توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في المغرب... أمل يولد من المأساة

  مصر اليوم -

في المغرب أمل يولد من المأساة

بقلم - خيرالله خيرالله

ليس ما تعرض له المغرب حدثاً عادياً، بل يمكن الكلام عن كارثة حقيقية حلت ببلد مسالم منشغل بتنمية نفسه وتحسين الظروف المعيشية اللائقة لشعبه على كلّ المستويات.

ضرب زلزال لا سابق له من ناحية قوته منطقة تقع جنوب مراكش حيث وقعت خسائر كبيرة، بينها خسائر بشرية، خصوصاً في إقليم الحوز، مركز الزلزال. مراكش نفسها تضررت بعض الشيء، كذلك أغادير. شعر بالزلزال أيضاً سكان الدار البيضاء والرباط ومدن أخرى.

الأكيد أن المغرب سيتمكن من تجاوز المحنة بفضل ما يمتلكه من قدرات ذاتية وإرادة داخلية صلبة، لا يستهين بها سوى الذين يجهلون أهمّية هذا البلد. سيتجاوز المأساة أيضا بفضل دعم الأشقاء والمجتمع الدولي. ما وقع في المملكة كان مأساة طبيعية.

من قلب المأساة يولد الأمل بأن المغرب لا يمكن سوى أن يتابع مسيرته نحو الأفضل، وهي مسيرة مستمرّة منذ سنوات طويلة تعبر عنها البنية التحتيّة المغربيّة، التي تتمتع بالحداثة من جهة والنجاح في التحوّل إلى واحة للسلام والاستقرار من جهة أخرى.

صار المغرب واحة السلام والاستقرار الوحيدة القائمة على أسس متينة وثابتة تدعمها لغة الأرقام، في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي الممتدة من موريتانيا، على الأطلسي إلى جنوب السودان على البحر الأحمر.

ليس سرّاً أن العالم لن يترك المغرب وحيداً. هذا ما يفسّر الموقف الأخلاقي والإنساني للرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد الذي كان بين أوّل من تحركوا في اتجاه مساعدة المغرب بشكل عفوي وطبيعي.

شملت مبادرة الشيخ محمّد الذي تربطه علاقة خاصة بالبلد، ملكاً وشعباً وأرضاً، «إقامة جسر جوي لنقل مساعدات إغاثية عاجلة إلى الأشقاء المتضررين من الزلزال، الذي ضرب بعض مناطق المملكة المغربية الشقيقة وتقديم مختلف أشكال الدعم».

غرّد رئيس دولة الإمارات قائلاً على منصة X: «أعزي أخي الملك محمد السادس والشعب المغربي في ضحايا الزلزال. لقد تألمنا لهذا الحادث ونقف إلى جانب إخواننا في المغرب الشقيق ونتضامن معهم في هذه الأوقات الصعبة. حفظ الله المغرب من كل شر».

لقي كلام محمد بن زايد ترحيباً وتجاوباً لا حدود لهما في الأوساط الشعبيّة المغربيّة. ترك الكلام صدى إيجابياً لدى المواطن المغربي الذي بات يدرك أنّ بلده يمتلك أشقاء حقيقيين صادقين يهبون، من تلقاء نفسهم، إلى نجدته في وقت المحنة.

كان لافتاً التضامن العربي والأوروبي والأميركي مع المغرب. لعلّ أكثر ما كان لافتاً الموقف الجزائري الذي يبدو أقرب إلى محاولة للتخلّص من عقدة المغرب التي يعاني منها النظام في هذا البلد.

جاء في بيان لرئاسة الجمهورية الجزائريّة «أبدت السلطات الجزائرية العليا، استعدادها التام لتقديم المساعدات الإنسانية ووضع كل الإمكانات المادية والبشرية، تضامناً مع الشعب المغربي الشقيق وذلك في حال (حصول) طلب من المملكة المغربية».

كذلك، قررت السلطات الجزائرية العليا فتح مجالها الجوي أمام الرحلات لنقل المساعدات الإنسانية والجرحى والمصابين.

وأعربت الجزائر، في وقت سابق عن «صادق تعازيها للشعب المغربي الشقيق في ضحايا الزلزال».

الواضح أن الجزائر لم تقدم على خطوتها عن حسن نيّة بمقدار ما أنّها أخذ في الاعتبار العلاقة المتميزة التي تربط بين الشعبين الجزائري والمغربي.

هذه علاقات ظهرت في كلّ مناسبة رياضيّة وغير رياضيّة التقى فيها مواطنون من الجزائر والمغرب. أي جزائري يمتلك حداً أدنى من الوفاء والذاكرة يتذكر دعم المغرب للشعب الجزائري في أثناء حرب الاستقلال.

إلى ذلك، يعرف كلّ جزائري أن المغرب لم ينتظر يوماً طلباً جزائرياً لتقديم مساعدات للجزائريين، أكان ذلك خلال الأزمة التي مرت فيها الجزائر في خريف العام 1988 أو بعدها.

لم ينتظر المغرب يوماً طلباً رسمياً جزائرياً لتقديم دعم إلى الشعب الجزائري.

قبل عامين، عرض المغرب المساعدة في إطفاء الحرائق التي اندلعت في مناطق جزائرية معيّنة. لدى المغرب طائرات خاصة من أجل التعاطي مع الحرائق. فضلت الجزائر توجيه اتهامات إلى المغرب بالوقوف وراء الحرائق. استأجرت طائرات من جهة غربية بدل قبول العرض المغربي... وكان عرضاً مجانياً!

سينهض المغرب من كارثة الزلزال. سيتجاوز المأساة، بتعليمات من الملك محمد السادس الذي يعرف تماماً عمق روح التضامن واللحمة بين المواطنين المغاربة.

تشمل التعليمات الصادرة عن محمد السادس، الذي رأس اجتماعاً للمسؤولين المعنيين خصص للبحث في الوضع في أعقاب الزلزال، «نشر القوات المسلّحة الملكية بشكل عاجل وسائل بشريّة ولوجستية مهمة، جوية وبرية، كذلك وحدات تدخل مختصّة مكونة من فرق للبحث والإنقاذ ومستشفى طبي جراحي ميداني».

تشمل التعليمات أيضاً «التكفل بالأشخاص الذين هم في وضعية صعبة، خصوصاً اليتامى والذين يعانون من وضع هش، كذلك التكفل الفوري بكافة الأشخاص الذين صاروا من دون مأوى جراء الزلزال، لاسيما في ما يرتبط بالإيواء والتغذية وكافة الاحتياجات الأساسية».

من المأساة المغربيّة يولد الأمل. لا يعود ذلك إلى روح التضامن بين المغاربة، وهو ما ظهر من خلال تبرّع لاعبي الفريق المغربي لكرة القدم بالدم في مختلف أنحاء العالم، فحسب، بل إلى الدعم الذي يحظى به المغرب عربياً وأوروبياً وأميركياً، وهو دعم ظهر من التحولات التي شهدتها قضيّة الصحراء في السنوات القليلة الماضية.

صبّت هذه التحولات في اتجاه تكريس مغربيّة الصحراء من جهة والاعتراف من جهة أخرى بأن الطرح المغربي المتعلّق بالحكم الذاتي الموسّع في إطار السيادة المغربيّة، هو الطرح الوحيد الذي يتفق مع المنطق.

يتفق هذا الطرح أيضاً مع دعم الاستقرار في منطقة تحتاج في كلّ يوم إلى مزيد من التعاون بين قواها الفاعلة في مواجهة التطرّف والإرهاب بكلّ أشكالهما!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في المغرب أمل يولد من المأساة في المغرب أمل يولد من المأساة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon