توقيت القاهرة المحلي 20:29:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليس بالفجور تفرض الوصاية الإيرانية…

  مصر اليوم -

ليس بالفجور تفرض الوصاية الإيرانية…

بقلم : خيرالله خيرالله

هل لبنان في وضع ميؤوس منه، أو على الأصح هل على لبنان التوقف عن المقاومة والاستسلام للوصاية الإيرانية، مثلما استسلم في العام 1992 للوصاية السورية بعد انتخابات نيابية قاطعها المسيحيون في معظمهم؟

بعد تلك الانتخابات، اعتبر قسم من المسيحيين أن لا مجال لمقاومة الوصاية السورية فاستسلم هذا القسم لها. قلّة رفضت الاستسلام، بقيادة البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير. بقيت هذه القلّة تقاوم وصولا إلى قيام “لقاء قرنة شهوان” في العام 2001 تمهيدا لمتابعة حرب الاستقلال التي يبدو أنّ لبنان في حاجة ماسة إليها هذه الأيّام، أكثر من أيّ وقت.

بعض البراغماتية يبدو أكثر من ضرورة في هذه المرحلة التي يحاول فيها “حزب الله” استخدام الفجور من أجل فرض الوصاية الإيرانية على لبنان وذلك بصفة كونه لواء في “الحرس الثوري”. ليس بالفجور وتمثيلية مثل حرب جرود عرسال يمكن فرض الوصاية الإيرانية وذلك في وقت تبدو إيران نفسها في حاجة إلى من ينقذها من نظام بائس لا أفق سياسيا له.

قبل كلّ شيء، لم يستسلم لبنان بعد. على العكس من ذلك، إنّه يرفض فرض أمر واقع عليه عن طريق التهويل.

تكمن مشكلة “حزب الله” في أنّه يسعى إلى تغطية خسائر إيران وخسائره السورية عن طريق الاستقواء على لبنان. هذه أحابيل لا تنطبق إلا على البسطاء، بما في ذلك بعض المسيحيين السذّج الذين هللوا لـ”انتصارات” الحزب على “التكفيريين” في جرود عرسال. في نهاية المطاف ما الذي يفرّق بين “جبهة النصرة”، المعروف تماما من يقف خلفها، و”حزب الله” باستثناء أنّ الحزب ميليشيا شيعية و”النصرة” ميليشيا سنّية. اتفق الفريقان على صفقة محدّدة تناسب كلّا منهما، فكانت حرب جرود عرسال التي حاول “حزب الله” من خلالها جني مكاسب على الصعيد الداخلي اللبناني.

ليس معروفا من انتصر في حرب جرود عرسال التي انتهت بصفقة رعتها قوى إقليمية تسعى إلى إثبات أنّها لا تزال لاعبا في سوريا. بكلام أوضح، تسعى هذه القوى إلى استرضاء إيران عبر “حزب الله” الذي يحتاج إلى “انتصار” على “جبهة النصرة” كي يثبت أنّه يخوض حربا على الإرهاب وأنّه يحمي المسيحيين في لبنان.

من المبكر الإعلان عن استسلام لبنان للوصاية الإيرانية على الرغم من التخاذل الذي ظهر من خلال تغطية بعض الفضائيات اللبنانية، من بينها فضائيات محسوبة على المسيحيين، زايدت على قناة “المنار”. معروف تماما من “دفع” تلك الفضائيات إلى اتخاذ هذا الموقف المعيب الذي لا ينمّ عن جهل وسذاجة فحسب، بل عن رخص أيضا. ليست الفضائيات وحدها التي لم تستوعب لماذا كان يجب رفض كلّ المغريات، والابتعاد عن توفير تغطية لتمثيلية تصبّ في غير مصلحة لبنان وسيادته على أرضه ولتورط “حزب الله” في الحرب على الشعب السوري. هناك أيضا سياسيون مسيحيون انغمسوا إلى ما فوق رؤوسهم في تمجيد “حزب الله” غير آبهين بالبديهيات. في مقدّمة هذه البديهيات أنّه لا يمكن لأي لبناني التهليل لميليشيا مذهبية تابعة لدولة أجنبية أخذت على عاتقها القيام بدور الجيش اللبناني. لا يمكن السماح بأن يكون على أرض لبنان غير جيش واحد وإلا ألف سلام على لبنان وعلى السيادة اللبنانية. هذا كلّ ما في الأمر بعيدا عن كلّ لفّ ودوران.

لم تمض أيّام على تمثيلية جرود عرسال حتّى قرّر “حزب الله” إرسال وزيريْن لبنانيين إلى دمشق. كان موقف الرئيس سعد الحريري واضحا كلّ الوضوح. رفض أيّ تغطية حكومية ورسمية لزيارة الوزيرين، قاطعا الطريق على أي استثمار سياسي لمعركة وهمية خاضها “حزب الله” في الداخل اللبناني وداخل الأراضي السورية.

ما الخيار أمام الحكومة اللبنانية؟ هل تستسلم؟ الخيار واضح كلّ الوضوح. يتمثّل في رفض الرضوخ لفجور “حزب الله” الذي حاول في الماضي استثمار حرب صيف العام 2006 من أجل تحقيق انتصار على لبنان واللبنانيين، وذلك استكمالا لعملية تدمير البنية التحتية للبلد التي قامت بها إسرائيل، عن سابق تصوّر وتصميم، في أثناء تلك الحرب.

ليس صحيحا أن لبنان دخل مرحلة جديدة بعد تمثيلية جرود عرسال. هناك من يريد أن يوحي بذلك لا أكثر. لم يتغيّر شيء يذكر في لبنان. عفوا، ربّما تغيّر شيء. انكشف سخف قسم لا بأس به من المسيحيين الذين يعتقدون أن في استطاعتهم الحصول على حماية من “حزب الله” بدل أن يكون هدفهم الوحيد الانتقال إلى مرحلة بناء مؤسسات الدولة اللبنانية، مع ما يعنيه ذلك من رفض لأي سلاح غير سلاح الجيش اللبناني.

حقّق “حزب الله”، من دون أدنى شكّ نجاحا في إقناع قسم من اللبنانيين بأنّه خاض حربا على الإرهاب في جرود عرسال. هذا أمر لا مفرّ من الاعتراف به، خصوصا في ظلّ وجود هذا العدد الكبير من الأغبياء في صفوف المسيحيين في لبنان. انتقل من نجاحه في جرود عرسال إلى محاولة حمل السلطات اللبنانية على التعاطي المباشر والطبيعي مع النظام السوري. يرفض “حزب الله” الاعتراف بأن مثل هذا التعاطي لا يقدّم ولا يؤخر. النظام السوري صار في مزبلة التاريخ منذ سنوات عدّة. كلّ ما في الأمر أن إيران، التي استبعدت من الاتفاق الذي استهدف إيجاد نوع من التهدئة في الجنوب السوري، تحاول الحصول على جائزة ترضية في مناطق معيّنة إنْ في سوريا أو في لبنان. هذا الواقع يفرض على الحكومة اللبنانية التعاطي معه بجدّية وإبلاغ إيران في الوقت ذاته أن لبنان ليس بدلا عن ضائع لما خسرته في سوريا.

لا يمكن الانتصار على لبنان بالفجور والتهويل. لا يزال بعض الحكومة اللبنانية يقاوم. لا يزال اللبنانيون يقاومون على الرغم من وجود جوّ عربي وخليجي يدعو إلى نفض اليد من لبنان والاستسلام لواقع أنّه ساقط عسكريا وسياسيا. لا يزال من الباكر القول إن هذا الجوّ حقيقي وذلك على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي تواجه الحكومة اللبنانية والبلد نفسه. هذه الصعوبات عائدة إلى طبيعة تشكيل الحكومة وإلى حال الجمود السائدة على مستوى رئاسة الجمهورية. هل من يريد مساعدة لبنان والاقتناع بأنّ سقوطه تحت الوصاية الإيرانية ليس قدرا وأنّ هناك من يعمل فعلا على تفادي ذلك؟

لا شكّ أن الوضع اللبناني صعب ومعقّد، إضافة إلى أن البلد قد يكون مقبلا على أحداث في غاية الخطورة، خصوصا في حال فرض عقوبات أميركية على المصارف بحجة أنها تتعاطى مع “حزب الله”. لكنّ ما لا بدّ من الاعتراف به في الوقت ذاته أن تهويل “حزب الله” ليس أكثر من تمنيات لا تعكس حقيقة ما يدور على الأرض، بمقدار ما تعكس محاولة لتعويم نظام سوري ليس قابلا لأيّ نوع من التعويم على الرغم من كل المليارات التي أمدته بها روسيا وإيران، وعلى الرغم من كلّ الميليشيات المذهبية التي هبّت لنجدته… وعلى الرغم من معركة وهمية اسمها معركة جرود عرسال!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس بالفجور تفرض الوصاية الإيرانية… ليس بالفجور تفرض الوصاية الإيرانية…



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:59 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند
  مصر اليوم - تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أنجلينا جولي تكشف عن شعورها تجاه عملها بعد رحيل والدتها

GMT 15:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

ليونيل ميسي يختار نجمه المفضل لجائزة الكرة الذهبية 2024

GMT 13:55 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

اتفاق رباعي علي خارطة طريق لإيصال الغاز إلي بيروت

GMT 06:11 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الشكشوكة التونسية

GMT 19:44 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل العثور على "سوبرمان هوليوود" ميتاً في صندوق

GMT 04:38 2019 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تعرفي على 9 موديلات مميزة لتزيّني بها كاحلكِ

GMT 22:22 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

مستوى رمضان صبحي يثير غضب لاسارتي في الأهلي

GMT 04:46 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

إليكِ أفكار سهلة التطبيق خاصة بديكورات المطابخ الحديثة

GMT 02:17 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

مناظر خلابة ورحلة استثنائية في جزر فينيسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon