توقيت القاهرة المحلي 18:08:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحرين تكشف العراق

  مصر اليوم -

البحرين تكشف العراق

بقلم خيرالله خيرالله

بعد الموقف الأخير لآية الله علي السيستاني لم يعد من مجال للشك في أن النظام في العراق جزء لا يتجزأ من النظام الإيراني، كما أن لا مجال للرهان على أي مرجعية أو مسؤول في العراق من أجل استعادة البلد لبعض استقلاله.

جديد الحملة التي تشنّها إيران وتوابعها على البحرين ليس جديدا. كان الجديد قديما إلى حدّ ما وحمل معه بعض الفوائد. جاء هذا الجديد ـ القديم ليؤكد ما بدا جديدا وحاول بعضهم التغطية عليه بطريقة أو بأخرى عن طريق الإيحاء بأنّ القرار العراقي ليس قرارا إيرانيا.
بعد الموقف الأخير لآية الله علي السيستاني، المرجع الشيعي الأعلى في العراق، لم يعد من مجال للشك في أن النظام في العراق جزء لا يتجزّأ من النظام الإيراني، كما أن لا مجال للرهان على أيّ مرجعية أو مسؤول في العراق من أجل استعادة البلد لبعض استقلاله.

جاء نزع الجنسية عن رجل الدين البحريني الشيخ عيسى قاسم ليؤكد مدى تورط النظام في العراق في التبعية لإيران. كانت هناك ممارسات عراقية تصبّ في هذا الاتجاه. في الماضي القريب وفي مناسبات مختلفة، عبّر المسؤولون العراقيون وعلى رأسهم رئيس الوزراء حيدر العبادي وقبله سلفه نوري المالكي، فضلا عن وزير الخارجية الحالي إبراهيم الجعفري، عن مدى انصياعهم لإيران، لكنّ كلام كلّ هؤلاء شيء، فيما السيستاني شيء آخر.

كان هناك من يعتقد أن السيستاني، على الرغم من أصوله الإيرانية، سيراعي مصالح العراق ويدافع عن هذه المصالح لسببين. الأوّل أنّه مقيم في النجف منذ فترة طويلة ويدرك أهمّية هذه المدينة من كلّ النواحي. والآخر أنّه ليس من أولئك الذين يؤمنون بنظرية “ولاية الفقيه” التي له تحفظات عليها. هذا على الأقلّ ما بدر من تصرّفات معيّنة للمرجع العراقي، إلى أن اتصل أخيرا بعيسى قاسم متضامنا معه في وجه السلطات البحرينية. هذا على الأقلّ ما يوزّعه مقربون من عيسى قاسم. يقول هؤلاء إن السيستاني اتصل برجل الدين الشيعي، الذي نزعت منه الجنسية، وأبلغه أن سحب الحكومة البحرينية لجنسيته “لا يضرّ به” وأنّه “بعد الاطمئنان على صحّته، أعرب السيستاني عن مودّته الخاصة ومكانة قاسم في قلبه”. الكلام كلام عام، لكن يبقى هل تمّ الاتصال أم لا؟

يمكن بالطبع مناقشة مسألة سحب الجنسية من مواطن، أيّ مواطن ما في أيّ بلد كان، وما إذا كان قرار السلطات البحرينية، التي تعاني من تجاذبات داخلية وافتقار إلى القدرة على التعاطي مع الإعلام العربي والعالمي، صائبا أم لا. هذا أمر متروك للبحرينيين أنفسهم الذين يقدّرون ظروف بلدهم ووضعه الأمني وما تشكله إيران من خطر على المملكة الصغيرة، إضافة بالطبع إلى الدور الذي قد يكون لعبه عيسى قاسم في إثارة القلاقل والحزازات المذهبية. ليس في استطاعة أيّ شخص يمتلك حدّا أدنى من الموضوعية تفادي التطرق إلى القرار البحريني ومدى صوابيته وتطابقه مع القوانين المعمول بها في البلد نفسه وشرعية حقوق الإنسان المعترف بها عالميا.

تظلّ الاعتبارات المتعلقة بالبحرين ومشاكلها الداخلية شيئا والحملة التي تشنّها إيران على المملكة مباشرة وعبر أدواتها شيء آخر. كان مفهوما الكلام الصادر عن قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني” بما تضمّنه من تهديدات للبحرين.

فسليماني أخذ على عاتقه قتال أهل السنّة في العراق، وهو يشرف على عمليات التطهير ذات الطابع المذهبي في الفلّوجة وغير الفلّوجة. يُقال إنّ القائد العسكري الإيراني انتقل أخيرا إلى محيط حلب بعد سلسلة الهزائم التي لحقت بالميليشيات التابعة لإيران، وعلى رأسها “حزب الله” اللبناني، جنوب المدينة.

هناك مصلحة إيرانية في التوسّع من منطلق مذهبي قبل أيّ شيء آخر. لذلك، يبدو رد فعل سليماني طبيعيا، بل أكثر من طبيعي، متى أخذنا في الاعتبار المهمّات التي يتولاها الرجل وطبيعة العلاقات التي يقيمها مع الجانب الأميركي.

كذلك، يبدو مفهوما ردّ “حزب الله” في لبنان وحملته على البحرين وعلى المملكة العربية السعودية. مهمّة “حزب الله”، هذه الأيّام، كما في الماضي إثبات أن لبنان جرم يدور في الفلك الإيراني وأنّه على استعداد لكلّ المغامرات إرضاء لما يصدر عن “الوليّ الفقيه” في طهران، حتّى لو كان ذلك يلحق كلّ أنواع الضرر بلبنان واللبنانيين. لبنان واللبنانيون آخر همّ لدى “حزب الله”، كما أنّهم مجرّد ورقة تستخدمها طهران في اللعبة التي تمارسها في المنطقة.

ما ليس مفهوما أن يذهب المسؤولون العراقيون بعيدا إلى هذا الحدّ في إظهار تبعيتهم لإيران من جهة ونفسهم المذهبي الذي يتحكّم بتصرفاتهم من جهة أخرى. كلّ ما يمكن قوله إن موقف السيستاني الذي لم ينف حصول المكالمة الهاتفية مع عيسى قاسم نزع ورقة التين عن النظام في العراق.

لم يعد هذا النظام الذي يدّعي مقاتلة “داعش”، علما أنّه عمل كلّ شيء من أجل إيجاد حاضنة للإرهاب ذي الطابع السنّي، سوى ذراع من الأذرع الإيرانية. وكيف يمكن لبلد كبير مثل العراق أن يتحوّل ما يشبه إلى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني مثله مثل “حزب الله” في لبنان؟

ليس التدخل في شؤون البحرين، عن طريق السيستاني، خرقا لما بقي من علاقات بين العراق والبلدان العربية، خصوصا دول الخليج. ما حصل يزيل أيّ وهم لا يزال قائما في شأن إصلاح الوضع العراقي عبر إعادة إحياء ما بقي من مؤسسات الدولة.

الجيش العراقي انتهى يوم اتخذ المفوّض السامي الأميركي بول بريمر قرارا بحلّه. حلّت الميليشيات المذهبية التابعة للأحزاب العراقية مكان هذا الجيش. هذه الميليشيات كانت تحارب إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني بين 1980 و1988. صار اسم الجيش العراقي “الحشد الشعبي” الذي ليس سوى مظلة للمشروع المذهبي الإيراني في العراق.

المفارقة أنّ هذا المشروع المذهبي الإيراني في العراق الممتد في اتجاه سوريا ولبنان ينفّذ برعاية أميركية. لا اعتراض أميركيا من أيّ نوع على ما تقوم به إيران في العراق. كلّ ما هناك مباركة من باراك أوباما والمحيطين به لهذا المشروع الذي يصبّ في حروب مذهبية لا نهاية لها.

يُفترض، انطلاقا من ردود الفعل الإيرانية والعراقية واللبنانية (حزب الله تحديدا) على نزع الجنسية من رجل الدين البحريني استخلاص بعض العبر. ما يمكن استخلاصه أوّلا أن الرهان على أيّ تغيير في العراق قضيّة خاسرة. فالعراق صار محميّة إيرانية لا أكثر. وهل يستفيق الشيعة العرب في العراق يوما؟ هذا هو السؤال الكبير. هل يحصل شيء ما في إيران فتعود دولة طبيعية من دول المنطقة؟ هذا هو السؤال الأكبر.

إلى الآن لم يظهر حسن روحاني رئيس الجمهورية السابع لإيران أنّه يختلف في شيء عن “المرشد” آية الله علي خامنئي. أما في العراق، فلم يظهر حيدر العبادي أنّه مختلف في شيء عن نوري المالكي، كما لم يظهر السيستاني أنّه من مدرسة أخرى غير مدرسة العبادي والمالكي، بل هو مجرّد غطاء لهما وللمدرسة التي ينتميان إليها..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحرين تكشف العراق البحرين تكشف العراق



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 08:27 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

بعد تحوّل حرب غزّة.. إلى حرب "بيبي"

GMT 08:01 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

انتخابات الجزائر.. تبون في عالم خاص به!

GMT 11:14 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

لا حاجة إيرانية بعد... للاستعانة بابتسامة ظريف

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon