توقيت القاهرة المحلي 19:45:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب غزّة... وحرب فرض الهيمنة الإيرانيّة

  مصر اليوم -

حرب غزّة وحرب فرض الهيمنة الإيرانيّة

بقلم - خير الله خير الله

كانت السنة 2023 سنة حرب غزّة. سيظل العالم منشغلاً لفترة طويلة بتلك الحرب المرشّحة لأن تستمر أشهراً عدة في ضوء فشل إسرائيل في تحقيق هدفها المتمثل في القضاء على حركة «حماس».

اتخذت الدولة العبريّة قراراً في غاية الوضوح يتمثل في القضاء على غزّة وإزالتها من الوجود كبديل من القضاء على «حماس». بكلام أوضح، لن تكون مساحة غزّة البالغة نحو 365 كيلومتراً مربّعاً مكاناً قابلاً للحياة في المستقبل المنظور.

ثمة جانب يتجاهله عامة الناس في الوقت الحاضر ويتحدث عنه كبار المسؤولين في الأمم المتحدة همساً. يتمثّل هذا الجانب في التأثير البيئي لحرب غزّة ومدى انعكاس ذلك على الحياة البشريّة في القطاع مستقبلاً.

ألقت إسرائيل، إلى الآن، كمّية من المواد المتفجرة تزيد ثلاث مرات ونصف مرّة على حجم قنبلة هيروشيما. سيؤدي ذلك إلى تغيير طبيعة البيئة في غزة لسنوات طويلة، خصوصاً أنّه ليس معروفاً تماماً نوع المتفجرات التي ألقتها إسرائيل في حربها على «حماس» التي تحولت إلى حرب على غزّة.

ليس في العالم من يبدو قادراً على وضع حدّ لحرب غزّة. وحدها الولايات المتحدة كانت تستطيع ممارسة ضغط على إسرائيل من أجل وقف المأساة ومباشرة البحث في مخرج سياسي.

لكنّ الواضح أنّ ذلك ليس وارداً لأسباب عدّة. بين هذه الأسباب وجود 11 شهراً تفصل عن موعد الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة. لا يستطيع رئيس مثل جو بايدن، يسعى إلى الفوز بولاية جديدة، تحدي إسرائيل في هذا التوقيت بالذات، خصوصاً أن الجمهوريين مستعدون للاستفادة من أي خطوة يتخذها في هذا الاتجاه عبر المزايدة عليه.

ستستمر حرب غزّة وستستمر معها المأساة التي تسببت بها هذه الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي. بعد أيّام قليلة، تدخل حرب غزّة شهرها الرابع من دون أن يلوح في الأفق أي أمل بوقفها.

يبدو العالم مستعداً ليكون شاهداً على جريمة لا سابق لها ترتكبها إسرائيل في حقّ شعب بكامله مستغلة هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» التي ليس معروفاً بعد ما دقة حساباتها السياسيّة وكيف يمكن الإقدام على مثل هذه المغامرة من دون أخذ في الاعتبار لرد الفعل الإسرائيلي.

ما لا مفرّ من الاعتراف به أن إسرائيل في مأزق لم يسبق لها أن مرت بمثيل له منذ قيامها في العام 1948. تعاني الدولة العبريّة من أزمة وجوديّة لن ينهيها تحويل غزّة إلى أرض طاردة لأهلها.

في أساس المأزق الإسرائيلي العجز عن استيعاب أنّ لا مجال لتصفية القضيّة الفلسطينيّة مهما بلغت درجة العنف المستخدمة. يعود ذلك إلى أنّ القضيّة الفلسطينية، التي أعادتها حرب غزّة إلى الواجهة عالمياً وإقليمياً، قضيّة شعب لا يمكن قهره مهما مرت السنوات ومهما بلغت كمية المتفجرات التي ألقيت وستلقى على غزّة... ومهما بلغت درجة القمع التي تمارسها إسرائيل في الضفّة الغربيّة المحتلة.

تخفي حرب غزّة أسئلة ستطرح نفسها في السنة 2024. في مقدّم هذه الأسئلة ما مصير الدور الإيراني في المنطقة، خصوصاً بعدما تبيّن أنّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» تتحكّم بقرار توسيع هذه الحرب أو بقاء الحرب محصورة بغزة، وإن نسبياً.

تظهر إيران قدرتها على توسيع حرب غزّة في كلّ يوم.

هناك نصف حرب تشنها إيران على إسرائيل، عن طريق جنوب لبنان. هناك في الوقت ذاته توسيع لمدى قدرة الحوثيين في اليمن على تعطيل الملاحة في البحر الأحمر. معنى ذلك بكلّ وضوح عرقلة خط الملاحة الذي يؤدي إلى قناة السويس.

ما نشهده على هامش حرب غزّة تعزيز للدور الإيراني في المنطقة على كلّ المستويات، بما في ذلك ممارسة ضغوط على الأردن واستخدام الحدود الأردنيّة - العراقية لحشد قوات تابعة لـ«الحشد الشعبي» عند نقاط معيّنة. أكثر من ذلك، هناك زيادة في وتيرة التهريب من جنوب سورية في اتجاه الأردن.

توجد جماعات إرهابيّة تسعى إلى تهريب مخدرات إلى دول الخليج وأسلحة إلى الأردن. الأهمّ من ذلك كلّه، كشفت إيران أنّها استطاعت السيطرة سيطرة كاملة على العراق وأن الدولة الوحيدة التي يجب أن يحسب لها حساب في العراق، من الآن فصاعداً، هي «دولة الحشد الشعبي».

حال العراق مثل حال لبنان الواقع تحت السيطرة الإيرانيّة وذلك بعدما انتصر «حزب الله» على الدولة اللبنانيّة وصار صاحب قرار الحرب والسلم في البلد.

نعم، هناك حرب تدور في غزّة. تشنّ إسرائيل حرباً على الشعب الفلسطيني مستغلة «طوفان الأقصى» وما قامت به «حماس» التي استطاعت، شئنا أم أبينا، إدخال الدولة العبريّة في مأزق وجودي جعل مستقبلها على كفّ عفريت.

هذا لا يعني أنّ في الإمكان إخفاء الجانب الآخر لحرب غزّة، أي جانب الاستغلال الإيراني لهذه الحرب في وقت تمرّ الإدارة الأميركيّة في حال ضياع لا يعبّر عنها أكثر من مواقفها المتناقضة من الحوثيين في اليمن.

ذهبت في مسايرة هؤلاء إلى أبعد حدود منذ دخول جو بايدن البيت الأبيض قبل نحو ثلاث سنوات. لا تزال تتصرّف بحذر مع هؤلاء غير مدركة أنّهم أداة إيرانيّة ولا شيء آخر غير ذلك.

تبقى المصيبة الكبرى في تجاهل السيطرة الإيرانيّة على العراق، وهي سيطرة تزداد يوماً بعد يوم منذ استطاعت الميليشيات العراقيّة التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني تحويل انتخابات 2021، التي خسرتها بلغة الأرقام، لمصلحتها.

جاءت هذه الميليشيات بحكومة برئاسة محمّد شياع السوداني قضت على كلّ هامش يعبّر عن نزعة استقلالية عراقياً. قضت على كلّ رغبة عراقيّة في التخلّص من الهيمنة الإيرانيّة فيما الإدارة الأميركية تتفرّج.

هناك حربان تدوران في المنطقة. تخفي حرب غزّة حرباً أخرى. هناك حرب غزّة وهناك حرب فرض الهيمنة الإيرانية على المنطقة.

يجمع بين الحربين الموقف الأميركي المتسم بالميوعة. تنسحب الميوعة على أوكرانيا التي باتت متروكة لمصيرها ولقدرة شعبها على الصمود في وجه الوحش الروسي.


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب غزّة وحرب فرض الهيمنة الإيرانيّة حرب غزّة وحرب فرض الهيمنة الإيرانيّة



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon