توقيت القاهرة المحلي 16:36:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما يتذاكى تبّون على بلينكن...

  مصر اليوم -

عندما يتذاكى تبّون على بلينكن

بقلم - خيرالله خيرالله

واضح ان النظام الجزائري كان وراء تسريب جانب أساسي من اللقاء الذي عقد قبل ايّام بين الرئيس عبدالمجيد تبون ووزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن. وصل بلينكن الى الجزائر من الرباط حيث اجرى محادثات مع مسؤولين مغربيين بينهم رئيس الوزراء عزيز اخنوش ووزير الخارجية ناصر بوريطة. كذلك قابل بلينكن، في الرباط، وليّ عهد ابوظبي الشيخ محمّد بن زايد في لقاء ارتدى اهمّية خاصة في ضوء حرب أوكرانيا وتفاعلاتها وانعكاساتها على السلم العالمي والموقف الاماراتي المتوازن منها... وفي ضوء احتمال عقد صفقة اميركيّة – ايرانيّة تتناول البرنامج النووي الإيراني.

كان لافتا في الشريط المسرّب عن لقاء تبّون – بلينكن الكلمة الطويلة التي القاها الرئيس الجزائري الذي جلس الوزير الأميركي قبالته مستمعا. كانت الكلمة بالفرنسيّة التي يجيدها تبّون ويتقنها بلينكن. درس الوزير الاميركي سنوات طويلة في مدرسة خاصة في باريس بعد انتقاله اليها مع والدته التي التحقت إثر طلاقها بزوجها الجديد. كان زوج والدة بلينكن من بين الناجين من الهولوكست وكان مقيما في العاصمة الفرنسيّة.

من يستمع الى تبّون يمضي عشرين دقيقة في القاء محاضرته يتأكّد اوّلا من ان ثمّة في الجزائر من يعرف الإدارة الأميركية الحاليّة جيّدا من داخل. وضع له، من يعرف الإدارة، نقاطا عدّة ركّز عليها. من بين هذه النقاط اظهار الجزائر في مظهر الدولة الديموقراطية التي ترتبط بالقيم الأميركية السائدة في الولايات المتحدة. كان هناك تشديد من تبّون على دعم الجزائر لجنوب افريقيا من اجل التخلص من نظام التمييز العنصري. أتى على ذكر نلسون مانديلا وشدّد على "محور الجزائر – بريتوريا" كي يؤكّد ان الجزائر ليست معزولة افريقيا وانّها تمثّل ثقلا كبيرا، خصوصا في ضوء العلاقة المميّزة التي تربطها بجنوب افريقيا.

تحدّث تبّون طويلا عن ليبيا ومشاكلها الداخليّة وتعقيداتها والتدخلات الاجنبيّة فيها، وعن مالي وعن منطقة الساحل، لكنّه حرص على شنّ حملة على المغرب مدّعيا ان بلده بلد مسالم لا سياسات عدائية له، لكنّه يشتري السلاح لـ"الدفاع عن النفس". لام المغرب كونه هاجم الجزائر بعد سنة واحدة من نيلها استقلالها في العام 1962، وذهب الى تحميل المملكة المغربيّة مسؤولية الحدود المغلقة بين البلدين منذ العام 1994. نسي في طبيعة الحال انّ الجزائر تشتري السلاح، أيّ سلاح، من روسيا لأسباب ذات علاقة بالعمولات اوّلا وأخيرا. نسي أيضا كلّ الدعوات المغربيّة من اجل إعادة فتح الحدود.

لم يدخل مباشرة في موضوع الصحراء المغربيّة والموقف الأميركي الذي يعترف بمغربيتها والذي لم تحد عنه إدارة جو بايدن. اكتفى بالمقارنة بين تيمور الشرقية التي استقلت عن البرتغال في العام 1975 قبل ان تستقلّ عن اندونيسيا في العام 2002 إثر استفتاء شعبي. كانت تلك مقارنة مفتعلة كي يشير الى ان الجزائر دعمت دائما شعب تيمور الشرقيّة وبقيت على علاقة طيبة مع اندونيسيا. بالنسبة اليه، يمكن تحويل الصحراء المغربيّة الى دولة مستقلة وان تقيم الجزائر علاقة طيّبة مع المغرب. لا يريد اخذ العلم بأنّ العالم يعرف ان قضيّة الصحراء قضيّة مفتعلة وانّها جزء من حرب استنزاف تشنّها الجزائر على المغرب منذ العام 1975 مستخدمة شعارات براقة من نوع "حق تقرير المصير للشعوب" في حين لا يمتلك الشعب الجزائري نفسه حقّ تقرير مصيره.

بدا جليّا ان هناك من طلب من الرئيس الجزائري التركيز على نقاط حساسة تهمّ واشنطن من بينها مكافحة الفساد واجراء انتخابات تتسم بالديموقراطيّة والشفافيّة، وكأن الوزير الأميركي لا يعرف ان الشعب الجزائري، الذي قاطع كلّ العمليات الانتخابية من منطلق رفضه للنظام، في مكان والنظام في مكان آخر. يعرف الجزائريون قبل غيرهم انّ عبدالمجيد تبّون نفسه ليس سوى صنيعة نظام تسيطر عليه المؤسّسة الأمنية – العسكريّة وذلك منذ الانقلاب العسكري الذي نفّذه هواري بومدين في العام 1965.

محور كلام الرئيس الجزائري، وهو من مواليد العام 1945، ان بلده يراهن على جيل الشباب وأنّه يمتلك كلّ المقومات التي تجعل منه بلدا طليعيا في كلّ المجالات. ثمّة نقاط قليلة تجاهلها تبّون الذي بدا واضحا ان وزير الخارجيّة الأميركي لم يأخذه على محمل الجدّ. رد عليه بلينكن ببعض الجمل القصيرة تضمنت كلاما عاما يدخل في مجال المجاملة.

بين ما تجاهله تبّون، وهو تجاهل ينمّ عن جهل بالعالم، بما في ذلك الجار الموريتاني الذي وصفه بالدولة غير المستقرّة أوّلا... وجهل بالمغرب ثانيا وأخيرا، أن العالم يعرف وأنّ الجزائريين يعرفون. لعلّ اوّل ما يعرفه العالم كلّه ان الجزائر مستفيدة حاليا من ارتفاع أسعار النفط والغاز وان ذلك وفّر لها دخلا تستطيع استخدامه لرشوة الجزائريين. السؤال الى متى يمكن ان يستمرّ ذلك في بلد لم يستطع يوما تطوير اقتصاده في أي مجال من المجالات وبقي اسير سعر النفط والغاز... والأزمات الاجتماعية العميقة.

الأكيد انّ وزير الخارجيّة الأميركي الحالي ليس عبقريا. لكنّ الأكيد أيضا انّه ليس بالسذاجة التي يتصورّها النظام الجزائري الذي وضع تبّون في الواجهة كي يتذاكى عليه وكي يروّج لقضيّة مفتعلة خاسرة سلفا هي قضية الصحراء التي سارع معظم العرب الى حسمها عندما فتحوا قنصليات في العيون والداخلة. يظهر ان الرئيس الجزائري لم يأخذ علما بعد بالموقف الاسباني الأخير الذي يؤكّد جدّية الطرح المغربي في ما يتعلّق بالحكم الذاتي الموسّع للأقاليم الصحراويّة، وهو موقف يشكل منعطفا أساسيا على طريق سير أوروبا كلّها في هذا التوجه الواقعي.

تستأهل الجزائر ويستأهل الجزائريون نظاما أفضل من النظام القائم الذي يريد الترويج لخزعبلات من نوع ان تجربة الديموقراطية في الولايات المتحدة والجزائر تجربة واحدة. لا يعرف الرئيس الجزائري انّ لغة الأرقام هي التي تتكلّم في نهاية المطاف. تقول لغة الأرقام انّ الجزائر بددت أموالها في مشاريع لا فائدة منها وأنّ النظام القائم هو نظام يتحكّم به العسكر والقادة الامنيون. هؤلاء، مع حلفاء لهم من طبقة رجال الاعمال، أسرى الفساد والمتاجرة بقوت الشعب الجزائري.

يعرف الشعب الجزائري تماما أنّ الحدود مغلقة مع المغرب لانّ النظام لا يريد السماح له بمشاهدة الفارق بين نظام متصالح مع شعبه وبين نظام جزائري يعتقد ان تصدير ازماته الى خارج حدوده كفيل بتأجيل هذه الازمات وترحيلها بدل السعي الى إيجاد حلول لها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يتذاكى تبّون على بلينكن عندما يتذاكى تبّون على بلينكن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
  مصر اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 06:00 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أحداث الحلقة 39 من مسلسل عروس بيروت

GMT 23:26 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

مركز "معلومات الوزراء" يعلن موعد بدء الفصل الدراسي الثاني

GMT 19:44 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

هيكتور كوبر يحدّد أول شباط لقيادة منتخب مصر

GMT 05:19 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

بيكربونات الصوديوم تساعد على الولادة الطبيعية

GMT 02:20 2015 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

إكسسوارات مميزة تحمل أسماء مختلفة لأناقة بارزة ومميزة

GMT 02:13 2015 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

مدير "سردار" يكشف عن إطلاق فروع جديدة

GMT 01:11 2015 الثلاثاء ,27 كانون الثاني / يناير

السيطرة على مشاجرة بين مساجين في مركز شرطة "بلبيس"

GMT 04:06 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

سارة الشامي تؤكّد سعادتها بنجاح دورها في مسلسل "كلبش"

GMT 02:24 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مدير أمن المنوفية يتفقد مركز تدريب الشرطة في قويسنا

GMT 07:02 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا يجب أن تتجنب الأمهات الجدد علاج الشعر بـ"الكيراتين"

GMT 19:41 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"رولز رويس كولينان" تحصل على نسخة مدرعة مقاومة للانفجارات

GMT 05:34 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

درة تكشف عن رأيها في الزواج عن طريق الإنترنت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon