توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

'عاصفة الحزم'… وسقوط الحلم الإيراني

  مصر اليوم -

عاصفة الحزم… وسقوط الحلم الإيراني

بقلم خيرالله خيرالله

لم تكن 'عاصفة الحزم' عملية عسكرية فقط. كانت عملية ذات طابع سياسي أكدت أن ليس في الإمكان تجاهل المصالح العربية، وأن الكلام عن سيطرة طهران على أربع عواصم عربية كلام سابق لأوانه.
بعد سنة على “عاصفة الحزم”، يتأكّد خطأ الذين اعتقدوا أن في استطاعتهم فرض أمر واقع في اليمن. حققت العملية العسكرية التي قادتها المملكة العربية السعودية الهدف الأساسي المتمثل في عدم سقوط اليمن في يد إيران.
كان هناك حلم إيراني بالوصول إلى باب المندب والسيطرة على ميناء عدن وتحويل الحدود الطويلة بين اليمن والسعودية مصدر تهديد مستمر للمملكة وللدول الخليجية. إضافة إلى ذلك، يشكل اليمن موقعا استراتيجيا يمكن لإيران الانطلاق منه للقيام بمغامرات جديدة في مختلف بلدان القرن الأفريقي، مثل إثيوبيا وأريتريا والسودان وجيبوتي، وصولا إلى مصر.

نجد الآن عدن خارج سيطرة الحوثيين (أنصار الله)، الذين كانوا يعتقدون بعد وضع اليد على صنعاء في الحادي والعشرين من أيلول ـ سبتمبر 2014 أنهم باتوا “الشرعية الثورية” وأنّ ليس في استطاعة أي طرف إيقاف تمدّدهم. بدت شهيتهم للسلطة لا حدود لها، خصوصا بعدما سهل لهم التحالف الذي أقاموه مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الالتفاف على تعز واختراق المحافظات الجنوبية والوصول إلى مضيق باب المندب ذي الأهمّية الاستراتيجية الكبيرة.

كانت استعادة عدن، عاصمة الجنوب، الصيف الماضي نقطة تحوّل في هزيمة المشروع الإيراني الذي كان “حزب الله” في لبنان مكلفا به. لو لم يكن الأمر كذلك، لما كان كل هذا الصراخ الصادر عن الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله.

كان ملفتا تصاعد الحملة التي يشنّها نصرالله على المملكة كلّما تراجع المشروع الإيراني في اليمن، وصولا إلى الوضع القائم الآن، وهو وضع يتميز بالمنافسة القائمة داخل صنعاء بين “أنصار الله” من جهة، وحزب الرئيس السابق “المؤتمر الشعبي العام”. انحصر همّ كل طرف من الطرفين في الأيّام القليلة الماضية في إفهام الآخر أنّه صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في صنعاء وذلك مع إعلان إسماعيل ولد الشيخ ممثل الأمين للأمم المتحدة عن اتفاق على وقف “الأعمال العدائية” الشهر المقبل، تمهيدا لبدء جولة جديدة من المفاوضات اليمنية – اليمنية، قد تنعقد في الكويت.


كان ملفتا على هامش مرور سنة على بدء “عاصفة الحزم”، ذلك الخطاب الفارغ من أي مضمون الذي ألقاه زعيم “أنصار الله” عبدالملـك الحوثي. تحدّث الحوثي عن “اللغط” الذي يحيط بوجود وفد من “أنصار الله” في السعودية والأسباب التي دفعت أعضـاء الوفد إلى دخـول أراضـي المملكـة. زاد عبدالملك الحوثي اللغط لغطا. لم يجب عن السؤال الأساسي المتعلق بالحل السياسي.

هل يريد “أنصار الله” المشاركة في الوصول إلى حل سياسي أم لا، خصوصا أن البيان الصادر عشيـة بدء “عاصفة الحزم” أكّد أن هدف العملية العسكرية التوصل إلى حل سياسي. يقوم هذا الحل على ما نصّتْ عليه المبادرة الخليجية ونتائج ما توصل إليه مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر أشهرا عدة. خرج هذا المؤتمر بقرارات في حاجة إلى تصحيح وتوضيح، خصوصا بالنسبة إلى جعل اليمن “دولة اتحادية ذات ستة أقاليم”. لماذا لا يحصل هذا التصحيح والتوضيح؟

بدل أن يضيع عبدالملك الحوثي نفسه ويضيع اليمن واليمنيين بكلام من النوع المضحك – المبكي عن تحالف قائم بين السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، كان الأجدر به أن يتذكّر أنه قدم أكبر خدمة لإسرائيل عندما رفع “أنصار الله” شعار “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود”.

هل من خدمة أكبر من هذه الخدمة لإسرائيل التي أخرجت قبل أيام، بفضل تفاهم مع بعض الحوثيين، تسعة عشر يهوديا من يهود اليمن ونقلتهم إلى تل أبيب؟ كان هؤلاء بين مجموعة قليلة من اليهود مازالت في اليمن وكانت معهم نسخة من التوراة، محفوظة في البلد، تعتبر من بين الأقدم في العالم.

كان كلام عبدالملك الحوثي بعيدا عن الواقع. كشف أنّه لا يعرف شيئا عن العلاقة بين السعودية والإدارة الأميركية، كذلك لا يعرف شيئا عن إسرائيل التي لا مصلحة لها في الوقت الراهن سوى بالتفرج على ما تسبب به الحوثيون من عزلة لليمن ومن إفقار لبلد فقير أصلا، بل هو أفقر بلدان المنطقة.

جميل أن يستفيق أحدهم على القضية الفلسطينية هذه الأيّام، لكنّ الأجمل من ذلك أن يقتنع بأن كل ما يفعله بدءا برفع شعار “اللعنة على اليهود”، وهو شعار عنصري، خدمة مجانية لدولة عنصرية تريد أن تظهر في كل وقت في مظهر الضحية.

يحتاج اليمن، في الوقت الراهن، إلى بعض الواقعية بدل الكلام عن القضية الفلسطينية و“المؤامرة” الكونية التي يتعرّض لها البلد. يحتاج اليمن إلى حلّ سياسي وصيغة جديدة لبلد منهك يعيش معظم سكانه تحت خط الفقر. لم تكن “عاصفة الحزم” عملية عسكرية فقط. كانت عملية ذات طابع سياسي أكّدت أن ليس في الإمكان تجاهل المصالح العربية، وأن الكلام عن سيطرة طهران على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، كلام سابق لأوانه.

لن تخرج المزايدات اليمن من أزمته العميقة. سبق لكثيرين أن حشدوا في صنعاء، خصوصا في المرحلة التي سبقت محاولة اغتيال علي عبدالله صالح في يونيو 2011. تبيّن في نهاية المطاف أن التظاهرات لا تقدّم ولا تؤخر، كذلك الصراع الدائر داخل أسوار صنعاء. ثمّة حاجة إلى استيعاب أن “عاصفة الحزم” لن تتوقف في غياب الحل السياسي الذي يضمن عدم تحوّل اليمن إلى مستعمرة إيرانية تهدّد السعودية ودول الخليج العربي.

هناك مكان للجميع في أي تركيبة جديدة لليمن. لا أحد يستطيع إلغاء الحوثيين الذين تعرّضت منطقتهم لظلم تاريخي منذ قيام الجمهورية في العام 1962، لكن هذا شيء وأن يحكم “أنصار الله” البلد كلّه، وأن يجروا مناورات عسكرية على الحدود السعودية، شيء آخر.

لا يستطيع أحد إلغاء أحد في اليمن. لكنّ لا أحد يستطيع إلغاء الواقع القائم على أنّ لا مفرّ من حل سياسي يأخذ في الاعتبار كلّ المكونات اليمنية، خصوصا استحالة استمرار الوحدة من جهة، والعودة إلى حل الـدولتين (الشمـال والجنوب) مـن جهة أخرى.

هل هناك من يريد استيعاب الواقع الجديد لليمن، ومخاطر انتشار “القاعدة” وإرهابها في مناطق مختلفة، أم هناك من يريد استمرار الصراع الدائر داخل أسوار صنعاء؟ بدأ هذا الصراع في العام 2011 بحجة أن “الربيع العربي” بلغ اليمن، وأن الإخوان المسلمين باتوا مهيئين لتولي السلطة. لن ينجح “أنصار الله” حيث فشل الإخوان. البداية تكون بأن يأخذ كل طرف يمني حجمه الحقيقي في حال كان مطلوبا إنقاذ ما يمكن إنقاذه من البلد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاصفة الحزم… وسقوط الحلم الإيراني عاصفة الحزم… وسقوط الحلم الإيراني



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 08:27 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

بعد تحوّل حرب غزّة.. إلى حرب "بيبي"

GMT 08:01 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

انتخابات الجزائر.. تبون في عالم خاص به!

GMT 11:14 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

لا حاجة إيرانية بعد... للاستعانة بابتسامة ظريف

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon