توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

'الحكيم'.. ومعالجة ميشال عون

  مصر اليوم -

الحكيم ومعالجة ميشال عون

خيرالله خيرالله

الهدف من منع مجلس النوّاب من انتخاب رئيس للجمهورية يتمثل في تمكين إيران من القول إنّها تمتلك ورقة رئاسة الجمهورية في لبنان. كذلك، تريد إيران تغيير طبيعة النظام اللبناني.

لا يمكن إلّا الترحيب بأيّ تقارب مسيحي ـ مسيحي في لبنان. حتّى عندما يكون هذا التقارب بين النائب ميشال عون، حليف “حزب الله” الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري الإيراني”، من جهة والدكتور سمير جعجع رئيس حزب “القوات اللبنانية” المتحالف مع القوى الاستقلالية اللبنانية من جهة أخرى.

في حال صفت النيّات، من شأن أيّ تقارب المساهمة في بدء البحث الجدّي في المشكلة الأساسية التي يعاني منها لبنان. هذه المشكلة مزمنة. يعود تاريخها إلى العام 1969 من القرن الماضي، عندما اضطرّ الوطن الصغير إلى توقيع اتفاق القاهرة الذي كرّس وجود سلاح غير شرعي على أراضيه.

كان هذا السلاح غير الشرعي فلسطينيا، لكنّه تحوّل، شيئا فشيئا، بعد العام 1982 إلى سلاح إيراني يستهدف مؤسسات الدولة اللبنانية. يعمل السلاح غير الشرعي هذه الأيّام على تحقيق ما عجز عنه في منتصف الثمانينات، من القرن الماضي.

وقتذاك، عمل هذا السلاح الإيراني على إغلاق لبنان في وجه العرب، فكان حريق السفارة السعودية والهجوم على السفارة المغربية. الآن، يعمل هذا السلاح، الذي استعان في العامين 2012 و2013 بحكومة “حزب الله” برئاسة النائب السنّي نجيب ميقاتي، على استكمال هذه المهمّة. يحصل ذلك عبر تصرّفات تستهدف التأكيد لكلّ عربي أنّه ليس مرغوبا فيه في لبنان.. لا كمستثمر ولا كسائح. كلّ ما هو مطلوب عزل لبنان عن محيطه العربي، خصوصا عن أهل الخليج.

عندما يزور “الحكيم” الرابية للقاء ميشال عون، يفترض به أوّلا التأكد من حصول تغيير ما في سلوك القائد السابق للجيش اللبناني الذي يدعو حاليا إلى “تحرير” جرود عرسال.

وهذا الكلام يعني، بين ما يعني، انخراط الجيش اللبناني في المغامرة السورية لـ”حزب الله” تنفيذا لخطة تصبّ في قيام دولة علوية على جزء من الأراضي السورية، على أن يكون لهذه الدولة امتداد لبناني.

أمام سمير جعجع تحدّيات كثيرة. هل يمكن، على سبيل المثال، لمثل هذا التقارب مع ميشال عون أن يشمل البحث في الدور الذي يلعبه “الجنرال” على صعيد تغطية ارتكابات “حزب الله” في سوريا؟

على الرغم من ذلك كلّه، لا يمكن إلّا الترحيب مجددا بزيارة رئيس حزب “القوات” للرابية حيث يقيم قائد عسكري لم يتردد في زجّ الجيش اللبناني في مواجهة مع الجيش السوري خريف العام 1990، من أجل أن تتمكن القوات السورية من السيطرة على القصر الجمهوري في بعبدا وعلى مقر وزارة الدفاع القريب من القصر.. تمهيدا لوضع اليد على كلّ لبنان ونقل كلّ الملفات الموجودة في الوزارة إلى دمشق!

يتجاوز الموضوع زيارة سياسي لآخر وإعلان نيّات يصدر عنها. الموضوع مرتبط في نهاية المطاف بما إذا كان في إمكان “الحكيم” معالجة حال مرضية اسمها ميشال عون، بما يساعد في عودته إلى رؤية البديهيات.

مثل هذه العودة تعني، أوّل ما تعني، أخذ العلم بالموقف الواجب أن يتخذه كلّ لبناني، تعلّم شيئا ما من تجارب الماضي القريب، عن السلاح غير الشرعي وخطورته.

إنّه السلاح الذي يتبجّح به “حزب الله” ويهدّد به اللبنانيين من كلّ الطوائف، بما في ذلك قسم من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة. هل تساهم الزيارة في جعل ميشال عون يعي أبعاد وجود ميليشيا مذهبية تابعة لإيران في لبنان؟ هل يمكن أن يعي خطورة تجاوز هذه الميليشيا كلّ المسلّمات اللبنانية والتورط في حرب يشنها النظام السوري على شعبه من منطلق مذهبي ليس إلّا؟

في كلّ الأحوال، يظلّ التقارب بين أيّ لبنانيين مفيدا، خصوصا أنّ سمير جعجع معروف بصلابته وتمسّكه بمواقفه الوطنية وبالثوابت.

انتقل “الحكيم” من قائد ميليشيا إلى زعيم لحزب سياسي يؤمن بالدولة اللبنانية ومؤسساتها. أمّا ميشال عون فقد انتقل من موظّف في الدولة اللبنانية، إلى موظّف لدى ميليشيا تعمل على تدمير مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسة العسكرية. نسي ميشال عون فجأة ما فعله “حزب الله” مع الجيش، نسي حتّى من اغتال النقيب الطيار سامر حنّا داخل الأراضي اللبنانية قبل سنوات قليلة. كان الذنب الوحيد لسامر حنّا، الضابط في الجيش اللبناني، السماح لنفسه بالتحليق فوق أرض لبنانية!

هل يمكن لميشال عون أن يتغيّر؟ إذا كان التقارب مع “القوات” سيساعد في تحقيق أيّ تغيير من أيّ نوع كان لدى ميشال عون في اتجاه إيجابي، يكون الدكتور جعجع قدّم بالفعل هدية للبنان واللبنانيين وللمسيحيين على وجه التحديد.

بعد أيّام، سيتبيّن ما إذا كان هناك ما يدعو إلى التفاؤل، علما أن تعطيل ميشال عون للعمل الحكومي لا يبشّر بالخير. هناك أسئلة عدة تحتاج إلى أجوبة واضحة. من بين هذه الأسئلة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. هل ينزل ميشال عون ونوابه إلى مجلس النوّاب للمشاركة في انتخاب رئيس أم يتمسّك “الجنرال” بمقاطعة جلسات الانتخاب.. إرضاء لـ”حزب الله” ومنْ خلف الحزب؟

الواقع أن الهدف من منع مجلس النوّاب من انتخاب رئيس للجمهورية يتمثل في تمكين إيران من القول إنّها تمتلك ورقة رئاسة الجمهورية في لبنان. كذلك، تريد إيران تغيير طبيعة النظام اللبناني. تريد تمكين “حزب الله” من أن يكون له حق الفيتو على أيّ قرار لبناني عبر نائب لرئيس الجمهورية يمتلك، بموجب الدستور، صلاحيات تنفيذية محدّدة تجعل من نائب الرئيسِ الرئيسَ الفعليَّ للجمهورية.

هذا غيض من فيض الخدمات التي يؤديها لإيران النائب ميشال عون.. الذي لم يتردّد في طلب زجّ الجيش في معارك لا طائل منها في عرسال وجرودها. تشبه تلك المعارك، المطلوب من الجيش خوضها، إلى حدّ كبير تلك التي خاضها في الأعوام 1988 و1989 و1990 مع “القوات اللبنانية” ومع المسلمين من أجل تهجير أكبر عدد من اللبنانيين، خصوصا من المسيحيين، من لبنان.

بمجيئه إلى الرابية، تصرّف سمير جعجع كرجل طبيعي يريد بالفعل طيّ صفحة الماضي. من المستبعد أن يكون ميشال عون على استعداد للإقدام على خطوة، ولو صغيرة، في اتجاه التخلّص من عقده. ليس مستعدا، أقلّه إلى الآن، للقبول بأيّ رئيس غيره.. حتّى لو أدّى ذلك إلى خراب لبنان واستمرار الفراغ الرئاسي إلى ما لا نهاية.

لن يقبل أيضا باتخاذ موقف صريح من السلاح غير الشرعي ومن الحرب التي يشنّها “حزب الله” على الشعب السوري. لن يستطيع بأيّ شكل التخلص من عقدة حلف الأقلّيات التي تتحكّم به والتي يُخشى من أن تقضي على مسيحيي الشرق عاجلا أم آجلا، خصوصا إذا لم يفكّ مسيحيو سوريا ارتباطهم بالنظام الأقلّوي فيها.

كان المجيء إلى الرابية خطوة شجاعة وجريئة لسمير جعجع الذي يبدو أنّه باشر مهمّة، أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها مستحيلة. من يدري؟ ربّما لديه ما يدعو إلى التفاؤل على الرغم من صعوبة التوفيق بين منطق الدولة ومنطق الميليشيات المذهبية التي ترى في نفسها مستقبل الشرق الأوسط.. من منطلق أن إيران ستكون القوّة المهيمنة على المنطقة وعلى كلّ ما هو عربيّ ومتعدّد ومتنوّع فيها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكيم ومعالجة ميشال عون الحكيم ومعالجة ميشال عون



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon