توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوكرانيا... أفغانستان بوتين!

  مصر اليوم -

أوكرانيا أفغانستان بوتين

بقلم - خيرالله خيرالله

لا فلاديمير بوتين يستطيع التراجع وليس هناك من هو على استعداد للقبول بشروطه وبالأمر الواقع الذي يريد فرضه على العالم، بما في ذلك عودة الحياة إلى ما كان يمثله الاتحاد السوفياتي. يعني ذلك وقوع قسم من أوروبا تحت نفوذ الكرملين مجدداً.

يستحيل في الظروف الراهنة العثور على مخرج يحتاج إليه العالم لسبب في غاية البساطة.

لا يمكن للرئيس الروسي تقديم أي تنازل. في المقابل، لا تستطيع أميركا وأوروبا القبول باحتلال روسي لأوكرانيا أو لجزء منها كون ذلك سيفتح شهيّة الرئيس الروسي في كلّ أوروبا.

بكلام أوضح، لا يستطيع بوتين الاعتراف بأن مستقبله السياسي على المحكّ. إلى إشعار آخر، ليست لدى بوتين أي رغبة في اعتزال السياسة.

يطوي دخول روسيا أواكرنيا عسكرياً صفحة في العلاقات الدوليّة في ظلّ إدارة أميركيّة لم تعد تكتفي بالتفرّج على ما يدور في العالم. وجدت إدارة جو بايدن نفسها مُجبرة على مزيد من التدخل في انحاء مختلفة من العالم، خصوصاً في أوكرانيا التي صارت بمثابة أفغانستان بوتين.

نتيجة ذلك، بات على العالم البحث عن نظام دولي جديد مبني على نظام سقط قبل أن تتبلور ملامحه.

كان مفترضاً أن يكون هذا النظام، الذي لم تتبلور ملامحه، نظام القطب الواحد، بزعامة الولايات المتّحدة التي هزمت الاتحاد السوفياتي في الحرب الباردة.

لكنّ شيئا من ذلك لم يحدث. ستسعى الولايات المتحدة ومعها أوروبا إلى التعاطي مع ما فرضه بوتين في أوكرانيا الدولة المستقلّة التي لم يستطع أحد حمايتها.

في مرحلة ما بعد سقوط جدار برلين، واستعادة ألمانيا لوحدتها، كان الأمل في قيام نظام دولي مختلف في عالم تسود فيه مبادئ الحرّية والعدالة، خصوصاً بعدما تحرّرت دول أوروبا الشرقيّة من الهيمنة السوفياتيّة.

بقيت مرحلة ما بعد سقوط جدار برلين محصورة، إلى حد كبير، بأوروبا التي توسعت بفضل الاتحاد الأوروبي، لكنّها باتت الآن في مواجهة تحديات جديدة.

ما حصل في أوكرانيا مخيف جداً. يعود ذلك إلى غياب أي رادع للعدوانيّة الروسيّة ورغبة بوتين في فرض أمر واقع على الأرض بالقوّة العسكرية وبفضل ما يمتلك من صواريخ وقنابل نووية.

لعلّ أخطر ما في الأمر، أنّه كان في استطاعة الرئيس الروسي تحقيق جزء أساسي من مطالبه في أوكرانيا بمجرّد حشد قوّاته على حدودها. كان العالم مستعداً للأخذ والردّ مع الكرملين، بما في ذلك النظر في امتناع أوكرانيا عن دخول حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكنّ السؤال - اللغز يظلّ لماذا كلّ هذا الإصرار لدى الرئيس الروسي على تغيير النظام في أوكرانيا والحاقها بروسيا بالقوّة؟

قد يكون الجواب في أنّ بوتين أراد تعويد العالم على التعاطي مع روسيا من منطلق جديد يتلخص بعبارة أنّ الاتحاد السوفياتي لم يمت.

مع احتلال روسيا لجزء من أوكرانيا عادت روسيا على تماس مباشر مع دول مثل بولندا وهنغاريا وسلوفاكيا ورومانيا.

لا شكّ أن هذه الدول ستعيد حساباتها في ضوء ما حل بأوكرانيا من جهة واستعداد الرئيس الروسي للتسبب بحرب عالميّة جديدة من جهة أخرى.

في كلّ الأحوال، تبيّن أن أوروبا مفككة وأنّها لا تمتلك أي أنياب تمكنها من مواجهة روسيا عسكرياً، على الرغم من كل ما يعانيه جيشها وانكشاف مستوى سلاحها.

أكثر من ذلك، لا وجود حالياً لزعماء أوروبيين حقيقيين. ألمانيا نفسها تبدو ضائعة بوجود مستشار جديد اسمه اولاف شولتس، بات في بحث دائم عن بديل من الغاز الروسي.

أمّا فرنسا، فقد فقدت توازنها منذ فترة طويلة. لن تنفع زيارة إيمانويل ماكرون لواشنطن ومحادثاته مع الرئيس جو بايدن في استعادة فرنسا لتوازنها.

كان جاك شيراك آخر رئيس فرنسي يمتلك شيئاً من ملامح الزعامة...

ستكون حاجة إلى بلورة نظام دولي جديد في عالم تسوده الفوضى. لا شكّ أن الأمم المتحدة فقدت الكثير بعدما تبيّن أنّ لا دور لها في معالجة أزمة في حجم الأزمة الأوكرانيّة.

تبدو الأمم المتحدة، التي يعطلها الفيتو الروسي، أقرب إلى جامعة الدول العربيّة التي ظهر عجزها منذ وقت طويل...

كانت نقطة البداية للتراجع الأميركي في سورية، حيث ظهر أن باراك أوباما ليس سوى سياسي فاشل لا يهمّه سوى تفادي أي مواجهة من أيّ نوع.

تراجع الرئيس الأميركي السابق، بعد استخدام بشّار الأسد السلاح الكيميائي في حربه على شعبه صيف العام 2013.

قبل ذلك هرب من العراق. استكمل في 2011 الانسحاب العسكري من معظم العراق بعدما عقد صفقة مع إيران تسمح لنوري المالكي بتشكيل حكومة.

لم يكن تراجع أوباما في سورية في العام 2013 حدثاً عاديّاً. لا يمكن تجاهل أنّه استمع، وقتذاك، إلى نصائح فلاديمير بوتين الذي أقنعه بأنّ من الأفضل إيجاد طريقة كي يتخلّص النظام السوري من مخزون الأسلحة الكيميائية... بدل ضربه.

نجح بوتين في مناورته تلك. ارتاح أوباما بعدما نجح في العام 2015 في التوصل إلى اتفاق مع إيران في شأن ملفّها النووي.

نرى الآن إيران، التي عمل أوباما على تقويتها، تهبّ لنجدة بوتين في أوكرانيا. تردّ له الجميل بعدما أنقذ النظام السوري من السقوط في خريف العام 2015.

في انتظار بلورة نظام دولي جديد، هناك عالم يعيش في حال من الفوضى والضياع. لا يدل على الفوضى والضياع أكثر من استحالة إيجاد مخرج من الأزمة الأوكرانية.

لابدّ من مخرج في ضوء ما يعانيه العالم، إن على صعيد الغذاء أو على صعيد الطاقة، بسبب تهوّر بوتين.

يُعتبر بوتين حالة مرضية أكثر من أي شيء آخر... تماماً كما كانت حالة أدولف هتلر. هل يمكن إيجاد مثل هذا المخرج عندما يتعلّق الأمر برئيس روسي يرفض أخذ العلم بأنّه خسر حربه ويرفض الاعتراف بذلك؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوكرانيا أفغانستان بوتين أوكرانيا أفغانستان بوتين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon