توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عالم الفوضى التي لا حدود لها

  مصر اليوم -

عالم الفوضى التي لا حدود لها

بقلم - خيرالله خيرالله

يعيش العالم فصلاً جديداً مختلفاً منذ نهاية الحرب الباردة، في ظلّ فوضى لا حدود لها.

في أساس الفوضى، وجود إدارة اميركيّة حائرة والمغامرة الأوكرانيّة لفلاديمير بوتين وانعكاساتها الخطيرة على اوروبا وظهور الصين على حقيقتها كعملاق اقتصادي يواجه مشاكل داخليّة ضخمة يصعب على النظام مواجهتها.

فوق ذلك كلّه، توجد «الجمهوريّة الإسلاميّة» في ايران التي استغلت إلى حد كبير الحيرة الأميركيّة للاستمرار في مشروع توسّعي لا افق له، لا على الصعيد الداخلي الإيراني ولا في المنطقة...

انتهت الحرب الباردة في بداية العام 1992 مع الإعلان رسمياً عن تفكّك الاتحاد السوفياتي، وهو تفكّك حصل عملياً مع انهيار جدار برلين في نوفمبر 1989.

لكنّ هذه الحرب ما لبثت ان تجددت بوجود قوى تعتقد أن العالم لا يزال متعدد الأقطاب وأن في استطاعة روسيا لعب الدور الذي كان يلعبه الاتحاد السوفياتي بفضل امتلاكها صواريخ وقنابل نووية، فيما باتت الصين ثاني اكبر قوّة اقتصادية في العالم... مع مشاكل معروف كيف بدأت مع جائحة «كوفيد» وليس معروفاً كيف ستنتهي.

استطاع النظام في ايران استغلال الفوضى العالميّة محاولاً توظيفها في مصلحته. هل يتمكن من ذلك أم لا، خصوصاً بعد انكشاف عمق العلاقة التي تربطه بفلاديمير بوتين ؟

ليست هذه الفوضى العالميّة وليدة البارحة، لكنّ الواضح أن عناوين صينية وروسية وأوروبية وايرانيّة ستشغل العالم في المرحلة المقبلة.

الأكيد أن كلّ عنوان من هذه العناوين سيؤثّر على المنطقة، لكنّ العنوان الأبرز سيظلّ العنوان الإيراني لأسباب عدّة، بينها إصرار طهران على المضي في مشروعها التوسّعي.

سيعيق التوجه الإيراني الواقع المتمثّل في أنّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» التي أسسها آية الله الخميني في العام 1979، تعيش ثورة شعبيّة حقيقيّة لا يمكن الاستهانة بها.

يعود ذلك إلى أنّ الشعوب الإيرانيّة كلّها باتت مستاءة من النظام ولم تعد تخفي رفضها له ولكلّ الشعارات التي يحتمي بها، بما في ذلك فرض الحجاب على المرأة.

لم يعد الأمر مقتصراً على الأكراد والبلوش والعرب. هناك رغبة اكيدة في حصول التغيير لدى الآذريين الذين يشكلون ثلث سكان ايران والذين يحتلون مواقع اساسيّة في السلطة والمرافق الاقتصادية.

من بين الآذريين، هناك «المرشد» علي خامنئي الذي لم يعد قادراً على التحكّم بالمنطقة التي جاء منها وحتّى بسلوك افراد من عائلته.

يؤكّد ذلك، أنّه بعد شهرين على وفاة الفتاة الكردية مهسا اميني في اثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق ظهرت فريدة مراد خاني، ابنة شقيقة علي خامنئي ودعت الحكومات الأجنبية إلى قطع كل علاقاتها بطهران.

حظي مقطع فيديو لفريدة، وهي مهندسة كان والدها شخصية بارزة في المعارضة وتزوج شقيقة خامنئي، بانتشار واسع على الإنترنت.

قالت فريدة في الفيديو: «أيتها الشعوب الحرة، ساندونا وأبلغوا حكوماتكم بأن تتوقف عن دعم هذا النظام الدموي قاتل الأطفال... هذا النظام ليس وفياً لأي من مبادئه الدينية، ولا يعرف أي قواعد سوى القوة والتشبث بالسلطة».

كذلك، قالت فريدة: «حان الوقت الآن لكل الدول الحرة والديموقراطية كي تستدعي ممثليها من إيران كبادرة رمزية، وأن تطرد ممثلي هذا النظام الوحشي من أراضيها».

استفادت «الجمهوريّة الإسلاميّة» في السنوات الماضية من أخطاء اميركيّة أوّلاً وفي طليعة هذه الإخطاء الحرب التي شنتها إدارة جورج بوش الابن على العراق.

غيرت اميركا كلّ التوازنات الإقليمية عندما سلمت العراق على صحن من فضّة إلى ايران.

كانت السيطرة الإيرانيّة على العراق، وهي سيطرة تجددت مع تشكيل حكومة عراقيّة جديدة برئاسة محمّد شياع السوداني، مؤشراً إلى وجود نوع من التواطؤ الأميركي مع «الجمهوريّة الإسلاميّة» على الرغم من عجز واشنطن عن التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إعادة الحياة إلى الاتفاق النووي الموقّع صيف العام 2015.

كيف ستتصرّف إدارة جو بايدن من الآن فصاعداً مع ايران؟ هذا هو السؤال الكبير المطروح في هذه المرحلة التي يشهد فيها العالم تحولات كبيرة في ضوء ما يجرى في الصين وروسيا وأوروبا.

لا يمكن الجزم بأن ايران ستكون قادرة على تجاوز أزمتها الداخليّة بسهولة على الرغم من المواقف الأميركيّة والأوروبية المتذبذبة من الثورة الشعبية التي تشهدها «الجمهوريّة الإسلاميّة».

فما هو لافت حالياً التركيز في الولايات المتحدة وفي بريطانيا على ما يجري في الصين وشبه تجاهل لما يدور في ايران.

لم يحصل، على سبيل المثال وليس الحصر، أي تركيز على الفيديو الذي ظهرت فيه فريدة مراد خاني.

يبدو أنّ هناك رغبة واضحة في إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع ايران على الرغم من كلّ القمع الذي يمارسه النظام في حق الشعوب الإيرانيّة، خصوصاً الأكراد والعرب والبلوش.

في المقابل، هناك ابراز غربي للأحداث التي تشهدها الصين حيث تظاهرات عارمة في كلّ المدن بسبب إصرار السلطات على سياسة «صفر كوفيد».

اختلطت أوراق اللعبة الدوليّة أكثر من أي وقت. كثرت العناوين في ظلّ تجدّد الحرب الباردة. لا شكّ أن اميركا التقطت أنفاسها، خصوصاً في ظلّ محافظة الديموقراطيين على الأكثريّة في مجلس الشيوخ... وغرق بوتين في الوحول الأوكرانيّة وانكشاف حقيقة الجيش الروسي ومؤسسة الصناعات العسكرية الروسيّة.

إلى جانب ذلك كلّه، تواجه الصين صعوبات حقيقيّة تهدّد وحدتها وآلتها الاقتصاديّة في المدى الطويل.

في الوقت ذاته، تمرّ أوروبا في أزمة طاقة لا سابق لها بسبب انقطاع الغاز الروسي وفي غياب بديل من هذا الغاز، أقلّه في الوقت الحاضر...

ما الذي ستفعله اميركا التي انتعشت نسبياً ؟ كيف ستتعاطى مع ايران ؟ هل تتركها تستمر في مشروعها التوسّعي وفي برنامجها النووي... أم تسعى إلى استرضائها ؟

ثمة عناوين واسئلة كثيرة في عالم يعيش فوضى لا سابق لها منذ ثلاثة عقود... أي منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عالم الفوضى التي لا حدود لها عالم الفوضى التي لا حدود لها



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon