توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسرائيل في أسر المستوطنين

  مصر اليوم -

إسرائيل في أسر المستوطنين

بقلم - خير الله خير الله

لم يتغيّر شيء في إسرائيل كي ينعقد مؤتمر في العقبة من أجل محاولة وقف التصعيد في الضفّة الغربيّة. في أساس التصعيد استمرار الاحتلال الذي تسعى إسرائيل إلى فرضه غير آخذة في الاعتبار أنّها لا تستطيع التحكم بحياة نحو سبعة ملايين ونصف المليون فلسطيني يعيشون بين البحر المتوسط ونهر الأردن.

هؤلاء شعب موجود على الخريطة الجغرافية للمنطقة ولا مفرّ من أن يكون موجوداً على خريطتها السياسيّة. هذا يعني أن وجود دولة فلسطينيّة مستقلة ضرورة. لا تستطيع إسرائيل الاستفادة من غياب القيادة الفلسطينية إلى ما لا نهاية.

هناك شعب لابدّ أن يجد قريباً قيادة في مستوى طموحاته ومستوى نضالاته على الرغم من التهرّب الدائم لرئيس السلطة الوطنيّة محمود عبّاس (أبو مازن) من استحقاق الانتخابات التشريعية والرئاسيّة...

يكمن لبّ المشكلة، التي تبرز من خلال التصعيد في الأرض المحتلة، في غياب المشروع السياسي الإسرائيلي. لا وجود لأي مشروع لدى الحكومة الإسرائيلية، وهي السادسة التي يشكلها بنيامين نتنياهو، غير مشروع المستوطنين الذين تحولوا إلى مجرّد عنصريين لا يمكن سوى مقارنتهم بالنازيين والفاشيين.

لا يستطيع رئيس الحكومة الإسرائيلية التخلي عن هؤلاء. مجرّد التخلي عن ممثلي المستوطنين في الحكومة يعني سقوط الحكومة. سيؤدي ذلك بالتالي إلى مثول «بيبي» أمام القضاء. يظلّ المثول أمام القضاء آخر ما يريده نتنياهو. يعرف المستوطنون وممثلوهم في الحكومة ذلك. يعرف هؤلاء «بيبي» معرفة جيدة وهم على استعداد لجرّه إلى ما يريدونه في كلّ ساعة.

من هذا المنطلق، يبدو «بيبي»، ومعه إسرائيل، في أسر المستوطنين. ليست عودته إلى موقع رئيس الوزراء سوى عودة لرجل ضيّق الأفق يراهن على عامل الوقت من أجل فرض أمر واقع على الأرض. ليس هذا الرهان سوى رهان على وهم أكثر من أي شيء آخر.

يعكس هذا الرهان لدى الرجل التحوّل نحو اليمين داخل المجتمع الإسرائيلي الهارب دائماً من السؤال الأساسي المرتبط بالوجود الفلسطيني، وهو وجود لا يمكن التعاطي معه بالاتكال على عامل الوقت. إنّه وجود مرتبط بشعب موجود على الأرض، لكنّه فوت فرصاً كثيرة من أجل نقل هذا الوجود السياسي إلى حقيقة تجسدها دولة مستقلة قابلة للحياة تعيش بسلام مع محيطها. هناك ضيق أفق إسرائيلي، لكنّ هناك تقصيراً فلسطينياً أيضاً.

لعلّ أكثر ما يستفيد منه «بيبي» الانقسامات الفلسطينيّة في الداخل الإسرائيلي، إضافة في طبيعة الحال، إلى غياب الإستراتيجيّة الفلسطينيّة.

هذا ما كشفته الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة التي كان في استطاعة الفلسطينيين، الذين يمثلون نحو عشرين في المئة من سكان دولة إسرائيل، الحصول على عدد أكبر من النواب في الكنسيت.

فشلوا في ذلك بسبب التناحر في ما بينهم. معنى ذلك أن التناحر بات يشمل الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل، مثلما يعاني منه الفلسطينيون المقيمون أيضا في الضفّة الغربيّة وغزّة.

المؤسف في الوقت الراهن غياب أيّ رغبة إسرائيلية، في البحث في كيفية التعاطي مع هذا الواقع الذي لا يمكن إلّا أن يؤدي إلى بداية انفجار، هو ما نشهده اليوم انطلاقاً مما يجري في نابلس.

هناك هبوط في مستوى السياسيين الإسرائيليين. ليست عودة «بيبي» إلى موقع رئيس الوزراء سوى تعبير عن هذا الهبوط. كلّ ما يفعله «بيبي» هو تجاهل وجود شعب فلسطيني، علما أنّ هذا الشعب حيّ يرزق ولا يمكن محوه من الوجود.

شكل «بيبي» حكومة جديدة. حصل الإرهابي، بشهادة الولايات المتحدة، ايتمار بن غفير على موقع وزير الأمن القومي. لكنه لن يتمكن في أي وقت من الإفلات من قضيّة وجود شعب فلسطيني. إلى متى يستمر الهروب من الشعب الفلسطيني؟ إلى متى يبقى غياب الإستراتيجية إسرائيلية التي تصب في الاعتراف بهذا الشعب؟

في غياب الإستراتيجية الإسرائيلية، يبقى الرهان الوحيد لدى اليمين الإسرائيلي على الانقسام الفلسطيني وعلى أنّ «حماس» لا يمكن أن تتغيّر. لن تتغيّر «حماس» يوماً. ستستفيد إلى أبعد حدود من ترهّل السلطة الوطنيّة الفلسطينية التي لم تعد لديها أي وظيفة سوى الوظيفة الأمنيّة التي تحددها لها إسرائيل.

في المقابل، لن يتغيّر «بيبي» كونه أسير المستوطنين. إضافة إلى ذلك، أنّه رجل جامد وتلميذ نجيب لمدرسة اسحق شامير الذي كان رئيساً للوزراء لدى انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في خريف العام 1991. وقتذاك، جرّت الإدارة الأميركية، إدارة جورج بوش الأب وجيمس بايكر (وزير الخارجيّة) وبرنت سكاوكروفت (مستشار الأمن القومي) إسرائيل إلى المؤتمر جرّاً.

في مدريد كان نتنياهو الناطق باسم الوفد الإسرائيلي وكان شامير يقول ما معناه إننا سنفاوض الفلسطينيين عشر سنوات وسنستغل هذه المفاوضات من أجل فرض أمر واقع على الأرض. لم يخرج «بيبي» يوماً عن خطّ شامير. لا يؤمن سوى بالمماطلة والجمود... والاستيطان.

لم يزح نتنياهو يوماً عن هذا النهج الشاميري القائم على متابعة الاستيطان. لن يجد مشكلة في صعود «حماس». لا لشيء سوى لأنّ صعودها يخدم استراتيجية الجمود. سيردّد «بيبي» ما كان يردده ارييل شارون عن أن لا وجود لشريك فلسطيني يمكن التفاوض معه...

تبقى الحقيقة الوحيدة، التي لن يتمكن «بيبي» من تجاوزها، حقيقة وجود الشعب الفلسطيني الذي لا يمكن أن يبقى ضحيّة عجز السلطة الوطنيّة وتآمر «حماس» عليه وعلى مشروعه الوطني... وحال التناحر في الداخل الإسرائيلي، وهي حال تناحر ظهرت واضحة من خلال الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة.

لا تستطيع إسرائيل مواجهة التحدي النووي الإيراني ومتابعة التصعيد في الضفّة الغربيّة والاتكال على الولايات المتحدة في الوقت ذاته.

كان عليها الاستماع منذ البداية إلى رجل عاقل وبعيد النظر هو الملك عبدالله الثاني الذي يعمل منذ سنوات على تأكيد أن الاستقرار في المنطقة مرتبط بوجود دولة فلسطينيّة مستقلة. مثل هذا الموقف هو موقف الإدارة الأميركية أيضاً.

هل لا يزال في إسرائيل مكان للعقل والمنطق؟ الجواب، بكل أسف، لا كبيرة تترك مجالاً واسعاً للتصعيد في الضفّة الغربيّة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل في أسر المستوطنين إسرائيل في أسر المستوطنين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon