توقيت القاهرة المحلي 02:20:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين 1990 و 2020... الأمل المفقود

  مصر اليوم -

بين 1990 و 2020 الأمل المفقود

بقلم: خيرالله خيرالله

يبدو انّ ما عجز عنه ميشال عون في الأعوام 1988 و1989 و 1990 يمكن ان يتحقّق في السنة 2020. لا يوجد تفسير آخر لعبارة "لبنان الجديد" الذي يقول رئيس الجمهورية انّه يبنيه. أي لبنان جديد يُبنى حاليا؟
لا جواب واضحا باستثناء ان لبنان تحوّل الى دولة فقيرة بائسة يبحث مواطنوها عن الهجرة ولا شيء آخر. ما لم يتحقّق في 1990 يتحقّق في 2020.
هناك اخطار محدقة بلبنان تجعل مسألة وجوده كدولة مستقلّة قابلا للنقاش. يعود ذلك بكل بساطة الى غياب القيادة السياسية ذات الرؤية من جهة والعجز عن استيعاب ماذا يعني انهيار النظام المصرفي... او النظام التعليمي الذي لعب دورا في غاية الاهمّية على غير صعيد من جهة اخرى. يشمل دور النظام التعليمي حماية المجتمع اللبناني بكلّ مكوناته وتطويره، منذ ما قبل اعلان لبنان الكبير في العام 1920.
لعب النظام التعليمي، على الرغم من غياب الكتاب المدرسي الموحّد، دوره في خلق دور للبنان في المنطقة العربية وحتّى في ما يتجاوز المنطقة العربية. لا حاجة بالطبع الى تعداد المدارس او الجامعات التي كان يدرس فيها طلاب من أفغانستان وصولا الى اثيوبيا، مرورا بايران والعراق وسوريا والاردن وفلسطين ودول الخليج العربي، بما في ذلك اليمن...
عندما اقام قائد الجيش اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا للمرّة الأولى كرئيس لحكومة موقتة محصورة مهمّتها بانتخاب رئيس للجمهورية خلفا للرئيس امين الجميّل، استطاع تحقيق ما عجز حافظ الأسد عن تحقيقه في سنوات. في تشرين الاوّل 1990، دخل اخيرا جيشه قصر بعبدا ووزارة الدفاع في اليرزة. حدث ذلك للمرّة الأولى في تاريخ لبنان المستقلّ في ظلّ غطاء دولي وفرته المشاركة العسكرية السورية، وان كانت رمزية، في حرب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي الذي بدأ في الثاني من آب 1990 وانتهى في شباط 1991. كانت المغامرة المجنونة لصدّام حسين بمثابة بداية النهاية لنظامه، بل للعراق نفسه.
في تلك المرحلة المصيرية على الصعيد الإقليمي، جاء يوم الثالث عشر من تشرين الاوّل 1990. ان دلّ ذلك اليوم، يوم سقوط قصر بعبدا في يد النظام السوري على شيء، فهو يدلّ على امرين. الاوّل القصور عن فهم ما يدور في المنطقة والعالم والآخر شبق ميشال عون الى السلطة... الى رئاسة الجمهورية تحديدا، وذلك بغض النظر عن الثمن.
ما يفرض التركيز عليه في هذه الايّام بالذات يتمثّل في غياب الرؤية. لا وجود في موقع المسؤولية من يمتلك ايّ رؤية من ايّ نوع بما يسمح باستيعاب ما يدور في المنطقة وقبل ذلك في الداخل اللبناني. لا يوجد، بكلّ صراحة، من يستطيع التراجع عن الخطأ والاعتراف بانّ ليس في الإمكان استعادة حقوق المسيحيين في لبنان، أي العودة الى ما قبل الطائف بالمفهوم العوني، بواسطة سلاح "حزب الله". لا يوجد من هو قادر على فهم معنى توقيع اتفاق مع "حزب الله" في وقت يحتاج لبنان اوّل ما يحتاج اليه الى الحكمة والاعتدال من جهة والابتعاد قدر الإمكان عن "محور الممانعة" بدل الانضمام اليه.
ليس الخيار الإيراني في 2020 خيارا، مثلما لم يكن الخيار العراقي خيارا في 1990. الخيار الوحيد امام لبنان هو لبنان اوّلا... بعيدا عن وجود حزب حاكم هو "حزب الله".
بكلام أوضح، يحتاج لبنان الى من يقرأ نصّ "قانون قيصر" ويفهم ابعاده، خصوصا تأكيده ان ثمّة شروطا تعجيزية مفروضة على النظام السوري لا يمكنه تنفيذها من اجل ان يبقى بشّار الأسد في دمشق.
نظرا الى انّ ليس في استطاعة بشّار تنفيذ هذه الشروط، فإن يوم الرحيل اقترب. انهّا مسألة شهرين او ثلاثة او نهاية السنة، على الأرجح. في النهاية، بقي النظام السوري ام لم يبق. لا مصلحة للبنان في خوض حروب الآخرين بغض النظر عن طابعها، بما في ذلك الحرب الاقتصادية.
لا حاجة الى طرح أسئلة من اجل معرفة الى اين يبدو لبنان ذاهبا في ظلّ "حكومة حزب الله" وفي "عهد حزب الله". من لم يفهم اخطار السير في ركاب صدّام حسين في الأعوام 1988 و 1989 و 1990، يسهل عليه ان يكون مع ايران ومع النظام السوري في السنة 2020. من هذا المنطلق، على اللبنانيين عدم استغراب ما الذي حلّ بنظامهم المصرفي وعملتهم الوطنية، ولا ما اصاب المدارس والجامعات، بما في ذلك المدارس الكاثوليكية وغير الكاثوليكية ومدارس جمعية المقاصد الإسلامية...
يحصد اللبنانيون ما زرعوه في 31 تشرين الاوّل من العام 2016، لدى انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية. انتخبوا عمليا مرشّح "حزب الله". عرف "حزب الله" من يختار لهذا الموقع. كان خياره في مكانه، اذا اخذنا في الاعتبار ما يؤمن به الحزب الذي لا ينفي انّه جزء لا يتجزّأ من المنظومة الإيرانية...
يبقى ان الفارق بين 1990 و 2020 يكمن في فقدان الامل. كان هناك قبل ثلاثين عاما بداية امل ظهر مع مشروع أعاد الحياة الى بيروت. ليس في أيامنا هذه سوى مشروع واحد هو الانتهاء من بيروت. ليس الألم الذي تشعر به الجامعات، في مقدّمها الجامعة الأميركية، والمدارس المختلفة سوى وجه من الوجوه العديدة للمأساة اللبنانية التي يخشى ان تطول وتطول...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين 1990 و 2020 الأمل المفقود بين 1990 و 2020 الأمل المفقود



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon