توقيت القاهرة المحلي 12:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بوتين وأردوغان وبينهما 'داعش'

  مصر اليوم -

بوتين وأردوغان وبينهما داعش

خيرالله خيرالله

لا رغبة جدية لدى أي طرف في القضاء نهائيا على 'داعش' لا الروسي قادر على الانتهاء من 'داعش'، ولا التركي قادر على إقامة 'المنطقة الآمنة'.

لعلّ أغرب تصريح صدر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد إسقاط تركيا القاذفة الروسية، ذلك الذي يؤكد فيه أن “جيش بشار الأسد” شريك في الحرب على “داعش”. ربّما كان التفسير الوحيد لمثل هذا الكلام، الذي يعكس رغبة في الهرب من الواقع، إصرار الرئيس الروسي على التصعيد مع تركيا في ظل حاجته الداخلية إلى ذلك.

ما يمكن أن يدعوه إلى مثل هذا التصعيد شعور بالإهانة بعد إسقاط تركيا الطائرة ورفض رجب طيب أردوغان تقديم اعتذار مباشر. اكتفى الرئيس التركي بشبه اعتذار بقوله إنّ الجهات التركية لم تكن تعرف أن الطائرة روسية، ولو تعرّفت إلى هويتها، لكانت تعاملت معها بطريقة مختلفة.

ستشهد العلاقات التركية – الروسية مزيدا من التجاذب في الأسابيع المقبلة. المهمّ أن هناك حقائق لا يمكن تجاهلها، حتّى من جانب شخص مثل فلاديمير بوتين يمتلك بلده ترسانة نووية ضخمة وكميات كبيرة من الصواريخ، بينها ما هو عابر للقارات. هل كميّة الأسلحة التي تمتلكها روسيا تغنيها عن التعامل مع الحقائق؟

يُفترض بالرئيس الروسي أن يستعيد شيئا فشيئا هدوءه، خصوصا أنّه يعرف، قبل غيره، أن النظام السوري سقط وأنّ بشار الأسد صار جزءا من الماضي. الشعب السوري قال كلمته وليس كما يدّعي وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي يصرّ على أن مصير الأسد الابن “يقرّره السوريون”.

نعم، هناك حاجة إلى “حرب برّية”، على حد قول بوتين، من أجل هزيمة “داعش” واقتلاعه من جذوره. بالطبع، الحرب البرّية ليست كافية. ثمّة حاجة بشكل خاص إلى إزالة الحواضن المتوافرة لـ”داعش”، على رأسها النظام السوري.

يمكن الاستعانة بالجيش العربي السوري في الحرب على “داعش”، بعد سقوط النظام السوري وطيّ صفحته نهائيا. سيكون في الإمكان عندئذ التعاطي مع جيش تابع لدولة تحترم نفسها وليس مع جيش في خدمة نظام امتهن الابتزاز، وممارسة الإرهاب منذ اليوم الأوّل لوصول حافظ الأسد إلى السلطة واحتكاره لها في العام 1970.


قبل سقوط النظام رسميا وخروج بشّار الأسد من دمشق، لا مجال لمشاركة “جيش الأسد” في أيّ حرب من أيّ نوع كان على أيّ شكل من أشكال الإرهاب.

الأكيد أن رجب طيب أردوغان ليس قدّيسا. ارتكب الرئيس التركي أخطاء كثيرة بسبب سياسته الهوجاء، على الصعيد الإقليمي. هذا عائد، أساسا، إلى انتمائه إلى تنظيم الإخوان المسلمين الذي خرجت منه كل التنظيمات الإرهابية والمتطرّفة، بدءا بـ”القاعدة” وصولا إلى “داعش”. هذا التنظيم هو الأب الروحي للإرهاب والتطرّف. لكن لا يمكن بأيّ شكل تجاهل النظام السوري ودوره في استخدام الإرهاب وتوظيفه خدمة لسياسة تصبّ في تكريس سوريا مزرعة للعائلة الحاكمة ولطائفة صغيرة تعتقد أن في استطاعتها التحكّم بمصير البلد وشعبه وحتّى بدول الجوار، على رأسها لبنان.

من مصلحة تركيا وروسيا العودة إلى لغة المنطق. يقول المنطق، المستند إلى الحقائق، إنّ تركيا لم تلعب الدور البنّاء الذي كان يفترض أن تلعبه منذ اندلاع الثورة السورية، وذلك على الرغم من أنّه لا يمكن الاستخفاف بتضحياتها من أجل استيعاب اللاجئين السوريين. فشلت تركيا، لأسباب مختلفة بينها الموقف الأميركي، في إقامة “منطقة آمنة” تسمح بالحد من هجرة السوريين إلى أراضيها، ومنها إلى دول أوروبا.

في المقابل، راهنت روسيا على النظام السوري وعلى انتصاره على شعبه. خاضت كلّ حروب النظام على الشعب السوري إلى جانب إيران وميليشياتها المذهبية. لكنّ روسيا اكتشفت أخيرا أنّ بقاء النظام يستدعي تدخّلها العسكري المباشر، وذلك كي يبقى بشّار الأسد في السلطة لبعض الوقت بما يسمح لها بالتفاوض على رأسه.

إنّه منطق اللا منطق الروسي. ينمّ منطق اللا منطق الذي يتّبعه فلاديمير بوتين عن جهل في طبيعة النظام السوري الذي باع علاقته التاريخية مع موسكو، بالجملة والمفرّق، كلّما دعت الحاجة إلى ذلك. هذا النظام قتل كمال جنبلاط وحارب ياسر عرفات وورّطه في لبنان كي تدفن قضيّته معه، وعمل كلّ شيء من أجل أن يصبح الإرهاب تجارة يمارسها بشكل يومي، خصوصا في علاقته مع الدول العربية الأخرى، وعلى رأسها دول الخليج العربي.

إذا كان بوتين لا يريد أن يتذكّر أن أميركا سمحت بدخول الجيش السوري إلى لبنان في أواخر 1976، بعد صدور الضوء الأخضر الإسرائيلي، فقد يكون من الأسهل عليه أن يعود إلى الماضي القريب. يستطيع، مثلا، أن يفتح ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في تاريخ لم يمرّ عليه الزمن. يستطيع أيضا العودة إلى ملفّ مخيّم نهر البارد، أي إلى رغبة النظام السوري بإقامة “إمارة إسلامية” في شمال لبنان في العام 2007، وذلك في سياق المحاولات اليائسة التي بذلها من أجل التغطية على جريمة اغتيال رفيق الحريري والجرائم الأخرى التي تلتها، بما في ذلك اغتيال مجموعة من الشرفاء اللبنانيين، آخرهم الدكتور محمّد شطح.

من هو شاكر العبسي الذي كان وراء “فتح الإسلام”، وهو تنظيم يشبه “داعش” إلى حدّ كبير؟ من أين خرج شاكر العبسي الذي وصل فجأة إلى مخيّم نهر البارد؟ ألم يكن في السجون السورية قبل هبوطه المفاجئ في المخيم الفلسطيني القريب من طرابلس؟

لا داعي إلى فتح العشرات من الملفّات التي تربط النظام السوري بكلّ ما له علاقة بالإرهاب، وصولا إلى تعاطيه المباشر مع “داعش” في سياق حربه على الشعب السوري.

مرّة أخرى، هناك مآخذ كثيرة على رجب طيب أردوغان وسياسته الإخوانية التي تصب في دعم كلّ ما له علاقة بالتطرّف في فلسطين ومصر وليبيا وتونس. لكنّ ما يصعب فهمه تلك العلاقة بين روسيا والنظام السوري الذي لم يكن لـ”داعش” أن ينمو ويتمدّد ويتوسّع لو لم يحصل على موارد من دونه.

يظل الطريق أقصر للقضاء على “داعش” بـ”التخلّص” من النظام السوري. فبشّار الأسد و”داعش” وجهان لعملة واحدة. كلّ ما تبقى تفاصيل وإصرار على الدوران في حلقة مغلقة يستفيد منها بوتين وأردوغان في إطار رغبتهما في الظهور كبطلين وطنيين، كلّ منهما في بلده. الروس يبحثون عن بطل، كذلك الأتراك. تبدو المشكلة الرئيسية لدى بوتين في أنّه تلقّى صفعة تركية تسيء إلى صورته لدى الروس لا أكثر. ربّما هي أكبر مشكلة يواجهها الآن.

إلى إشعار آخر، لا رغبة جدّية لدى أي طرف في القضاء نهائيا على “داعش”. الخوف كلّ الخوف أن يكون الشعب السوري من يدفع ثمن بطولات وهمية لم تؤدّ إلى أي نتائج على أرض الواقع. لا الروسي قادر على الانتهاء من “داعش” ولا التركي قادر على إقامة “المنطقة الآمنة”. للمرّة الألف: هل من يريد الخلاص من “داعش”؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتين وأردوغان وبينهما داعش بوتين وأردوغان وبينهما داعش



GMT 10:03 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 09:31 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 09:30 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 09:29 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 09:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 09:26 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 09:24 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon