توقيت القاهرة المحلي 19:35:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أبعد من عين الحلوة... القرار الفلسطيني المستقلّ

  مصر اليوم -

أبعد من عين الحلوة القرار الفلسطيني المستقلّ

بقلم - خيرالله خيرالله

يصعب تفسير الاشتباكات الدائرة في مخيم عين الحلوة الفلسطيني القريب من صيدا في جنوب لبنان من دون أن نأخذ في الاعتبار الرغبة الواضحة لدى «جبهة الممانعة» التي تقودها ايران في التخلص من هيمنة حركة «فتح» على المخيّم الفلسطيني الأكبر في لبنان.

ليست اشتباكات عين الحلوة، أكبر المخيمات الفلسطينيّة في لبنان، سوى امتداد لما يحدث في الضفّة الغربيّة ولرغبة ايران في وضع يدها على القضية الفلسطينيّة.

تريد «الجمهوريّة الإسلاميّة» تأكيد ما كان يقوله الرئيس الراحل حافظ الأسد عن «القرار الفلسطيني المستقلّ بدعة»، أي أن لا وجود لمثل هذا القرار المستقلّ. كان يقول ذلك نكاية بياسر عرفات. تعمل إيران منذ سنوات عدّة على تنفيذ ما عجز الأسد الأب عن تنفيذه.

إضافة إلى ذلك، ليست الاشتباكات الفلسطينيّة - الفلسطينيّة، التي يمكن أن تتطور مستقبلاً، سوى تعبير عن فوضى السلاح التي تستثمرها ايران في كلّ بقعة عربيّة تستطيع الوصول إليها، عبر ميليشيات تابعة لـ«الحرس الثوري».

تفعل ذلك في قطاع غزّة ولبنان وسورية والعراق... وصولاً إلى اليمن. ليس السلاح الفلسطيني في مخيّم عين الحلوة وغيره من المخيمات الفلسطينية في لبنان سوى تسخيف للقضيّة الفلسطينية التي هي قضيّة شعب يطالب بحقوقه المشروعة في الداخل الفلسطيني وليس في مخيّم لبناني أو أي مكان آخر.

تؤكّد اشتباكات عين الحلوة أن لا فائدة من أي اجتماعات تعقد من اجل توحيد الفلسطينيين، كما حصل في مصر أخيراً.

تستغل «جبهة الممانعة» مثل هذه الاجتماعات في سياق اعداد «حماس» نفسها لمرحلة ما بعد غياب محمود عبّاس (ابومازن) رئيس السلطة الوطنيّة الفلسطينية، وهي سلطة تعاني من الترهّل في الوقت الذي لم تعد «فتح» قادرة على لعب دور قيادي على الصعيد الفلسطيني.

لا يمكن الفصل بين هجوم «عصبة الأنصار» على «فتح» والمشروع الإيراني الكبير في المنطقة والذي تعتبر «حماس» جزءاً لا يتجزّأ منه.

ليس صدفة أن يكون إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» زار عين الحلوة غير مرّة في اقل من سنة. ليس سرّاً أيضاً أن عودة «حماس» إلى دمشق كانت بوساطة مباشرة من «حزب الله».

فوق ذلك كلّه، تشير التطورات بالغة الخطورة التي شهدها مخيّم عين الحلوة إلى أنّ المشروع التوسّعي الإيراني مستمرّ وأن لبنان ضحية بين ضحاياه الكثيرة. اكثر من ذلك، ليس لبنان في سياق هذا المشروع الإيراني سوى ورقة من أوراق متنوعة تصبّ في اتجاه واحد. هذا الاتجاه هو تكريس «الجمهوريّة الإسلاميّة» كقوة مهيمنة في الخليج والشرق الأوسط، إضافة إلى أنّها المتحكم بالقرار الفلسطيني عبر «حماس». مستقبل فلسطين، من وجهة نظر «الجمهوريّة الإسلاميّة» هو «حماس» ومن يسير في ركابها مثل «حركة الجهاد الإسلامي».

في النهاية، ما يحصل في مخيم عين الحلوة ليس سوى حلقة جديدة في مسار الامساك بالمخيمات وضبطها تحت هيمنة «حزب الله».

لنتذكر أن السلاح الفلسطيني، بات، عندما تدعو الحاجة إلى ذلك، السلاح البديل من سلاح «حزب الله» في لعبة المناكفات مع اسرائيل، كما سبق في اكثر من تجربة صاروخية مشبوهة مثل الصواريخ التي أطلقت من البرج الشمالي باتجاه إسرائيل، ابان احدى جولات العنف الاخيرة في غزة.

تتدرج نظرية «وحدة الساحات» الايرانية من ساحات الاقليم الى ساحات لبنان الكثيرة وعلى رأسها المخيمات.

لم تكن زيارات اسماعيل هنية لمخيمات لبنان ومشاهد السلاح الذي استعرض بشكل مستفز لكل اللبنانيين سوى تمهيد فج لانفجار مخيم عين الحلوة، وربما انفجارات اخرى تلوح في الأفق.

‏إن الحد الأدنى من النزاهة يستوجب الاعتراف بأن السلاح هو المشكلة الاساس التي انتجت الجحيم اللبناني الراهن، اكان سلاح «حزب الله» أم السلاح الذي يديره الحزب ويحميه، على حساب كلّ لبناني، بحجة المقاومة وبانتحال صفات الحرص على القدس وفلسطين.

‏فهذا السلاح يريد أن يبقي لبنان أسير «اتفاق القاهرة» المشؤوم الموقّع في العام 1969، اي الاتفاق الذي اعلن بداية نهاية لبنان كمنارة ثقافية وحداثية في الشرق الأوسط.

يبدو أن ظروف استعادة لبنان لعافيته تزداد استحالة اليوم. ليس أدل على ذلك من الخطاب الأخير لحسن نصرالله في ذكرى حرب صيف العام 2006.

قال نصرالله في ذلك الخطاب أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن السلاح ليس في أولويات اللبنانيين بل إن أولوياتهم تتركز على الأمن المعيشي والأمن الغذائي والأمن الاجتماعي، وكأنه يقول إنه كلما زاد الانهيار اعرض اللبنانيون عن النقاش الحقيقي والوحيد الواجب فتحه في لبنان وهو وضع السبل للخلاص من هذا السلاح.

لا يمكن ‏للمعادلة التي وضعتنا أمامها الأحداث الأخيرة في مخيم عين الحلوة ان تكون أكثر وضوحاً. فهي تقول ببساطة إن السلاح يؤدي إلى انهيار، والانهيار يؤدي إلى مزيد من البؤس وضعف المناعة الوطنية عند اللبنانيين.

يبرّد ذلك حماستهم للتكتل الوطني والشعبي والسياسي حول جوهر الازمة... ويدفعهم إلى التلهي بدل ذلك بالبحث عن حلول ومخارج شخصية او الانجراف وراء سجالات رئاسة الجمهورية في حين أن الجمهورية نفسها في خبر كان.


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من عين الحلوة القرار الفلسطيني المستقلّ أبعد من عين الحلوة القرار الفلسطيني المستقلّ



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon