توقيت القاهرة المحلي 20:27:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«العيش المشترك» المغربي

  مصر اليوم -

«العيش المشترك» المغربي

بقلم - خيرالله خيرالله

في هذا العالم المليء بالتعقيدات، كان على الملك محمّد السادس تذكير كلّ من يعنيه الأمر، خصوصاً في المنطقة العربيّة ومحيطها، وحتّى في الغرب، بأهمّية القيم التي تسمح بالعيش المشترك.
العيش المشترك هو ما يحتاج إليه العالم بدل القتال والتدمير والتهجير. لذلك قال العاهل المغربي ما لا يتجرّأ كثيرون على قوله عن أهمّية «القيم الدينية والروحية، في مقدمتها قيم الإسلام السني المالكي، القائم على إمارة المؤمنين، الذي يدعو إلى الوسطية والاعتدال، والانفتاح على الآخر، والتسامح والتعايش مع مختلف الديانات والحضارات. وهو ما يجعل المغرب نموذجاً في العيش المشترك، بين المغاربة، المسلمين واليهود، وفي احترام الديانات والثقافات الأخرى».
في الواقع، من يريد تفسيراً لكيفية استطاعة المغرب تجاوز فاجعة الزلزال الذي ضرب مناطقه في الوسط قبل نحو شهر ونصف الشهر، يستطيع قراءة نص الخطاب الأخير للملك محمّد السادس.
تضمن الخطاب الأجوبة عن التساؤلات المطروحة في شأن وضع المغرب في ضوء الزلزال الذي تعرّض له وسطه خصوصاً أحواز مراكش. كان انعقاد المؤتمر السنوي للبنك الدولي ولصندوق النقد في تلك المدينة تأكيداً لقدرة المغرب على رفع التحديات ونجاحه الكبير في ذلك.
يختزل الخطاب الذي وجهه محمد السادس إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة قصة النجاح المغربي المبنية على الاهتمام بكل مواطن مغربي ورفاهه.
يعبّر عن ذلك تشديد الملك على «ضرورة مواصلة تقديم المساعدة للأسر المنكوبة، والإسراع في تأهيل المناطق وإعادة البناء».
يقول محمّد السادس «رغم هول الفاجعة، فإن ما يخفف من مشاعر الألم، ويبعث على الاعتزاز، ما أبانت عنه فعاليات المجتمع المدني، وعموم المغاربة، داخل الوطن وخارجه، من مظاهر التكافل الصادق، والتضامن التلقائي، مع إخوانهم المنكوبين. كذلك، نعبر عن إشادتنا بالتضحيات، التي قدمتها القوات المسلحة الملكية ومختلف القوات الأمنية والقطاعات الحكومية، والإدارة الترابية، لإنقاذ ومساعدة سكان المناطق المتضررة».
تلك إشارة أولى في الخطاب إلى ذلك التضامن الفريد من نوعه بين أبناء الشعب المغربي من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، من الصحراء المغربية بكلّ اقاليمها إلى تطوان ووجدة.
كما يقول العاهل المغربي «أظهرت الفاجعة انتصار القيم المغربية الأصيلة، التي مكنت بلادنا من تجاوز المحن والأزمات، والتي تجعلنا دائماً أكثر قوة وعزماً، على مواصلة مسارنا، بكل ثقة وتفاؤل. تلك هي الروح والقيم النبيلة، التي تسري في عروقنا جميعاً، والتي نعتبرها الركيزة الأساسية، لوحدة المجتمع المغربي وتماسكه».
ما كان ليحقق المغرب ما حققه لولا «قيم وطنية جامعة، كرسها دستور المملكة، وتشمل كل مكونات الهوية المغربية الأصيلة، في انفتاح وانسجام مع القيم الكونية».
لعلّ المقطع المتميّز في الخطاب الملكي قال محمّد السادس «أخص بالذكر هنا، القيم المؤسسة للهوية الوطنية الموحدة:
- أولا: القيم الدينية والروحية: وفي مقدمها قيم الإسلام السني المالكي، القائم على إمارة المؤمنين، الذي يدعو إلى الوسطية والاعتدال، والانفتاح على الآخر، والتسامح والتعايش مع مختلف الديانات والحضارات. وهو ما يجعل المغرب نموذجاً في العيش المشترك، بين المغاربة، المسلمين واليهود، وفي احترام الديانات والثقافات الأخرى.
- ثانياً: القيم الوطنية التي أسست للأمة المغربية، والقائمة على الملكية، التي تحظى بإجماع المغاربة، والتي وحدت بين مكونات الشعب المغربي، وعمادها التلاحم القوي والبيعة المتبادلة، بين العرش والشعب.
كما يعد حب الوطن، والإجماع حول الوحدة الوطنية والترابية، من ثوابت المغرب العريقة، التي توحد المغاربة، والتي تشكل الإطار الذي يجمع كل روافد الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتنوعها.
- ثالثاً قيم التضامن والتماسك الاجتماعي، بين الفئات والأجيال والجهات، التي جعلت المجتمع المغربي كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً».
كان الخطاب الملكي حلقات متكاملة. ركز في مقاطعه الأخيرة على «الرسالة التي وجهناها إلى رئيس الحكومة، بخصوص مراجعة مدونة الأسرة. إن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، حسب الدستور، لذا نحرص على توفير أسباب تماسكها.
فالمجتمع لن يكون صالحاً، إلا بصلاحها وتوازنها. وإذا تفككت الأسرة يفقد المجتمع البوصلة. لذا، ما فتئنا نعمل على تحصينها بالمشاريع والإصلاحات الكبرى. ومن بينها ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي نعتبره دعامة أساسية، لنموذجنا الاجتماعي والتنموي. وسنشرع، بعون الله وتوفيقه، في نهاية هذه السنة، في تفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر».
لا إهمال للقيم العائلية في المغرب. هناك تركيز أيضاً على «تجسيد لقيم التضامن الاجتماعي، الراسخة عند المغاربة».
من هذا المنطلق يقول محمد السادس «قررنا ألا يقتصر هذا البرنامج، على التعويضات العائلية فقط، بل حرصنا على أن يشمل أيضاً بعض الفئٔات الاجتماعية، التي تحتاج إلى المساعدة».
دعا العاهل المغربي بوضوح إلى «الرفع من المستوى المعيشي للعائلات المستهدفة، وفي محاربة الفقر والهشاشة، وتحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية. فالمجتمع يكون أكثر إنتاجاً وأكثر مبادرة، عندما يكون أكثر تضامناً، وأكثر تحصيناً أمام الطوارئ والتقلبات الظرفية».
منذ اعتلائه العرش، يشنّ محمّد السادس حربه على الفقر والتخلف. يشن حرباً بلا هوادة عليهما من منطلق أنّ مثل هذه الحرب جزء من المواجهة مع الإرهاب والتطرّف.
يظلّ سلاحه الأهم التنمية والاهتمام بقضايا المجتمع، خصوصاً البرامج التعليمية وورش تعميم الحماية الاجتماعية.
من هنا يأتي تعديل مدونة الأسرة وتطويرها كي يكون هناك تكامل بين الإصلاحات المطلوبة.
يحقق المغرب تقدماً خطوة خطوة بهدوء شديد.
سرّ محمّد السادس في إصراره على الاستمرارية من جهة وربط حلقات التطور والانفتاح ببعضها بعضاً من جهة أخرى !

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«العيش المشترك» المغربي «العيش المشترك» المغربي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon