توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الزلزال يصيب النظام السوري في بيئته الحاضنة

  مصر اليوم -

الزلزال يصيب النظام السوري في بيئته الحاضنة

بقلم - خير الله خير الله

 

يصعب فهم كيف يستطيع بشّار الأسد الذهاب إلى حلب المنكوبة وكأنّه في زيارة عادية لمدينة سوريّة يوزع خلالها الابتسامات على المواطنين بدل مواساتهم وإظهار أي نوع من التعاطف معهم.

يصعب أكثر أن يمهّد مجيء رئيس النظام السوري إلى حلب وصول قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني إلى المدينة. جاء إسماعيل قآني إلى حلب قبل 48 ساعة من مجيء بشّار.

يبدو الهدف واضحاً كلّ الوضوح. الهدف توجيه رسالة إيرانيّة إلى كلّ من يعنيه الأمر فحواها بأن إيران وضعت يدها على تلك المدينة السوريّة ذات الارتباط التاريخي بتركيا.

بغض النظر عن فضيحة الزيارة التفقدية لحلب التي تكشف أن النظام السوري يعيش في عالم خاص به لا علاقة له بما يدور في العالم، فإنّ سورية قبل الزلزال ليست سورية ما بعده.

بعد حرب داخليّة مستمرّة منذ مارس 2011، يغيب عن النظام ان الزلزال هو بالفعل زلزال أصابه شخصياً. يعود ذلك إلى أن الزلزال عرّى النظام من ورقة التوت التي كان يستر بها عورته امام جمهوره العلوي المؤيد وبقية الاقليات.

ضرب الزلزال عرين النظام في اللاذقية وجبلة في الساحل السوري. تجلى بوضوح عجزه عن القيام بأيّ خطوة في المناطق المنكوبة من جهة وافلاسه المالي مع ما يعنيه ذلك من تقديم مساعدة مباشرة للعلويين بغية انتشالهم من محنتهم من جهة أخرى.

والاهم من ذلك كلّه، ان هذا الزلزال اظهر مشكلة الحرص الشديد على المال لدى أركان النظام. إنّها مشكلة يعاني منها بشّار الأسد شخصياً. يرفض رئيس النظام السوري رفضاً كاملاً إخراج المال من جيبه لسد النقص في حاجات جمهوره.

هذا الجمهور الذي ضحى بكلّ ما لديه، بما في ذلك خيرة رجاله، لضمان بقائه شخصياً على كرسيه في دمشق.

ثمة جانب آخر كشفه الزلزال، عندما اظهر الافلاس الاخلاقي لجمهور الأسد من خلال حملات ما يسمّى باللغة المحلّية «التعفيش».

«التعفيش» هو السرقات التي يقوم بها «شبيحة» النظام والمسؤولون الذين عينهم للإشراف على توزيع المساعدات والمعونات ورعاية المتضررين في اللاذقية وجبلة العلويتين.

فقد اعتاد شبيحة النظام واهاليهم خلال السنوات الـ12 الماضية على ان تطلق يدهم لـ«تعفيش» بيوت ومدن وقرى «اعدائهم» في الوطن بعد تدميرها بالبراميل المتفجرة أو بواسطة قصف يمارسه الطيران الروسي... أو بعد عمليات عسكرية للإيراني وميليشياته المذهبيّة.

أما اليوم فقد استفاق أفراد جمهور النظام على بيوتهم المدمرة تسلب و«تعفش» من قبل اهلهم وابناء حاراتهم. كذلك، تفاجأ المفجوعون بالزلزال برؤية من يُفترض أن يكونوا القائمين عليهم وهم يسرقون المعونات والمساعدات باليد اليمنى، ويبيعونهم اياها باليد اليسرى.

لا تتوقف وسائل الاعلام الرسمية السورية وصفحات التواصل الاجتماعي القريبة من النظام عن إيراد عشرات الحالات لعصابات «تشبيحية» تسرق البيوت والمحلات التي اتى عليها الزلزال.

لا تتوقف أيضاً عن الإشارة إلى مئات الشكاوى العلنية عن المتاجرة بالمساعدات من قِبل المسؤولين والمؤتمنين على توزيع المساعدات.

رسم الأسد في مخيلته، في لحظة الزلزال، لوحة يرى نفسه فيها يختال بين المعجبين من مختلف أنحاء العالم، خصوصاً من أوروبا، يطلبون وده ويستعطفونه كي يسمح لهم بتقديم المساعدات الى السوريين المنكوبين. رسم لوحة سوريالية تبيّن أنّ لا علاقة لها بالواقع.

في الطرف الاخر من اللوحة، التي نسجها الخيال، يقف الايراني والروسي يستجيرانه كي لا يتخلّى عنهما.

كذلك، توهم الاسد بانه يظهر عطفاً على الاميركي بمجرد أن يشق له طرف باب دمشق ويأذن له بالدخول وتقديم المساعدات الانسانية الى السوريين لانقاذهم من محنتهم.

ظن ان الاميركي سوف يأتي زاحفاً طمعاً بالثواب الذي منحته اياه «سورية الأسد».

فاجأ الزلزال النظام عبر بروز حقائق عدّة،. الحقيقة الأولى انه رهينة لدى حليفين سيحلبانه حتّى آخر قطرة قبل رميه جانباً. يعلم القاصي والداني من بيئة النظام ان كل حبة طحين تصل الى سورية تطلب طهران وموسكو في مقابلها تسديد الثمن مقدماً بشكل عطاءات ونفوذ واحتكار وسيطرة.

الحقيقة الثانية ان النظام صُدم برفض الاميركي دعوته الكريمة وفضل دخول سورية من بوابة الشمال من مناطق حليفه الكردي. أما الاوروبي فقد تفاعل مع الحدث الجلل حسب ما تمليه عليه صورته وانسانيته، فلم يهرول لرفع العقوبات عن سورية كما تتمنى دمشق، بل سمح بفتح قناة مصرفية استثنائية لتحويل الاموال والمساعدات الانسانية.

بالنسبة إلى الأميركي تحديداً، قدّمت الخزانة الأميركية قبل أيّام قليلة ما يسمى «رخصة عامة» وهي عبارة عن استثناء حصري يسهل مرور المساعدات وشراء المواد للاستجابة الانسانية لاضرار الزلزال، واضرار الزلزال فقط. من خلال «الرخصة العامة»، مررت الولايات المتحدة رسالة مهمة للنظام وهي انه لا توجد لديها نية رفع العقوبات عنه، نظراً إلى ان سبب فرض العقوبات لم يتغير.

الأهم من ذلك، ان واشنطن حصرت النظام في زاوية ضيقة من خلال تقديم الورقة وطلب قبوله بهذه الـ «الرخصة العامة». ذلك أنّ اقرار دمشق بهذه الرخصة هو بمثابة قبول بالخضوع للعقوبات والتعامل معها الآن ومستقبلاً عبر المنظمات الدولية فقط. لن تكون هناك قنوات للتواصل المباشر مع واشنطن كما كانت تأمل به دمشق.

اما الحقيقة الثالثة وهي الأهم، فإنّها تتمثّل في الزلزال نفسه الذي استهدف البيئة الحاضنة للنظام. يواجه النظام وضعاً مشابهاً لذلك الذي واجهه صيف العام 2020 عندما اجتاحت الحرائق المناطق الساحلية وجبال العلويين منها تحديداً.

لكن النظام استطاع وقتذاك امتصاص الصدمة بسبب صغر حجم الحرائق مقارنة بالزلزال الحالي.

فالزلزال أشدّ عنفاً من الحرائق ولا يمكن التكهن بنتائجه في المدى المنظور ما دام النظام يتمسّك بعنجهيته وباعتبار الشعب السوري قطيع غنم يستطيع ان يحركه وأن يسيطر عليه بعصا المخابرات السورية وعنفها.

الوضع المختلف هذه المرة هو ان أفراد الأجهزة الأمنية السورية انفسهم سيصبحون قريباً في مواجهة اخوتهم واهاليهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزلزال يصيب النظام السوري في بيئته الحاضنة الزلزال يصيب النظام السوري في بيئته الحاضنة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon