توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رحيل جيزيل... سمير قصير مات فعلاً!

  مصر اليوم -

رحيل جيزيل سمير قصير مات فعلاً

بقلم - خيرالله خيرالله

يصعب إيجاد صديقة مثل جيزيل خوري التي جمعت بين الصدق والوفاء والشجاعة والكرم الحقيقي في الوقت ذاته.
بموت جيزيل، مات سمير قصير فعلاً بعدما أبقت روحه حية منذ اغتياله في الثاني من يونيو 2005.
كشف الوفاء لسمير، اللبناني - السوري - الفلسطيني، الشخصيّة الاستثنائية التي امتلكتها جيزيل خوري.
رفضت الاستسلام للظلم الذي تعرّضت له طوال حياتها.
كانت تقول لي في لحظات قليلة شاهدتها فيها حزينة: «كُتب عليّ أن لا أرى الفرح يوماً»، علما أن فرحها كان عظيماً في مرحلة معينة.
كان ذلك عندما تزوجت من سمير الذي جعلها من عاشقات بيروت بعدما رافقته في رحلة كتاب «تاريخ بيروت» الذي يروي فيه قصة المدينة.
طوال 18 عاماً أبقت جيزيل سمير قصير، الأخ والصديق والكاتب المتميّز، بيننا. كانت جيزيل شخصين في امرأة بعدما نذرت حياتها من أجل الرجل الذي احبته والذي انتظرت عشر سنوات كي تتمكن من الزواج منه صيف العام 2004.
كان ذلك قبل أقلّ من سنة من بدد إطفاء أضواء المدينة في 14 فبراير 2005 يوم اغتيال رفيق الحريري.
كان تفجير قصير لحظة ركوبه سيارته بعد أقلّ من أربعة أشهر على اغتيال الحريري فاتحة لسلسلة من الاغتيالات نفذّها من كانوا وراء التخلّص من الرجل الذي أعاد الحياة إلى بيروت.
من خلال اغتيال قصير ثمّ اغتيال جبران تويني، اكتشفت جيزيل أن بيروت المدينة الصاخبة ذات التنوع مستهدفة.
كان التركيز على جريدة «النهار» مقصوداً ان عبر سمير أو عبر جبران الذي دفع بدوره ثمن جرأته اللامتناهية وثمن تمكنه من ربط «النهار» بالمرجعيات العربيّة والدولية مجدداً.
كانت «النهار» ولا تزال رمزاً من رموز المدينة وقدرتها على الصمود.
كان لا بدّ من مقاومة ثقافة الموت. هذا ما فعلته جيزيل، التي قاومت السرطان في السنوات الثلاث الأخيرة، بعدما عرفت كيف تطوّر نفسها عبر الحوارات التي كانت تديرها في هذه المحطة العربية أو اللبنانيّة أو تلك.
تكمن الأهمّية الإعلامية لجيزيل في تلك القدرة على تطوير نفسها والإنتقال من الأفق اللبناني الضيق إلى الأفق العربي الأوسع والأفق الإقليمي عموماً.
أدركت جيزيل منذ البداية معنى الجريمة التي استهدفت سمير وابعادها اللبنانيّة والعربيّة. كان ردها واضحا كلّ الوضوح.
كتبته في مقال نشرته صحيفة «نداء الوطن» تحت عنوان «قصتي مع سمير». قالت جيزيل في ذلك المقال الذي تناولت فيه ردّ فعلها على اغتيال سمير «كان القرار أن أعيش وأن أذكّر القاتل أن إعدام الجسد لا يلغي الروح. انشأتُ مؤسسة سمير قصير كي تكون شهادته من أجل الحياة ودعوة لتجديد ثقافة الحريات».
استطاعت المؤسسة جمع الصِحافيين والمثقفين في المشرق العربي وفي مغربه وفي الخليج للقيام بمشاريع ثقافية منها «مهرجان ربيع بيروت» المجاني لدعم الفن والثقافة.
تشكّل المؤسسة اليوم مرجعاً عالمياً في موضوع رصد الانتهاكات التي يتعرض لها الإعلاميون.
نظمت ورش عمل لصحافيين شباب في التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال الاجتماعي ودربت مراسلي الحرب لحماية أنفسهم في مناطق الاشتباكات مع أهم المؤسسات الدولية.
كان مهرجان «ربيع بيروت» فعل وفاء لسمير قصير وتأكيدا لأنّه لم يمت.
كان ردّا على أولئك الذين ما زالوا يعملون من أجل القضاء على بيروت.
يعود السبب الأساسي لنجاح «مؤسسة سمير قصير» إلى النفس الكريمة التي كانت تمتلكها جيزيل وإلى شبكة العلاقات الواسعة التي بنتها محلياً وعربياً ودولياً، خصوصاً أوروبياً.
قاومت جيزيل بكلّ ما أوتيت من عزم. قاومت حتّى الرمق الأخير. هزمها السرطان ولم يهزمها الذين قتلوا سمير قصير.
ركزت على برنامجها الحواري الذي انتقلت به إلى «سكاي نيوز العربيّة» وكان أحد أهم البرامج في العالم العربي كلّه. مكنتها الحياة في أبوظبي من الشعور بالراحة، وهي راحة وجدتها أيضا في ولديها رنا ومروان.
ما لفتني في لقاء أخير مع جيزيل رؤيتها إشارات إلى أن بيروت تنهض مجدداً كطير الفينيق. رأت عودة، وإن خجولة، للحياة الثقافيّة والفنّية.
هل كان تفاؤلها في محله أم أنّ «حزب الله» ينوي توريط لبنان في حرب مدمّرة جديدة بعدما قام بكل ما يستطيع القيام به من أجل القضاء على ثقافة الحياة في البلد وفي بيروت تحديداً؟
كان اللقاء الأخير مع جيزيل في عمان في يونيو الماضي لمناسبة الاستقبال الذي أقيم في مناسبة زواج وليّ العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله.
حرصت على المجيء إلى العاصمة الأردنيّة رغم أنّها كانت منهكة.
رفضت الاستسلام، ساعدها في ذلك ابنتها رنا التي رافقتها في زيارة عمّان.
أظهرت شجاعة لا متناهية لا يمتلكها غير أصحاب النفوس الكريمة من الذين يعرفون معنى الصداقة والوفاء وحبّ الحياة وتحدي السرطان.
كانت صديقة عزيزة بالفعل. كانت وفيّة بالفعل. كانت امرأة اسنثنائية بالفعل. كانت لبنانيّة صلبة بالفعل...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحيل جيزيل سمير قصير مات فعلاً رحيل جيزيل سمير قصير مات فعلاً



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon