توقيت القاهرة المحلي 14:49:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صراع مع الرئيس أم على الرئيس.. في لبنان

  مصر اليوم -

صراع مع الرئيس أم على الرئيس في لبنان

خيرالله خيرالله

هل من الأفضل الصراع مع الرئيس، في حال انتخاب رئيس معروف بميوله، أم الأفضل الصراع على الرئيس في ظل وجود طرف معروف يمتلك قدرة استخدام السلاح لمنع انتخاب رأس للجمهورية.
كانت السنة 2015 من أصعب السنوات على لبنان في غياب رئيس للجمهورية، وفي ظلّ اهتراء مستمرّ، بل يومي، للمؤسسات يرافقه عجز عن إيجاد حل حتى لمشكلة النفايات. باتت كل المؤسسات التابعة للدولة اللبنانية مهددة في غياب أي رؤية للمستقبل.
هل يستسلم لبنان لقدره في وقت بدأ اللبنانيون يفهمون لماذا كان اغتيال رفيق الحريري ورفاقه ولماذا كانت الاغتيالات الأخرى وصولا إلى تفجير الدكتور محمّد شطح؟ كان كل اغتيال موجها إلى البلد كلّه وإلى عاصمته بيروت. في مثل هذه الأيّام قبل عشر سنوات، اغتيل الأخ والصديق والزميل جبران تويني بعد ستّة أشهر من اغتيال أخ وصديق آخر هو سمير قصير. لم يكن اغتيالهما مباشرة بعد اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، على رأسهم باسل فليحان، رجل العلم والمعرفة والاقتصاد، سوى استهداف لبيروت وأهلها. إنّه الحقد على بيروت وعلى جريدة “النهار” التي ارتبط اسمها ببيروت. مطلوب، بكلّ بساطة، القضاء على كلّ ما يرمز إلى بيروت. كان جبران وسمير جزءا لا يتجزّأ من “النهار” من روح “النهار” التي انتهت، إلى حدّ ما، للأسف الشديد باستشهاد جبران وسمير.

أكثر من ذلك، مطلوب أن لا تقوم قيامة للبنان في يوم من الأيام، وأن تصبح بيروت مدينة بائسة، بل ضاحية من ضواحي طهران!

في ظلّ حال الاهتراء اليومية، ثمّة حاجة إلى التفكير في كلّ ساعة ودقيقة في كيفية حماية لبنان ومنع امتداد الحريق الإقليمي إليه. هنا يصحّ طرح السؤال الآتي: هل من الأفضل الصراع مع الرئيس، في حال انتخاب رئيس معروف بميوله، أم الأفضل الصراع على الرئيس في ظل وجود طرف معروف يمتلك قدرة استخدام السلاح لمنع انتخاب رأس للجمهورية بطريقة ديمقراطية تليق بلبنان واللبنانيين؟

من الواضح أن لبنان أمام خياريْن أحلاهما مرّ. لكنّ ذلك يجب أن لا يمنع من التفكير الهادئ في كيفية حماية البلد في وقت تعيش المنطقة في ظل تجاذبات لا سابق لها، حتى في ظل الحرب الباردة.

هناك قبل كلّ شيء الوضع السوري. عاجلا أم آجلا، سيفيق اللبنانيون على وضع جديد يتمثّل في التعايش مع وجود مليون ونصف مليون سوري في بلدهم الصغير. يحصل ذلك في وقت اختلط الحابل بالنابل في الداخل السوري.

هناك نظام سقط، لكنه يصر على التمسك ببقايا سلطة من أجل تحقيق هدف واحد وحيد هو تفتيت سوريا، ولا شيء غير ذلك. سيترتب على لبنان المحافظة على نفسه وعلى كيانه وعلى حدوده الدولية، فيما الواضح أن الإيراني والروسي يعملان على انتزاع قطعة لكل منهما من سوريا.

تطرح المعضلة السورية تساؤلات في غاية الخطورة على اللبنانيين، بما في ذلك “حزب الله” الذي لا يزال يكابر رافضا الاعتراف بأنه أدخل نفسه، كما أدخل لبنان في حرب لا فائدة منها. لا يمكن لهذه الحرب سوى أن تعود بالويلات عليه وعلى لبنان، بما في ذلك استدعاء “داعش” إلى أراضيه، فضلا عن إثارة الغرائز المذهبية طبعا.

في مقدّمة التساؤلات المطروحة، بسبب المعضلة السورية، هل من خيار آخر أمام الحزب سوى العودة إلى لبنان، والتصرف بطريقة تؤكد أنه استوعب أخيرا أن سلاحه لا يفيد في شيء، بمقدار ما أنه خطر عليه، وعلى أبناء الطائفة الشيعية الكريمة والطوائف الأخرى.

كم لدى لبنان من القدرة على الصمود في وجه الاهتراء؟ هل الوقت يعمل لمصلحته أم لا؟ هل الصراع مع رئيس موجود في بعبدا أفضل من الصراع على رئيس يستأهل الوصول إلى بعبدا؟
مرة أخرى يصح التساؤل هل يمتلك “حزب الله” حرية قراره كي يكون في الإمكان الرهان على استيعابه المعادلة التي تقوم على أنّه يمكن أن يرى مصلحته في لبنان المزدهر القادر على مواجهة التحديات الإقليمية بعيدا عن الشعارات الفارغة والمزايدات التي لا معنى لها عن “مقاومة” و”ممانعة” و”جيش وشعب ومقاومة”؟

في النهاية ما علاقة المقاومة، إذا كان من مقاومة، بالحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري من منطلق مذهبي ليس إلا.. أو من منطلق المصالح الروسية التي تشمل منع الغاز الخليجي من الوصول إلى أوروبا عبر الساحل السوري؟

هناك حال غليان في المنطقة كلها. من المفيد أن يفكر اللبنانيون في كيفية البقاء خارجها. صحيح أن ذلك أمر في غاية الصعوبة، لكن الصحيح أيضا أنه ليس أمرا مستحيلا. هناك بلدان يسيران في اتجاه التفتيت هما سوريا والعراق. وهناك توتر تركي- روسي يرافقه بدء المسؤولين الأتراك الحديث عن خطورة السياسة ذات الطابع المذهبي التي تلجأ إليها إيران.

هناك فوق ذلك كلّه تفكير تركي في كيفية الحصول على مكاسب معيّنة في حال تقسيم العراق وسوريا. تركيا لا تزال في الموصل العراقية وفي حلب السورية، على الرغم من الكلام الرسمي عن سحب قسم من قواتها من الأراضي العراقية.. المستباحة إيرانيا!

متى تمعنّا في كل هذه التطورات المحيطة بلبنان، والمترافقة مع وجود إدارة أميركية تختزل كلّ أزمات الشرق الأوسط بالملفّ النووي الإيراني، يبدو ضروريا التسبيح بحمد الله في كلّ لحظة.

هناك بكلّ بساطة وضع في غاية التعقيد، بل يزداد تعقيدا كل يوم. كيف التعاطي مع هذا الوضع بوجود سياسيين لبنانيين قلّة منهم تعرف شيئا عن الشرق الأوسط وخارطته، فيما هناك قوّة فاعلة، هي “حزب الله”، منغمسة كليا بكل مشاكل المنطقة وأزماتها وتعتبر نفسها طرفا فيها، من اليمن إلى البحرين، وصولا إلى سوريا والعراق.

من هذا المنطلق، يبدو الهدوء ضروريا وتبدو الحاجة أكثر من أي وقت إلى البحث عن مخارج. هل من مخرج في ظلّ إصرار إيران على التعويض عن خسائرها في سوريا عبر التمسك أكثر فأكثر بالورقة اللبنانية؟ من الصعب الإجابة عن السؤال، لكن من السهل تصور وجود سباق بين الاهتراء الداخلي اللبناني والاهتراء الداخلي الإيراني وحتى الروسي.

لم يعد بعيدا اليوم الذي تكتشف فيه إيران أنها لا تمتلك الوسائل التي تضمن لها الاستمرار في مشروعها التوسعي، لا في سوريا ولا في لبنان ولا في اليمن، ولا حتى في العراق.

ما ينطبق على إيران ينطبق أيضا على روسيا، لا لشيء سوى لأن مستقبل النظاميْن في البلدين يقررهما سعر النفط والغاز الذي يتهاوى.

في النهاية، اقتصاد البلدين يقوم على النفط والغاز ولا شيء آخر غيرهما. هل من فشل أكبر من هذا الفشل للنظامين المشاركين في الحرب على الشعب السوري؟

كم لدى لبنان من القدرة على الصمود في وجه الاهتراء؟

هل الوقت يعمل لمصلحته أم لا؟ هل الصراع مع رئيس موجود في بعبدا أفضل من الصراع على رئيس يستأهل الوصول إلى بعبدا؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع مع الرئيس أم على الرئيس في لبنان صراع مع الرئيس أم على الرئيس في لبنان



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon