدرته على الجمع بين المبادئ التي تتمسّك بها المملكة المغربيّة من جهة والجانب العملي من جهة أخرى.

تتمسّك المملكة المغربيّة بموقفها الدائم الذي لم تحد عنه يوماً والداعم للشعب الفلسطيني وقضيّته وإقامة دولته المستقلة، وتعمل في الوقت ذاته على جعل إسرائيل تفتح خطاً برّياً تصل عبره المساعدات إلى غزّة.

المغرب مبدئي وعملي في الوقت ذاته. لا يتوقف عند ما يقوله المزايدون الذين يرفعون الشعارات ولا يقومون بشيء من أجل فلسطين والفلسطينيين. المهمّ في الوقت الحاضر إيصال مساعدات إلى فلسطينيين أنهكهم الجوع.

المهمّ في الأيّام المقبلة العمل من أجل وقف للنار والتفكير في مرحلة ما بعد حرب غزّة تفادياً لتكرار المأساة التي ولدت من رحم غياب السياسة والحلول السياسية لدى اليمين الإسرائيلي من جهة ومجموعة مثل «حماس» تنتمي إلى تيار الإخوان المسلمين من جهة أخرى...


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جرأة ملك المغرب المبدئي والعملي جرأة ملك المغرب المبدئي والعملي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon