توقيت القاهرة المحلي 13:08:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روسيا تلجأ إلى أميركا في سوريا

  مصر اليوم -

روسيا تلجأ إلى أميركا في سوريا

خيرالله خيرالله

ليس من مصلحة روسيا وضع كل بيضها في السلة الإيرانية. لدى موسكو حسابات مرتبطة بمصالح خاصة بها تفرض عليها الامتناع عن قطع شعرة معاوية مع الجانب العربي، خصوصا مع انكشاف إيران وأدواتها المذهبية.
في المعلومات المتوافرة، وهي معلومات أكيدة إلى حد كبير، أن بشّار الأسد كلّف مجموعة من مساعديه إعداد دراسة عن البيان الصادر عن اجتماع فيينا الذي انعقد في منتصف تشرين الثاني ـ نوفمبر الماضي. كان الهدف من الدراسة مواجهة وفد المعارضة في جولة المفاوضات المقبلة المتوقعة نهاية الشهر الجاري في جنيف.

فنّدت المجموعة الأسدية النقاط الواردة في بيان فيينا، وخرجت بتفسير له يصبّ في مصلحة النظام ويخدم رغبة بشّار في البقاء في السلطة متجاهلا أن بيان فيينا استند إلى بيان جنيف الصادر في 2012 الذي يركّز على أهمّية المرحلة الانتقالية. تعني المرحلة الانتقالية قيام سلطة جديدة تتمتع بكل الصلاحيات. تحلّ هذه السلطة خلال المرحلة الانتقالية مكان رئيس النظام الذي عليه أن يجد مكانا يلجأ إليه في غضون سنة ونصف سنة، أي في حدود الربع الأوّل من 2017.

ذهب أعضاء من هذه المجموعة إلى موسكو لطلب الدعم اللازم لوجهة نظر بشّار الأسد وبما يستجيب لرغباته. كان الرد الروسي أن لا مجال لإدخال أي تعديل على بيان فيينا. كذلك، أكد الرد الروسي أن بيان فيينا ليس موضع أخذ ورد، بمقدار ما أنّه توجيهات على النظام السوري التزامها بحرفيتها.

ترافقت زيارة الوفد التابع للنظام لموسكو مع تسريب واشنطن خريطة طريق تنتهي بترك بشّار الأسد السلطة في آذار – مارس 2017. هناك بكلّ بساطة توافق أميركي – روسي على بيان فيينا وعلى أن لا مستقبل لبشّار الأسد الذي بات نظامه جزءا من الماضي. كلّ ما في الأمر أنّ على رئيس النظام إعداد نفسه لمرحلة الرحيل، هذا إذا وجد مكانا على استعداد لاستقباله واستضافته.

في المعلومات الأكيدة أيضا أنّ أركان النظام السوري، على رأسهم بشّار الأسد، مصابون بخيبة بعد تسريب خريطة الطريق الأميركية. يشعر من يحتك بأهل النظام بهذه الخيبة، على الرغم من أنّ سنة وبضعة أشهر ما زالت تفصل عن موعد الرحيل الذي يمكن أن يكون في أيّ لحظة، وليس بالضرورة في آذار ـ مارس 2017، وذلك بغض النظر عن الدعم الذي يتلقاه النظام من روسيا وإيران.

ثمة عوامل عدّة جعلت موسكو تقتنع أخيرا أن لا مجال لبقاء بشّار الأسد في السلطة. من بين هذه العوامل اكتشافها أن الضربات الجوّية التي وجّهتها إلى الثوار في سوريا، وليس إلى “داعش”، لم تحقّق النتائج المرجوّة. لا وجود لقوات في تصرّف النظام قادرة على الصمود في المناطق التي ينسحب منها الثوّار نتيجة الضربات الروسية. وهذا ما يفسّر، إلى حد كبير، الحملات العشوائية ذات الطابع الهستيري لتجنيد الشباب السوري بالقوّة، في دمشق خصوصا، وإلقاء هؤلاء المجندين الجدد على جبهات القتال. هناك مرحلة تدريب لا تتجاوز أسبوعين أحيانا يليها إرسال شبان في زهرة العمر إلى الجبهة مباشرة، بل إلى إحدى الجبهات الساخنة.

بات الروسي يدرك أن عليه البحث عن مخرج من سوريا وأنّ لا أمل، في المدى البعيد، في إنقاذ النظام. كلّ ما يريده الروسي في نهاية المطاف يتمثّل في منع دول الخليج وحتّى إيران من استخدام الأراضي السورية لتمرير الغاز إلى أوروبا، وبالتالي منافسة الغاز الروسي. حدّت موسكو من طموحاتها السورية. تستخدم حاليا بشّار الأسد الذي انتشلته من الموت لتحقيق مآرب معيّنة لا أكثر.

ثمّة عامل آخر في غاية الأهمّية جعل فلاديمير بوتين يعيد النظر في حساباته السورية. يعود هذا العامل إلى هبوط أسعار النفط والغاز. ليس في استطاعة الاقتصاد الروسي الصمود طويلا في غياب التعاون مع المملكة العربية السعودية اللاعب الأهم، إلى إشعار آخر، في السوق النفطية. فعلى الرغم من كلّ ما قيل ويقال عن الوضع الاقتصادي في السعودية، اتخذت المملكة احتياطات شديدة من أجل التمكن من خوض معركة أسعار النفط والغاز لسنوات عدّة بغية المحافظة على حصّتها في السوق العالمية أوّلا، خصوصا عندما تعود إيران بقوّة إلى هذه السوق في ضوء احتمال رفع العقوبات الدولية عنها.

بكلام أوضح، على روسيا مراعاة الموقف العربي العام من مستقبل النظام السوري. لم تخف المملكة العربية السعودية موقفها الحازم في هذا الشأن، والذي يتلخّص بأنّ على بشار الأسد الرحيل بالتي هي أحسن أو بالقوّة. المهمّ أن عليه الرحيل. كلّما رحل باكرا كان ذلك أفضل لسوريا والمنطقة.

إضافة إلى ذلك، اكتشفت روسيا أنّ ليس في استطاعتها تجاهل الموقف التركي المصمّم على التخلّص من رئيس النظام السوري. الملفت أن التوتر بين موسكو وأنقرة هدأ إلى حدّ كبير، بعد الضجّة التي أثارتها روسيا إثر إسقاط سلاح الجو التركي لإحدى طائرتها المقاتلة التي تجاوزت المجال الجوي للبلد. كانت الضجة الروسية للاستهلاك الداخلي فقط. ما لبثت لغة العقل أن أخذت مكان التصعيد بعدما فهمت روسيا حدود ما تستطيع عمله وما لا تستطيع عمله.

ليس من مصلحة روسيا وضع كلّ بيضها في السلّة الإيرانية. لدى موسكو حسابات مرتبطة بمصالح خاصة بها تفرض عليها الامتناع عن قطع شعرة معاوية مع الجانب العربي، خصوصا مع انكشاف إيران وأدواتها المذهبية من نوع ميليشيا “حزب الله”. أقصى ما تستطيع هذه الأدوات عمله هو المشاركة في تجويع بلدات معيّنة كما حصل في مضايا وغير مضايا… وإثارة الغرائز المذهبية خدمة للمشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة.

بالنسبة إلى موسكو، يبدو التعاون مع واشنطن الطريق الوحيد للبحث عن مخرج. الواضح أن الإدارة الأميركية مستعدة لتوفير المخرج لكنّها ليست مستعجلة على شيء.

لم يعد الشرق الأوسط أولوية أميركية في عهد باراك أوباما. سوريا في طريق التفتت. ما الفارق إذا استغرق ذلك سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات أخرى، ما دام الأمن الإسرائيلي محفوظا في ظلّ التعاون الروسي – الإسرائيلي في هذا المجال، وهو تعاون لا تبدو إيران بعيدة عنه. ما الفارق إذا قضى أهل مضايا، أو أمكن إنقاذهم من الجوع وفكّ الحصار عن بلدتهم؟

في شأن كلّ ما له علاقة من قريب أو بعيد بالأزمة السورية، يبحث كلّ طرف معني، بما في ذلك الطرف الروسي، عن مصالحه. الغائب الوحيد هو الشعب السوري الذي يدفع حاليا ثمن كلّ هذا الظلم الذي تعرّض له منذ العام 1958، تاريخ الوحدة مع مصر التي أسست للنظام الأمني الذي أقامه البعث، على مراحل، منذ انقلاب الثامن من آذار ـ مارس 1963 الذي توّج باحتكار حافظ الأسد للسلطة في 1970. كان ذلك تمهيدا لقيام نظام نواته الأقلّية العلوية أساسا، لكنه كان في الوقعّ نظاما يغلّف نفسه بشعارات “العروبة” و”المقاومة” و”الممانعة” لتغطية الجريمة التي يتعرّض لها، ولا يزال يتعرّض لها شعب بكامله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا تلجأ إلى أميركا في سوريا روسيا تلجأ إلى أميركا في سوريا



GMT 10:03 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 09:31 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 09:30 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 09:29 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 09:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 09:26 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 09:24 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon