توقيت القاهرة المحلي 19:56:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران... المنتصر في حرب غزّة

  مصر اليوم -

إيران المنتصر في حرب غزّة

بقلم - خيرالله خيرالله

في منطقة لا توجد فيها دولة واحدة، بما في ذلك «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران، تريد خوض حرب بتوقيت تفرضه «حماس»، لا يُمكن إلى يومنا هذا سوى الخروج بخلاصة واحدة. الرابح من حرب غزّة ستكون إيران. ستربح الحرب من دون خوضها ومن دون خسارة جندي واحد. تماماً كما حصل في العام 2003 عندما شنت الولايات المتحدة في عهد جورج بوش الابن، حرباً على العراق بغية التخلّص من نظام صدّام حسين غير المأسوف عليه.
تملّصت إيران من حرب غزّة بطريقة لبقة منذ اللحظة الأولى لاندلاعها. فعلت ذلك عن طريق التبرّع بالقول، عبر مسؤولين فيها وقياديين في ميليشيات تابعة لها، أنّه لم يكن لديها علم بتوقيت الهجوم الدموي الذي شنته «حماس» في منطقة غلاف غزّة يوم السابع من أكتوبر الماضي تحت شعار «طوفان الأقصى».
تلت ذلك سلسلة تسريبات في وسائل إعلام مهمّة تكشف الأسباب التي دفعت إيران ولاتزال تدفعها إلى الاكتفاء بدور مساند لـ«حماس» في الحرب الوجودية التي تخوضها.
بعد مرور ما يزيد على خمسة أسابيع على حرب غزّة، يبدو مفيداً إيراد ملاحظات معيّنة. بين هذه الملاحظات، بل في طليعتها، أنّه لا يمكن لـ«حماس» شنّ مثل هذا الهجوم على إسرائيل من خلف ظهر إيران (أو إحدى أدواتها في المنطقة)، في ضوء العلاقة العضوية التي تربط بين الجانبين.
قد لا تكون «الجمهوريّة الإسلاميّة» مطلعة على التوقيت الدقيق لـ«طوفان الأقصى»، لكنّه يصعب تصوّر هجوم من هذا النوع من دون حسابات لـ«حماس» تأخذ في الاعتبار لخطة متفق عليها مسبقاً مع الأدوات الإيرانية في المنطقة. تقضي الخطة بفتح جبهات أخرى مساندة فعلاً، وليس صورياً، لـ«حماس» مع بدء «طوفان الأقصى».
يُفترض فتح مثل هذه الجبهات بعيداً عن التزام لعبة احترام قواعد الاشتباك المتفق عليها مع إسرائيل إن في جنوب لبنان أو في جنوب سورية، على سبيل المثال. هذا لا يعني من دون أدنى شكّ دعوة إلى «حزب الله» إلى فتح جبهة جنوب لبنان. مثل هذا التطوّر سيجرّ كارثة على البلد ويدمّر مناطق وأحياء بكاملها على غرار ما حصل ومازال يحصل في قطاع غزّة.
كان لافتا صدور كلّ تلك الإشارات الإيرانية التي تصبّ كلّها في اتجاه واحد فحواه أن لدى «الجمهوريّة الإسلاميّة» حسابات خاصة بها على الصعيد الإقليمي والدولي.
تتفق هذه الحسابات مع حسابات «حماس» وتختلف معها جذرياً في الوقت ذاته. تتفق مع حسابات «حماس» في ما يخص توجيه ضربة قويّة لإسرائيل يصعب عليها القيام منها يوما بغض النظر عن إصرارها على محو غزّة من الوجود، فضلاً عن تشريد أهلها.
انتقمت «حماس» لإيران بشكل لا يمكن تصوّره. انتقمت من كلّ عمليّة اغتيال أو قصف في الداخل الإيراني وحتّى من الدور الإسرائيلي، إلى جانب الأميركي، في اغتيال قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» قاسم سليماني بعيد مغادرته مطار بغداد مطلع العام 2020.
ما لا بدّ من التوقف عنده، أنّه بعد حرب غزّة، لم يعد من وجود لتهديدات إسرائيلية لإيران وبرنامجها النووي. صارت هموم إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو محصورة بغزّة وكيفية إزالتها من الوجود وليس في ما تعدّه إيران على الصعيد النووي... أو في مجال تطوير الصواريخ البالستيّة.
ما الذي يحدث الآن؟ إذا وضعنا جانباً الضربة التي لا سابق لها التي تلقّتها إسرائيل والانتصار الكبير الذي حقّقته «حماس»، وهو انتصار لا سابق له منذ قيام تلك الدولة في العام 1948، يصعب تجاهل الحسابات الخاصة بـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» التي تبيّن أنّ تركيزها الأوّل والأخير على توظيف حرب غزّة بما يخدم مصالحها. استطاعت إيران إثبات أنّ ثمّة فاعليّة كبيرة لأدواتها في المنطقة. تستطيع توسيع حرب غزّة بكبسة زرّ. يكفي إعطاء ضوء أخضر لـ«حزب الله» كي تنتقل المعركة الكبرى من غزّة إلى الجليل وجنوب لبنان.
الأهمّ من ذلك كلّه استغلال «الجمهوريّة الإسلاميّة» لحرب غزّة من أجل استكمال الانقلاب الذي نفّذته في العراق. يعطي فكرة عن حجم هذا الانقلاب تحوّل «الحشد الشعبي»، الذي يضمّ مجموعة من الميليشيات العراقيّة التابعة لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» إلى ما يُشبه «الحرس الثوري» في إيران. بات «الحشد الشعبي» شريكاً في الاقتصاد العراقي. أكثر من ذلك، لم يعد يخفي أنّه الدولة العراقية... وأنّه ينفّذ المطلوب منه إيرانياً، بما في ذلك حشد قوات عند نقطة طريبيل على الحدود مع الأردن «نصرة لفلسطين»!
لم يعد مستبعداً تتويج الانتصار الإيراني في حرب غزّة، التي لا بدّ من الاعتراف بأنّها أعادت حل الدولتين، دولة إسرائيل ودولة فلسطين إلى الواجهة، بصفقة إيرانيّة - أميركيّة.
لن يكون ممكناً، في ضوء ما حلّ بغزّة وأهلها من دمار، ترجمة الحرب الدائرة حالياً إلى انتصار سياسي لـ«حماس» التي لم تمتلك يوماً برنامجاً سياسياً واضحاً، باستثناء الشعارات الكبيرة من نوع «فلسطين من البحر إلى النهر».
لن يقبل المجتمع الدولي، خصوصاً الأميركي والأوروبي، بإعادة تأهيل الحركة رغم صعوبة القضاء على فكر الإخوان المسلمين الذي لايزال حيّاً يُرزق في المنطقة، بغض النظر عن عمق تخلّفه.
من الآن، بدأت إدارة جو بايدن تُساير «الجمهوريّة الإسلاميّة». بدأت المسايرة عندما أصرّ مسؤولون أميركيون على أنّ لا دليل على علاقة لإيران بـ«طوفان الأقصى».
ترافق ذلك مع اتخاذ إجراءات ستسمح لإيران بالحصول على عشرة مليارات دولار، هي «مستحقات لدى العراق».
هل هي سذاجة أميركيّة أم دهاء إيراني... أم كل ما في الأمر أن حسابات «الجمهوريّة الإسلاميّة» لا تتطابق مع حسابات «حماس» التي لم تفكّر في ما سيحلّ بغزّة في اليوم التالي لـ«طوفان الأقصى»؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران المنتصر في حرب غزّة إيران المنتصر في حرب غزّة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon