توقيت القاهرة المحلي 10:07:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

  مصر اليوم -

عشر سنوات على الكيان الحوثي  الإيراني في اليمن

بقلم - خيرالله خيرالله

من الصعب تصديق أنّ الحوثيين (أنصار الله) يسيطرون، منذ عشر سنوات، على جزء من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء. بات هذا الأمر واقعاً لا مفرّ من التعاطي معه وهو يعبّر، في جانب منه، عن فشل أميركي يعود إلى استخفاف تاريخي بنمو الظاهرة الحوثية في اليمن وبالرابط العضوي بينها وبين «الحرس الثوري» الإيراني. كذلك، يعبّر الفشل عن مدى قدرة إيران على الاستفادة من كل ما يقوم به الإخوان المسلمون في المنطقة العربيّة وتوظيف ذلك في خدمة أهدافها.

يظلّ اليمن، حيث نفّذ الإخوان انقلاباً على علي عبدالله صالح، أفضل مثال على الدهاء الإيراني واستغلال الفرص المتاحة لتحقيق اختراق في بلدان عربيّة مهمّة مثل العراق وسورية ولبنان أيضاً... بهدف تدميرها من داخل.

صار هناك، بكل بساطة، كيان سياسي يشكّل موطئ قدم لإيران في شبه الجزيرة العربيّة. تحوّل هذا الكيان السياسي إلى قاعدة عسكريّة إيرانيّة تستخدم في إحدى الحروب التي تشنّها «الجمهوريّة الإسلاميّة» على هامش حرب غزّة من أجل أن تثبت للعالم، خصوصاً للولايات المتحدة أنّها القوة المهيمنة في المنطقة وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة فيها.

في مثل هذه الأيّام من العام 2014، كان الحوثيون يطبقون على صنعاء بعدما اجتاحوا محافظة عمران، حيث كان يفترض أن يقف ما بقي من الجيش اليمني في وجههم. قضوا على نفوذ آل الأحمر، زعماء حاشد، القبيلة اليمنية الكبيرة المتماسكة التي راحت، شيئاً فشيئاً، تفقد من أهميتها مع وفاة زعيمها الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، في 29 ديسمبر 2007. بعد ذلك، قضى الحوثيون على اللواء 310 بقيادة العميد حميد القشيبي، الذي كان يعتبر من بين أفضل ألوية الجيش اليمني تسليحاً والذي كان يعتبر موالياً لحزب التجمع اليمني للإصلاح، واجهة الإخوان المسلمن. حصل ذلك بمباركة عبد ربّه منصور هادي، الرئيس الانتقالي وقتذاك.

حرص عبد ربّه، على زيارة مقر اللواء 310 مباشرة بعد الهزيمة التي لحقت به على يد «جماعة أنصار الله» معتقداً أنّه سيكون قادراً على استمالة هؤلاء والحصول على دعمهم لتثبيت وضعه الداخلي المهتزّ. لم يدرك أن الحوثيين، بتخطيط إيراني، يمتلكون حسابات خاصة بهم لم تكن وليدة البارحة بمقدار ما هي وليدة إطاحة نظام علي عبدالله صالح، وصولاً إلى استقالته في فبراير 2012، وتسليم الرئاسة إلى نائبه.

منذ ما قبل الانقلاب على علي عبدالله صالح، الذي دخل في السنوات العشر الأخيرة من حكمه مرحلة تغليب المزاج على العقل والتعقّل، تميّزت سياسة أميركا في اليمن بنوع من الاستخفاف بالخطر الحوثي الذي هو في الأساس خطر إيراني. كان التركيز الأميركي على «القاعدة» التي لا تقل خطورة عن الحركة الحوثية بنسختها الأخيرة، أي منذ خروج علي عبدالله صالح من السلطة وصولاً إلى سقوط صنعاء ومعها ميناء الحديدة على البحر الأحمر. ركّزت السياسة الأميركية، خصوصاً منذ أكتوبر من العام 2000 تاريخ تفجير المدمّرة «كول» في ميناء عدن بأوامر مباشرة من الإرهابي أسامة بن لادن، على نشاط «القاعدة» والعلاقة بينها وبين مجموعات سياسية أو أمنيّة يمنيّة.

منذ تفجير «كول»، وصولاً إلى ما يمارسه الحوثيون في أيامنا هذه في ما يخصّ تعطيل الملاحة في البحر الأحمر، تميزت السياسة الأميركية تجاه هؤلاء بكثير من التبسيط، حتى لا نقول بالغباء. لم تدرك أميركا خطورة الحوثيين، حتى عندما دخلوا في مواجهة مباشرة مع علي عبدالله صالح في خريف العام 2004 أو حتّى عندما خاضوا حرباً معه ثم ما لبثوا أن قتلوه في أواخر العام 2017.

كان للتهاون الأميركي مع الحوثيين دوره في وصول الحوثيين إلى صنعاء وحصولهم على مباركة من الأمم المتحدة. سيظل يوم 14 سبتمبر 2014 محطة محورية في التاريخ الحديث لليمن، تماماً مثل محطة «ثورة 26 سبتمبر» التي انهت النظام الإمامي أو 22 أيار – مايو 1990 يوم تحقيق الوحدة أو حرب صيف 1994 التي قضت على حلم عودة إحياء دولة الجنوب.

في 14 سبتمبر 2014، قام نظام جديد على جزء من الأرض اليمنية، نظام تسيطر عليه «الجمهوريّة الإسلاميّة» ليس معروفاً إلى أين سيأخذ المقيمين في المناطق التي يسيطر عليها باستثناء أنّه قضى في عشر سنوات على أكثر من جيل من المراهقين اليمنيين، عودهم على حمل السلاح بدل الذهاب إلى المدرسة ومنها إلى الجامعة.

تتحمّل أميركا جزءاً كبيراً من المسؤولية، كذلك حركة الإخوان المسلمين التي انقلبت على نظام علي عبدالله صالح من دون إدراك للجريمة التي ترتكبها. هذا لا يعني أن الرئيس اليمني السابق كان منزهاً عن الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها. لكنّ اللافت أن كلّ ما فعله الإخوان، الذين ما زالوا يسيرون على نهج عرقلة عمل «الشرعيّة الجديدة» برئاسة الدكتور رشاد العليمي، صبّ في خدمة الحوثيين، أي إيران. يحدث ذلك كلّه وسط وقوف الولايات المتحدة موقف المتفرّج بعدما استخفت بالموقع الإستراتيجي لليمن، بمعنى أن يتحول شمال اليمن إلى قاعدة عسكرية إيرانيّة يتألف جيشها، في معظمه، من مجموعة مراهقين يحملون «الكلاشنيكوف» لا يعرفون شيئاً عن اليمن.

يبقى سؤال في غاية البساطة يمكن طرحه مع مرور عشر سنوات على قيام نظام تابع للحوثيين في صنعاء، هل استطاع هؤلاء القضاء نهائياً على التركيبة القبليّة في اليمن أم لا يزال هناك دور للقبيلة، سيظهر يوماً ما، في مجتمع يصعب تغييره بالسهولة التي تظنها إيران...


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عشر سنوات على الكيان الحوثي  الإيراني في اليمن عشر سنوات على الكيان الحوثي  الإيراني في اليمن



GMT 08:07 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 08:06 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 08:05 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

GMT 08:02 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 08:01 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 08:00 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

سوريا واللحظة الحرجة!

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترمب ــ «بريكس»... وعصر القوى المتوسطة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 22:57 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

رانيا يوسف تشارك عصام عمر مسلسل نص الشعب اسمه محمد رمضان 2025
  مصر اليوم - رانيا يوسف تشارك عصام عمر مسلسل نص الشعب اسمه محمد رمضان 2025

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon