توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المسيّرات الإيرانية... من أوكرانيا إلى المغرب

  مصر اليوم -

المسيّرات الإيرانية من أوكرانيا إلى المغرب

بقلم - خيرالله خيرالله

لم تغيّر حرب أوكرانيا العالم فحسب، بل غيّرت أيضاً طبيعة الحروب بوضعها المسيّرات، بما في ذلك المسيّرات الإيرانيّة في الواجهة.

كشفت الحرب خطورة النظام الإيراني الذي بات يهدّد أوروبا بشكل مباشر ويبدو مستعداً لنقل نشاطاته إلى شمال أفريقيا. هذا ما بدأت الإدارة الأميركيّة التنبّه له. هذا ما جعل المانيا تتخذ أخيراً مواقف في غاية التشدد من احتمال حصول إيران على سلاح نووي ومن البرنامج النووي الإيراني في مجمله.

يستخدم الجانب الإيراني في مجال نشر المسيّرات جبهة «بوليساريو» التي ليست سوى أداة لدى النظام الجزائري الذي يشن منذ العام 1975 حرب استنزاف على المغرب.

سبق لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» استخدام المسيّرات عن طريق الحوثيين في اليمن. استهدفت مواقع مدنيّة في المملكة العربيّة السعوديّة بينها مطارات. كذلك استخدمت المسيرات، في إحدى المرّات، في ضرب مطار عدن. إنّها سوابق تؤكد جدّية الخطر الذي يمثله نقل مسيرات إلى «بوليساريو» في إطار حرب يشنها النظام الجزائري على المغرب.

استطاع فلاديمير بوتين متابعة حربه على أوكرانيا، وهي حرب دخلت سنتها الثانية، بدعم إيراني. تزود «الجمهوريّة الإسلاميّة»، بشهادة وليام بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركية (سي. آي. إي) روسيا بالمسيّرات وقذائف المدفعيّة.

كذلك تفعل كوريا الشماليّة حيث نظام مارق يفضّل تطوير الأسلحة بكلّ أنواعها، بما في ذلك السلاح النووي والصواريخ البعيدة المدى، عوض توفير الطعام لشعبه.

ليس كلام بيرنز من النوع الذي يمكن المرور عليه مرور الكرام، ذلك أن الرجل كان سفيراً لبلاده في موسكو. أثبت مدير «سي.آي.إي» معرفة واسعة بطبيعة الرئيس الروسي وآلية اتخاذه القرار، كونه محاطاً بثلاثة أو أربعة أشخاص يشكلون الحلقة الضيقة حوله.

هؤلاء لا يعرفون قول كلمة لا، بل لا يتجرأون على ذلك. عليهم إرضاء رئيسهم. يشبه بوتين، من هذه الزاوية صدّام حسين الذي لم يكن مساعدوه يتجرّأون على قول الحقيقة له. كلّ ما هو مطلوب من هؤلاء إرضاء الرئيس وإسماعه الأخبار التي ترضي مزاجه فقط.

بفضل أجهزتها الاستخباراتية، استطاعت الإدارة الأميركيّة تحديد موعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. أثبتت «سي.آي.إي» في عهد بيرنز قدرة فائقة على فهم روسيا وكيف التصدي لها في أوكرانيا. عرفت الإدارة الأميركيّة ما على المحكّ في أوكرانيا ومعنى سقوطها في يد روسيا. عندما تسقط أوكرانيا، تسقط معها كلّ أوروبا.

أثبتت حرب أوكرانيا عمق العلاقة القائمة بين «الجمهوريّة الإسلاميّة» من جهة وروسيا، ممثلة ببوتين من جهة أخرى. فات الإدارة الأميركيّة هذا الواقع، خصوصاً عندما دخلت روسيا مباشرة على خط الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري في خريف العام 2015. كان ذلك بناء على طلب إيراني. بعث بوتين بقاذفات روسيّة إلى قاعدة حميميم قرب اللاذقية لمنع سقوط الساحل السوري في يد المعارضة التي كانت تهدّد في الوقت ذاته دمشق.

لم تبالِ أميركا بما فعلته روسيا في سورية ولم تأخذ علماً بالبعد الإيراني لما قام به بوتين، علما أنّ التدخل في سورية جاء بعد سنة وبضعة أشهر من استيلاء بوتين على شبه جزيرة القرم بالقوّة. ثمة أخذ ورد في ما يتعلّق بشبه جزيرة القرم، كونها كانت روسية ووهبها نيكيتا خروشوف لأوكرانيا في مرحلة معيّنة. كان ذلك بعد ترقية خروشوف إلى موقع الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي. كان خروشوف قبل ذلك مسؤولاً عن الحزب الشيوعي في أوكرانيا التي طاب له العيش فيها.

سمحت حرب أوكرانيا لإدارة بايدن بإعادة تأهيل نفسها بعدما أثبتت هذه الإدارة أنّها قادرة على التصدي لبوتين وأن الانسحاب العسكري من أفغانستان وما رافقه من سلبيات ليس القاعدة التي تسير عليها الإدارة. ظهر ذلك بوضوح من خلال نتائج الانتخابات النصفية في نوفمبر الماضي.

على العكس مما كان متوقعاً، لم يفقد الديموقراطيون الأكثريّة في مجلس الشيوخ. إلى ذلك، ارتفعت شعبيّة جو بايدن الذي لم يتردد في الذهاب إلى كييف ليؤكد الوقوف مع أوكرانيا ورئيسها فولوديمير زيلينسكي.

لم تعد الإدارة الأميركيّة تخفي أولوياتها في هذه المرحلة بالذات. تشمل هذه الأولويات كيفية التعاطي مع روسيا والصين وايران. ليس سرّاً أن الإدارة تعرف روسيا وبوتين معرفة دقيقة. ليس سرّاً أنها تتساءل إلى أي حدّ يمكن ذهاب الصين في دعم روسيا في حربها على أوكرانيا وهل سترسل لها مسيّرات يحتاج بوتين إليها في حربه على الشعب الأوكراني؟

ما يبدو أكيداً أنّ ثمة تغييراً أميركياً في الموقف من إيران ومن طموحاتها النووية... ومن صواريخها ومسيراتها. فتحت «الجمهوريّة الإسلاميّة» العيون بعدما صارت جزءاً لا يتجزّأ من الحرب على أوكرانيا وبعدما كشفت مدى عمق العلاقة التي تربطها ببوتين.

في النهاية، اضطرّ الرئيس الروسي إلى الارتماء في الحضن الإيراني كي يتمكّن من خوض حرب استنزاف في أوكرانيا. بات مصير بوتين مرتبطاً بإيران ودعمها، خصوصاً أن الصين لم تتخذ بعد قراراً نهائياً في شأن خوض الحرب الأوكرانية معه والذهاب إلى النهاية في دعمه عسكرياً.

إلى أي مدى يمكن أن تذهب الإدارة الأميركيّة في فهم طبيعة «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران؟ لا يتعلّق الأمر فقط بالسلوك الإيراني في العراق وسورية ولبنان واليمن ولا بالميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» التي تعمل في تلك الدول وتشرف على تدمير مؤسسات الدولة فيها. هناك ما هو أبعد من ذلك بكثير. هناك المسيّرات الإيرانيّة التي لم يعد وجودها مقتصراً على العراق وسورية ولبنان واليمن، بل بدأ تمددها يشمل المغرب العربي.

ثمة استهداف واضح للمغرب يضع أميركا كما يضع أوروبا أمام مسؤوليات كبيرة وامتحان مهمّ. يحدث ذلك في وقت يتبين كلّ يوم أكثر مدى ارتباط النظام الجزائري بالحلف الروسي - الإيراني من جهة ومدى معاناة هذا النظام من العقدة المغربيّة من جهة أخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسيّرات الإيرانية من أوكرانيا إلى المغرب المسيّرات الإيرانية من أوكرانيا إلى المغرب



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon