توقيت القاهرة المحلي 19:35:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مزيد من العدوانيّة الإيرانيّة

  مصر اليوم -

مزيد من العدوانيّة الإيرانيّة

بقلم - خيرالله خيرالله

من اشتباكات مخيم عين الحلوة الفلسطيني في جنوب لبنان ببعدها الداخلي الفلسطيني، إلى ما يدور في اليمن والخليج العربي، مروراً بأحداث أخرى على الصعيد اللبناني وفي العراق وسورية، يبدو المشروع التوسعي الإيراني وكأنّه دخل مرحلة جديدة. أقلّ ما يمكن وصف هذه المرحلة به هو مزيد من العدوانيّة ترافق محاولة لتثبيت أمر واقع في المنطقة.

مرّة أخرى، يتبيّن بالملموس أنّ نظام «الجمهوريّة الإسلاميّة» في ايران لا يستطيع العيش من دون تنفيذ مضمون شعار «تصدير الثورة» مع ما يعنيه ذلك من استخدام لميليشيات تعمل بامرة «الحرس الثوري» في هذا البلد أو ذاك.

من هذا المنطلق، يمكن فهم السعي الإيراني إلى استغلال الارتباك الداخلي الإسرائيلي المترافق مع أزمة في العلاقات الإسرائيلية - الأميركيّة في كلّ الاتجاهات وعلى كلّ الصعد.

يعبّر عن ذلك الموقف الذي اعتمده النظام السوري أخيراً في تعاطيه مع الإدارة الأميركيّة. ليس سرّاً أن إدارة جو بايدن كانت تجري مفاوضات مع ممثلين للنظام السوري في سلطنة عُمان.

يوجد اهتمام أميركي بمصير الصحافي الأميركي اوستن تايس الذي اختفى في العام 2012 في منطقة داريا السوريّة.

رضخ الأميركيون لرغبة النظام وأجروا معه مفاوضات مباشرة على مستوى معيّن. توقف كلّ شيء عند الجلسة الثالثة التي لم تستغرق سوى دقائق قليلة. اعتبر الجانب السوري، فجأة، أن لا مجال لمفاوضات من أي نوع من دون انسحاب عسكري أميركي سريع من الأراضي السوريّة.

أكثر من واضح أن القرار في هذا الشأن كان قراراً إيرانياً. بعثت «الجمهوريّة الإسلاميّة» برسالة إلى كلّ من يعنيه الأمر.

فحوى الرسالة أن القرار السوري ملكها. ما ينطبق على الموقف من أميركا ينطبق على الموقف من تركيا. لا وجود حاليا لأي مفاوضات بين النظام وتركيا في شأن الترتيبات الأمنيّة في الشمال السوري والتطبيع مع الرئيس رجب طيب أردوغان كما يرغب الجانب الروسي. وضعت طهران حدّا لأي أخذ وردّ بين أنقرة ودمشق.

لم تترك «الجمهوريّة» الإسلاميّة، للأسف الشديد، غير خيار التصعيد بغية الدفاع عن نفسها في وجه التطورات التي تشهدها المنطقة كلّها. لذلك نراها تتشدّد في لبنان وتمنع انتخاب رئيس للجمهوريّة. لذلك أيضا تجهد من أجل السيطرة على المخيمات الفلسطينية، عن طريق «حماس» واخواتها، في اطار أوسع. هذا الإطار هو معركة خلافة محمود عبّاس (أبو مازن) في الضفّة الغربية.

في اليمن أيضاً تتصرّف ايران عبر أداتها الحوثية تصرّفاً غريباً. إذا استثينا عملية تبادل الأسرى اليتيمة التي حصلت وتفريغ شحنة النفط التي في الناقلة «صافر» قبالة ميناء الحديدة، لا جديد في اليمن. لا وجود لعمليّة سياسيّة تؤدي إلى تسوية تعيد تركيب البلد على أسس جديدة وتوقف الحرب الداخلية الدائرة فيه وإن على نار خفيفة.

في العراق، تبذل ايران كلّ يوم جهداً لتكريس أمر واقع. ممنوع على العراق الخروج من تحت الاحتلال الإيراني وذلك بعدما صار «الحشد الشعبي» جزءاً لا يتجزّأ من تركيبة النظام، تماما كما حال «الحرس الثوري» في ايران.

يسعى الحرس إلى التأكيد في المرحلة المقبلة، مرحلة ما بعد علي خامنئي، أنّه القوة المهيمنة كلّيا على البلد. أكثر من ذلك، صار النظام العراقي نسخة عن النظام الإيراني الذي يهيمن فيه «الحرس الثوري» على مرافق الدولة.

إيران ليست غبية، ولا هي بصدد اللعب. جرعات التهدئة الموضعية التي تقدمها هنا وهناك ليست أكثر من وقت مستقطع لالتقاط الأنفاس.

نساء إيران اللواتي انتفضن على سياسة الحجاب الاجباري يردن لأنفسهن الانفتاح. لا نتحدث هنا عن المدن الأوروبية والأميركية التي تلعب فيها الجاليات الإيرانية أدواراً مهمة وتحقق فيها نجاحات لافتة تصل أصداؤها لمن لا يزالون في إيران.

الثورة الجارية في المنطقة تطول التكنولوجيا والاستثمار الحديث وتطوير البنى التحتية والربط مع مراكز المال والاعمال والابتكار.

ما عاد ممكناً في زمن السوشيال ميديا منع هذه الصورة من الوصول الى كل شاشات الإيرانيين، عبر الهواتف، وهي صورة يسعى اليها الشباب في كل العالم. ليس صعباً على أجيال ايران الجديدة الاختيار بين ما يقترحه نظام طهران وبين ما تقترحه عواصم أخرى في الإقليم.

تدرك إيران هذه الحقائق وتعرف أنها بحاجة لبعض الفرملة، ووقف النزيف المالي والاقتصادي، وربما جذب بعض الاستثمارات للتخفيف من حدة الانهيار الذي تعانيه. لا تتجاوز التفاهمات التي تقوم بها إيران هذه الحدود أبداً. من غير المجدي الرهان عليها لأن تصبح خياراً ثابتاً ونقطة تحول في سلوك ايران ومشروعها.

ليس معروفاً إلى أي مدى ستذهب «الجمهوريّة الإسلاميّة» في التصعيد. التصعيد مستمر رغم أن البيان الثلاثي الذي وقعته مع المملكة العربيّة السعوديّة والصين في بكين يوم العاشر من مارس الماضي، أي منذ أربعة أشهر، يتحدث صراحة عن «الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخليّة للدول الأخرى». هل لا يزال هذا البيان يعني شيئا لإيران... أم كلّ ما في الأمر أنّ النظام في طهران يعتبر «تصدير الثورة» علّة وجوده؟

يبدو أن ليس في استطاعة هذا النظام تبديل جلده، خصوصاً في مرحلة انتقالية مثل المرحلة الحالية. سيتوجب في هذه المرحلة بقاء «الحرس الثوري» ممسكاً بكلّ مفاصل السلطة كي يكون رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي خليفة لعلي خامنئي في موقع «المرشد» مستقبلاً.

سيستمر التصعيد، ستزداد ايران عدائية لمحيطها. لا يبدو أن لديها خياراً آخر غير ذلك. هذا ما يفسّر أيضاً موقفها العجيب الغريب من حقل الدرّة الذي اتفقت الكويت مع السعودية على استغلال مشترك له.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مزيد من العدوانيّة الإيرانيّة مزيد من العدوانيّة الإيرانيّة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon