توقيت القاهرة المحلي 08:37:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كي لا تكون الهدنة استراحة محارب للحوثي

  مصر اليوم -

كي لا تكون الهدنة استراحة محارب للحوثي

بقلم - خير الله خير الله

لا شكّ أن عمليّة تبادل الأسرى بين الحوثيين و«الشرعيّة» اليمنيّة، وهي عملية شملت أيضاً الإفراج عن سعوديين وسودانيين كانت تحتجزهم «جماعة أنصار الله»، خبر مفرح.

كلّ ما يطلبه اليمنيون، كشعب، وقف القتال كي ينصرفوا إلى معالجة وضعهم المعيشي البائس أوّلاً.

هناك ملايين اليمنيين يعيشون تحت خطّ الفقر وتحت رحمة الجوع والمرض.

هناك بلد تشظّى بكلّ معنى الكلمة، بلد يحتاج إلى صيغة جديدة من أجل إعادة تركيبه أو تشكيله.

لا شكّ أيضاً أنّ عملية تبادل الأسرى ثمرة من ثمار الاتفاق السعودي - الإيراني الذي وقّع في بكين في النصف الأوّل من مارس الماضي، وهو اتفاق يرتدي أهمّية خاصة، على الصعيدين الإقليمي والدولي، في ضوء الرعاية الصينيّة له.

ما يبدو أكيداً، أقلّه في المدى المنظور، أن عملية تبادل الأسرى مقدّمة لهدنة بين «الشرعيّة» والحوثيين وبين الحوثيين ودول الجوار.

ما ليس أكيداً هل تمهّد الهدنة لحل سياسي في اليمن يكون الحوثيون، الذين ليسوا سوى أداة إيرانيّة، جزءاً منه؟

الخوف، في ضوء تجارب الماضي القريب، أي منذ الانقلاب الذي نفذه الإخوان المسلمون والذي توج باستقالة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح في فبراير 2012، أنّ الحوثيين كشفوا أنّ لديهم مشروعهم لليمن.

يتمثل هذا المشروع في السيطرة، انطلاقاً من صنعاء على جزء من البلد في غياب العجز عن السيطرة عليه كلّه كما كانوا يأملون.

صحيح أن لا مشروع حضارياً أو اقتصادياً للحوثيين، لكنّ الصحيح أيضاً لدى هؤلاء مشروعهم السياسي الواضح المعالم الذي يشبه إلى حد كبير مشروع «حماس» في قطاع غزّة. المهمّ بالنسبة إلى «حماس» بقاء القطاع تحت سيطرتها.

أما أن يجد الغزاويون طعاماً وفرص عمل، وأن يتخلّصوا من الحصار، فهذا أمر آخر...

سيستفيد الحوثيون من كلّ الإجراءات التي ستترافق مع الهدنة. سيستفيدون من فتح المطارات والموانئ.

سيستمر مدهم بالأسلحة الإيرانيّة التي لن تعود من حاجة إلى تهريبها عبر طرق وموانئ غير شرعيّة.

في النهاية، سيأتي يوم سيكون فيه السؤال ماذا بعد الهدنة وهل من أمل في حل سياسي للأزمة اليمنيّة... أم سيبقى الحوثيون في المنطقة التي يسيطرون عليها فيما تستمر «الشرعيّة» تعاني من حال التشرذم التي تعاني منها. إنّها «شرعية» برؤوس عدة.

يمتلك كلّ رأس في هذه «الشرعية» حسابات خاصة به. لا قاسم مشتركاً بين كل هذه الحسابات.

الواضح أنّ إيران تستعد هذه الأيّام لمرحلة ما بعد إعادة العلاقات الديبلوماسيّة مع السعوديّة. الأهمّ من ذلك كلّه أنّه يخشى من سعيهاً إلى فرض أمر واقع في اليمن. مَن يستعرض، وإن سريعاً، كيف تحرّك الحوثيون في اليمن منذ الانقلاب الذي نفذه الإخوان المسلمون على علي عبدالله صالح في العام 2011، يكتشف أنّ هؤلاء استغلوا دائماً كل الفرص التي أتيحت لهم افضل استغلال وصولاً إلى وضع اليد على صنعاء في 21 سبتمبر 2014. في كلّ ما قام به الحوثيون، كان «الإخوان المسلمين» حليفهم الأوّل من تحت الطاولة أو من فوقها.

كان الكلام المتداول، مباشرة بعد توقيع البيان السعودي - الصيني - الإيراني عن أنّ التركيز سيكون في البداية على اليمن. هذا الملفّ يهمّ الرياض قبل أي ملفّ آخر.

كلّ ما يمكن قوله الآن، على الرغم من عملية تبادل الأسرى أنّ هذا الملفّ شائك إلى أبعد حدود. نعم، الملفّ شائك إلى أبعد حدود نظراً إلى أنّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» لا تبدو مستعدة لتقديم تنازلات حقيقية في اليمن تتناول مناطق سيطرتها.

في الحسابات الإيرانية، تمثّل المناطق اليمنية التي تسيطر عليها «جماعة أنصار الله» كياناً مستقلّاً تحت سيطرة «الجمهوريّة الإسلاميّة» لا مجال للتخلي عنه.

سيكون اليمن الامتحان الأول لمدى صدق إيران في تعاطيها مع المملكة العربيّة السعوديّة، عبر الصين. كذلك سيكون امتحاناً للصين نفسها ومدى جدّيتها وأهمّية دورها.

هل التصعيد العسكري الحوثي الذي سبق عملية تبادل الأسرى أمر تكتيكي أم أنّه جزء من استراتيجيّة إيرانيّة تتجاوز اليمن وتصل إلى الوجود العسكري الأميركي في سورية... أو إطلاق صواريخ من جنوب لبنان بذريعة أنّ «حماس» وراء إطلاق هذه الصواريخ؟

من هنا أهمّية اليمن في معرفة نيات «الجمهوريّة الإسلامية» ومدى التزامها ما ورد في البيان الثلاثي عن «احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخليّة».

اكثر من ذلك، سيتبيّن في الأيام والأسابيع المقبلة هل تكون الهدنة المتوقعة في اليمن مجرّد استراحة محارب بالنسبة إلى الحوثيين وما يمثلونه والمشروع الذي تحدث عنه زعيمهم في الأيام التي تلت مباشرة وضع اليد على صنعاء. وقتذاك، قال عبدالملك الحوثي، ما معناه، انّ نظاماً جديداً قام في اليمن على انقاض النظام الجمهوري الذي ولد من الانقلاب العسكري الذي وقع في 26 سبتمبر 1962.

في ظلّ ما يجري منذ استيلاء الحوثيين على صنعاء قبل أقلّ بقليل من تسعة أيّام، استفاد هؤلاء من تعثّر «الشرعيّة».

نفّذوا في الوقت المناسب عملية اغتيال استهدفت علي عبدالله صالح الذي كانوا يعرفون انّه خصم لدود لهم. غاب علي عبدالله صالح في أواخر العام 2017، يوم الرابع من ديسمبر تحديداً.

تبيّن، في ضوء الجريمة الحوثيّة، أنّ كلّ الحروب التي شنت على علي عبدالله صالح، بما في ذلك العقوبات الدولية التي شملت أيضاً نجله أحمد، صبّت في واقع الحال في مصلحة الحوثيين وإيران التي تقف خلفهم.

أين المنطق في استمرار هذه العقوبات؟

يحتاج اليمن في الوقت الراهن، في ضوء عملية تبادل الأسرى إلى مقاربة مختلفة تأخذ في الاعتبار أنّ موازين القوى يجب أن تغيير بكلّ الوسائل المتاحة. في غياب مثل هذا التغيير، الذي ليس مطلوباً في الضرورة أن يكون عبر الوسائل العسكريّة، لن تكون الهدنة سوى استراحة محارب للحوثيين لا أكثر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كي لا تكون الهدنة استراحة محارب للحوثي كي لا تكون الهدنة استراحة محارب للحوثي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon